مبادرة السيسي الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن تحقّق حُلم «إخوان الشيطان» في مصر في الوصول إلى السلطة عام 2012، حاول التنظيم الإخواني اتخاذها نقطة انطلاق نحو تحقيق مشروعه في المنطقة، الذي وجد له مؤيدين من قوى وفصائل متطرفة ودول غربية وعربية مساندة لمشروعهم التآمري على مصر والوطن العربي، تحت التستر برداء وعباءة الإسلام!

لكن الوقت لم يسعف التنظيم كثيراً لتنفيذه على أرض الواقع، حيث رفض الشعب المصري سياسة وفلسفة الإخوان في الحكم، وخرج بحشود هائلة تدفقت إلى الشوارع والميادين في 30 يونيو، اعتبرت من أكبر الحشود البشرية التي تخرج لتنادي بالتغيير في ثورة شعبية عارمة أذهلت العالم وأربكت حسابات من راهنوا على حكم الإخوان، ما أدى إلى تدخل الجيش بناء على رغبة الملايين الثائرين المرددين في هتافاتهم المدوية للعالم أجمع «يسقط يسقط حكم المرشد».

وهي تلك البداية التي بزغ فيها نجم عبدالفتاح السيسي، الذي كان آنذاك وزيراً للدفاع، عندما لبى نداء الشعب المصري وزلزل «مملكة الإخوان الإرهابية» برؤية توافقية مشتركة تمت بينه وبين إخوته من قادة الجيش المصري. ومن ثم تم انتخابه رئيساً لمصر بنسبة لم يحظَ بها رئيس قبله...!

وقديماً نادى «فلاسفة العقد الاجتماعي»، وفي طليعتهم جون لوك وتوماس هوبز، بأن الدولة نشأت في أعقاب نهاية عصر الإقطاع، بموجب عقد بينها وبين مواطنيها، على أن تقدم لهم الخدمات الضرورية التي هم في أمس الحاجة إليها، ليمنحوها تفويضاً بالحكم نظير رعايتها لهم، وتوفير الغذاء «والدواء» والمسكن والعمل المضمون.

وفي ذات السياق، صار من حق مواطني أي دولة المطالبة المشروعة بإشباع حاجاتهم الضرورية، وصار لزاماً على دولة العقد الاجتماعي، توفير تلك الضروريات لمواطنيها، ما داموا يعيشون بولاء تام لها وانصياع لقوانينها التي تنظم حياتهم، لأن الدولة تكتسب شرعيتها من النظم والتشريعات التي تضبط حياة الناس لضمان استقرارهم... وهو الأمر الذي أكده الرئيس السيسي، في أحد لقاءاته وحواراته الإعلامية قبل ترشحه لمنصب الرئاسة، أنه لن يترشح للرئاسة من دون تفويض من الشعب والجيش، قائلاً:

«لا أسعى للسلطة ولن أطلبها.. التحديات التي تواجه مصر كبيرة وضخمة»، الأمر الذي رد عليه الحضور بهتافات تطالبه بالترشح. وقال رداً على تلك المطالبات: إن الدستور يمثل ثلث الطريق في خريطة المستقبل، ولا أريد أن يتحدث أحد نيابة عن المصريين «فالحكم عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم..».

لقد استطاع السيسي خلال الخمسة أعوام من توليه الرئاسة أن يقدم لمصر ما لم يقدمه غيره في سنوات طوال؛ والأهم من كل الإنجازات التي قام بها السيسي أنه وضع مصر على طريق الاستقرار والتنمية. والأمن والأمان!

كما استطاع السيسي أن يساير دول الغرب في التعامل معها بسياسة قائمة على «الندية والصداقة» في آن واحد، ويؤسس لمشروعات مستقبلية وحيوية هامة، كالمشروعات العقارية والاستثمارات في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى الاستثمارات العربية والإنفاق على البرامج والمشروعات الاجتماعية.

أما المشروع القومي الحيوي الأهم الذي قدمه السيسي لشعبه فهو مشروع قناة السويس الجديدة والمؤتمر الاقتصادي الذي دعا لعقده العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه مؤازرة لمصر بعد أزمتها والذي نتج عنه اتفاق المشروع العملاق وهو التأسيس لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة. ومما لا شك فيه أن الدولة المصرية واجهت في الماضي انتقادات حادة.

على أنها لا تولي اهتماماً كافياً بالملف الصحي للمواطن المصري البسيط. أما الآن فها هي تنطلق بقوة وبعزيمة وإصرار بطواقمها الطبية المؤهلة ومسؤوليها في القرى والنجوع وكافة المناطق السكانية في الجمهورية في مبادرة إنسانية أخلاقية نبيلة؛ هدفها صحة كل مواطن مصري أياً كان؛ المبادرة أطلقها الرئيس السيسي تحت شعار 100 مليون صحة وبالمجان هدفها تعزيز صحة المصريين والقضاء على فيروس «سي» والكشف عن الأمراض غير المعدية، ورؤية المبادرة تتمثل في مصر خالية من فيروس سي، والوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، رسالتها «الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي).

وتقديم خدمة المتابعة والتقييم» بالمجان من خلال مراكز العلاج ووحدات الصرف المنتشرة في جميع المحافظات، والكشف المبكر عن مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والسمنة بين السكان المصريين من خلال تنفيذ حملة وطنية للكشف المبكر مع تعاون قطاعات متعددة وتعزيزه لتخفيف أعباء المرض والوفيات التي يمكن تجنبها بسبب الأمراض غير السارية.

الرئيس عبدالفتاح السيسي استطاع أن ينقل مصر نقلة نوعية، بعد أن أنقذها من براثن «إخوان الشيطان»، ليضعها على طريق التنمية الحقيقية الشاملة، التي ستجعل منها دولة حديثة العهد قوية بأبنائها الأقوياء الأصحاء؛ مدركاً أن الصحة عامل مهم ومؤثر في تقدم الشعوب وتنميتها الحقيقية.

* كاتبة إماراتية

Email