تكريم حكيم العرب على أرض السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت شاهداً على مشهد تكريم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، فعقب جلسة «نموذج محاكاة القمة العربية الأفريقية»، التي عقدت بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان تم الإعلان عن تكريم حكيم العرب تقديراً وعرفاناً لمواقفه الوطنية والعربية ورؤيته الثاقبة، وحكمته كأحد الزعماء المؤثرين عالمياً ولما حققه لوطنه وأمته من إنجازات تاريخية.

الرئيس السيسي أثناء التكريم كان حريصاً على تأكيد الدور التاريخي العظيم لحكيم العرب في المنطقة.

اللافت في مشهد التكريم أنه بمجرد ذكر اسم الشيخ زايد ضجت القاعة تصفيقاً حماسياً ووطنياً من قبل شباب مشاركين من 165 دولة وجنسيات وديانات مختلفة، وهنا تستوقفنا ملاحظة مهمة وهي أن هذه الأجيال المتحمسة للتكريم لم تعش زمن الشيخ زايد، ولكنها السيرة الطيبة والإنجازات الحقيقية، والثبات عند المبادئ، والمواقف العروبية المضيئة التي سجلها التاريخ له دفعت شباباً من مختلف دول العالم إلى هذا الحماس أثناء تكريم هذا الرمز والقيمة والمعنى العظيم لسيرة حكيم العرب التي توارثتها الأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل.

اللافت أيضاً أن تكريم حكيم العرب جاء بصحبة شخصيتين تاريخيتين رسمتا بمواقفهما العظيمة تغيرات جوهرية لمصلحة بلدانهما، وكانت له معهم مواقف تاريخية وهما الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، فعلاقته بالرئيس السادات كانت عميقة وتوطدت علاقة مصر بالإمارات، نظراً لمواقف الشيخ زايد، عندما بدأت حرب أكتوبر 1973، كان الشيخ زايد في زيارة إلى بريطانيا، ولم يتردد بإعلان دعمه لمصر في حربها.

وكان الرئيس السادات أثناء توتر العلاقات المصرية بقادة الدول العربية بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل يرى أن الشيخ زايد الصديق الذي يمثل حلقة الوصل بين جميع القادة العرب ومصر.

أما علاقته بالزعيم نيلسون مانديلا فنذكر أن الشيخ زايد استقبل يوم السادس من ديسمبر 1998 مانديلا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بقصر الوثبة، ووصفه بأنه زعيم تاريخي له مكانته الدولية، وقلد حكيم العرب خلال اللقاء الرئيس مانديلا وسام زايد الأول ووصفه بأنه زعيم له قدر كبير من الاحترام في المجتمع الدولي، وكذلك تقديراً لجهوده في خدمة وطنه وإقرار الوحدة الوطنية في جنوب أفريقيا.

ما بين علاقة الشيخ زايد بالزعيمين السادات ومانديلا ثمة عقيدة ثابتة لدى حكيم العرب تجاه العرب، فقد كان لديه إيمان راسخ بالتضامن العربي، حيث دعا إلى إيجاد تعاون بين جميع الدول، مبني على مبادئ الصداقة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ففي أكتوبر 1980 نادى الشيخ زايد بعقد قمة عربية لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية، التي كانت دائرة بين طوائفها المختلفة، وفي هذا الخصوص صرح قائلاً: «يجب على كل عربي ألا يتخلف عن تأدية واجبه في لبنان أو فلسطين، أو في أي مكان آخر في العالم العربي».

أيضاً كان اهتمامه الدائم بالحفاظ على التضامن العربي هو ما دفعه إلى المطالبة بعودة مصر إلى «جامعة الدول العربية» في قمة عمّان، التي عقدت في أكتوبر 1987، وفي أثناء الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1991، كان الشيخ زايد من أوائل القادة العرب الذين نادوا بالمصالحة، وتجلى أيضاً اهتمامه بحفظ السلام في عملية «استعادة الأمل» في الصومال، التي قادتها الأمم المتحدة في عام 1992.

Email