نحن دول المواجهة

ت + ت - الحجم الطبيعي

«محور المقاومة» عرفناه سابقاً كمصطلح يجمع الدول والحركات التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي وتقاوم التطبيع معه، وتواجه العدو الإسرائيلي باعتباره دولة معتدية محتلة مستعمرة سلبت حق الفلسطينيين وأرضهم. دول الخليج العربي الآن في مواجهة مستعمر آخر، وهي تعد مع حلفائها دولاً للمواجهة مع «المستعمر الإيراني» باعتبار إيران دولة محتلة تستعمر أكثر من دولة عربية كالعراق وسوريا واليمن وتسعى للسيطرة على دول أخرى من خلال تدخلها في شؤونهم ومن خلال دعمها جماعات مسلحة تعمل داخل تلك الدول.

ويتشكل هذا المحور من دول خليجية الإمارات والبحرين بقيادة المملكة العربية السعودية ومعها مصر والأردن والمغرب وحلفاء دوليون غير ثابتين كالولايات المتحدة الآن في عهد ترامب الذي وصلت قناعة إدارته لمثل قناعاتنا بأن إيران مصدر الإرهاب في العالم، ومعنا - ربما - بعض الدول الأوروبية وروسيا والصين بمواقف تتغير حسب مصالحها الخاصة لا حسب مبادئها!!

نحن إذاً إمام مواجهة الخطر الإيراني الذي أطلق صواريخه علينا وسلح ميليشيات تقاتل أجهزتنا الأمنية وجيوشنا نحن أيضاً شكلنا محوراً للمقاومة حفاظاً على قوميتنا العربية وسيادتنا وكرامة أمتنا وأهدافنا لا تختلف عن أهداف محور المقاومة الأول.

فالاحتلال واحد حتى لو تدثر تحت غطاء ديني أو عرقي أو أي ذريعة، وحتى لو وجد له مجموعات تفتح الباب وتدعوه للتواجد على أرضها، فيبقى وجوده ونفوذه احتلالاً، فهناك فلسطينيون داخل إسرائيل بل داخل الكنيست نفسه يوجد أعضاء فلسطينيون، فهل ذلك ينفي صبغة الاحتلال عن إسرائيل؟

من دول الخليج يموت على أرضنا أبناؤنا تسيل دماؤهم على أرصفتنا دفاعاً عن كرامة الأمة العربية جمعاء، من عدوان غاشم، نحن الذين قدمنا الشهداء من أبنائنا فمات منا البحريني والإماراتي والسعودي دفاعاً عن كرامة أمه بأسرها لا عن كرامة دول الخليج فحسب، في مواجهة عدو العرب إيران ولم نسأل أين أبناء يعرب؟ أين القوميون العرب؟ أين محور المقاومة الأول الذي دعمناه بكل ما نملك طوال سبعين عاماً؟ أم أن المقاومة لها مقاسات؟ والاحتلال له ألوان؟

وليت العديد ممن امتنع عن دعمنا، اكتفى بالامتناع فقط، إنما اصطف مع المحتل ضدنا؟ وطعننا في ظهرنا ويده كانت بيد الإيراني وأعان على إلحاق الضرر بنا.

صحيح أن دول الخليج العربي دعمت «محور المقاومة الأول» بالمال وبالمواقف السياسية وبالمشاركة في جميع حروبه ضد إسرائيل من عام 1948 إلى اليوم، أكثر من سبعين عاماً وأهل الخليج وحكامها معهم بالروح بالدم بالمال، وقدموا الكثير وخسروا الكثير وضحوا بالكثير وما زالوا، إنما لم يطالبوا أحداً من دول المواجهة أو محور المقاومة الأول بأن يحاربوا نيابة عنهم أو يتبرعوا لهم أو يقدموا أي دعم لهم، كل ما طالبوا به أن يكف محور المقاومة الأول شره عن محور المقاومة الثاني، فهل هذا كثير؟

Email