أفريقيا جنوب الصحراء والحد من الفقر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحسب تقرير «غول كيبرز» للعام 2018، فإنه بحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش 86 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع على امتداد العالم في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، التي ينبغي أن تكون محور «الموجة الثالثة للحد من الفقر» على مدى العقود المقبلة.

وأوضح التقرير أنه منذ عام 2000، فإن أكثر من مليار شخص قد انتشلوا أنفسهم من الفقر المدقع، وهو عدد ضخم لدرجة أنه من المستحيل تقريباً تقييم حجم هذا الإنجاز. وأشار التقرير إلى أن الموجة الأولى للحد من الفقر تركزت في الصين، فيما تركزت الموجة الثانية في الهند.

ونتيجة للنجاحات التي تحققت في آسيا في هذا الشأن، فإن جغرافية الفقر آخذة في التغير، فالفقر المدقع يتركز بشكل كبير في البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.

وتحمل التجربة الآسيوية دروساً مستقاة في أفريقيا جنوب الصحراء. وأن الناس قد لا يزالون فوق خط الفقر المدقع الذي يبلغ الدخل اليومي فيه 1.90 دولار، لكن يمكنهم البدء بالتفكير أبعد من ذلك بمجرد خوض صراع البقاء والنظر إلى المستقبل بتفاؤل كبير.

سجل مثير للإعجاب ومع إعطاء الأولوية العالمية لجهود التخفيف من حدة الفقر في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يشعر المحللون أن المنطقة يمكن أن تستفيد من تجربة الصين التي لديها سجل مثير للإعجاب من مساعدة 800 مليون شخص من الفقر في الأربعين عاماً الماضية.

وقال هانا رايدر، الرئيس التنفيذي لشركة «ري إماجيند»، وهي شركة استشارية دولية في مجال التنمية مقرها في بكين: «لقد بلغت نسبة الحد من الفقر الآن على مستوى الصين وأكثر من 100 دولة أفقر في العالم أكثر من 75 في المئة، ومن المؤكد أن الصين شهدت جهوداً كبيرة ونجاحاً ملحوظاً في هذا الشأن. ولم يتمكن بقية العالم من مساعدة العديد من الفقراء في الحصول على حياة أفضل».

وقد كتب نيكولاس روسيلليني، المنسق المقيم في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الصين في مقالة افتتاحية لصحيفة تشاينا ديلي: «إن النمو السريع للصين والحد من الفقر استحوذا على قدر كبير من الاهتمام من البلدان الأخرى التي تأمل في التعلم من تلك التجربة».

أضاف: لم تتبن الصين أبداً المناهج والبرامج العشوائية، ولكنها كانت دائماً مفتوحة للتعلم منها، ودراستها بعناية، وعند الضرورة، تكييفها مع ظروفها واحتياجاتها الخاصة. ويمكن أن تقدم تجربتها كنموذج للبلدان النامية الأخرى. من خلال توضيح الطريقة المناسبة لاستخدام موارد المعرفة التي يمكن للعالم أن يقدمها للدول التي تسعى لرسم مسارها نحو مستقبل أفضل.

وكمساهم في هذا الجهد، نشر الفريق الدولي التابع للأمم المتحدة، بالتعاون الوثيق مع وزارة التجارة الصينية، والمركز الدولي للحد من الفقر في الصين، والأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، كتاباً جديداً بعنوان «هدفنا المشترك: التجربة الدولية في خفض الفقر».

وقال روسيلليني: «هذا الكتاب يستخلص مجموعة واسعة من الخبرات الابتكارية في مجال الحد من الفقر من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عمل وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات التنمية الأخرى والبرامج الحكومية وفي بعض الحالات عمل المنظمات غير الحكومية ومراكز الأبحاث».

ولاحظ أنه من الأمور الأساسية لنجاح الصين المبكر في الحد من الفقر على نطاق واسع، كان نموذجها للتخطيط المركزي، إلى جانب التركيز على التنمية الاقتصادية، لا سيما من خلال التصنيع وتوفير البنية التحتية ذات الصلة وإعطاء الأولوية للتعليم للجميع.

واستشهد بالدروس الخمسة التالية من التجربة الصينية التي يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في مساعدة بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنجاح في التخفيف من حدة الفقر: 1. في المراحل المبكرة، يجب التركيز على التنمية الاقتصادية المخطط لها، وخاصة توفير البنية التحتية. 2. التصنيع أمر بالغ الأهمية للتنمية.

استخدام المناطق الاقتصادية الخاصة في: تجميع الموارد النادرة مثل الطاقة والبنية التحتية وتحويلها إلى نشاط إنتاجي للغاية، وإيجاد فرص عمل لآلاف الأشخاص. 3. في المراحل المبكرة، يجب التركيز أيضاً على توفير التعليم للجميع.

لا يمكن أن تكون هناك تنمية بدون تعداد سكاني (ملاحظة: الصين أعطت الأولوية للتعليم على توفير الخدمات الصحية). 4. الثقة والتفاوض بجد. وعلى وجه الخصوص، إدارة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بعناية والعمل الجاد للحصول على أفضل نتيجة.

عدم التضحية بالسكان المحليين واحتياجات النمو لجذب المستثمرين. 5. تغيير نموذج التخفيف من حدة الفقر بمرور الوقت مع تطور البلد، والبدء في استهداف فئات محددة من السكان بصورة متزايدة، واستثمار المزيد من الإيرادات الضريبية في قضايا القدرات البشرية الرئيسية الأخرى مثل الصحة.

واعترافاً بأن الصين تساعد الدول الأخرى، بما في ذلك دول أفريقيا جنوب الصحراء، في جهودها للحد من الفقر، دعا رايدر إلى اتباع نهج أكثر شمولية في تبادل الخبرات.

 

 

Email