الاقتصاد يقود قاطرة التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقد من الزمان انصرم منذ أن شهد العالم تلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أثرت في جميع مفاصل الاقتصاد وقطاعات الدول الخدمية واستراتيجياتها. عشر سنوات تغيرت خطط بعض الدول واستراتيجياتها إثر أعنف أزمة اقتصادية تهز العالم من أقصاه إلى أقصاه منذ عام 1929. لم تسلم دولة من الدول من تأثيرات تلك الأزمة وانعكاساتها على مفاصل الاقتصاد.

فمنذ العام 2008 والاقتصاد العالمي يدور في حلقة مفرغة من حالة عدم التعافي أحياناً والتأثيرات السلبية التي ترمي بظلالها على البشر والحجر أحياناً أخرى. دول عدة، من ضمنها دول الخليج، اتخذت إجراءات وتدابير لمواجهة تلك الأزمة والحد من تأثيراتها على حركة التنمية. فقد تميزت دول الخليج عن غيرها بخطها التصاعدي في حركة التنمية.

وعلى الرغم من تلك الاجراءات الاحترازية إلا أنه لا يمكن فصل اقتصاد الخليج عن غيره، وهكذا برزت من جراء تلك التذبذبات الاقتصادية قضايا لا بد منها مرتبطة بالتغير الاقتصادي منها البطالة وارتفاع أسعار السلع الغذائية وأسعار مناولة الخدمات وغيرها من القطاعات التي تذبذبت أسعارها ارتفاعاً وهبوطاً.

وفي الوقت نفسه تذبذبت أسعار سلع مرتبطة بحياة الناس كأسعار النفط والغاز والعقار الأمر الذي انعكس على الأوضاع المعيشية للكثير من البشر. أضف إلى ذلك ما شهده العالم من كوارث طبيعية وحروب ونزاعات أثرت على حياة الملايين من البشر وأسفرت عن موجات من المهاجرين واللاجئين والجوعى والفقراء.

فطبقاً لدراسة علمية نشرتها منظمة الأمم المتحدة مؤخراً تتعلق بأنماط الهجرة وأعداد المهاجرين حول العالم فإن تلك الدراسة أظهرت بعض النقاط التي يجب الالتفات إليها.

فقد أشارت الدراسة إلى ارتفاع أعداد المهاجرين وأولئك الذين يعيشون خارج بلدانهم الأصلية واللاجئين الذين يحتاجون إلى العون والمساعدة خاصة أولئك اللاجئين من البلدان التي تضررت بالكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات والذين يعانون من نقص الغذاء والدواء.

هذه المتغيرات كان لا بد لها أن ترمي بظلالها على دول الخليج التي كان عليها التحرك، باعتبارها من أكبر الدول المانحة للمساعدات لمد العون تارة ومعالجة الآثار التي ترتبت على تلك المتغيرات تارة أخرى.

الأمر الذي يثير اهتمام المراقبين هو صمود وتماسك دول الخليج مقارنة مع غيرها من الدول. فدول الخليج دول نفطية أولاً وجاذبة للعمالة والاستثمار ثانياً، وبالتالي لا تستطيع إلا أن تكون ضمن دائرة المتغير الاقتصادي الذي يحصل في العالم.

في الوقت ذاته تعد دولة الإمارات أنموذجاً يجسد ما يحدث في العالم من متغيرات سريعة. فهي دولة تعد غنية وجاذبة للاستثمارات العالمية. فما حدث في الإمارات في العقد الأخير يعد تغيراً جذرياً بكل المقاييس.

فقد كان له انعكاساته الكبيرة على الاقتصاد والمجتمع الأمر الذي يحتاج إلى دراسات معمقة لمعرفة الآثار بعيدة المدى لهذه المتغيرات. فقد ظهرت أنماط معيشية جديدة كما تغيرت أنماط الهجرة القادمة إلى مجتمعنا.

في الوقت نفسه تغيرت أنماط الحياة في بعض مدننا التي طالتها المتغيرات الديمغرافية وآثار المتغيرات الاقتصادية كالغلاء والتضخم. ومع تواصل زخم النمو الاقتصادي نجحت بعض القطاعات في تحقيق مكاسب واضحة، بينما تأثرت قطاعات أخرى.

وكان لاعتماد أحدث التقنيات تأثير بارز في مجالات تحسين الأداء والتنافسية، وفي حين أن ذلك تسبب في الحد من الوظائف الجديدة في بعض القطاعات، فقد تحسنت أحوال البعض الآخر وخاصة العاملين في القطاعات التي غالباً لا تتأثر بالمتقلبات الاقتصادية وأهمها قطاع المواد الغذائية والخدمات.

وبالتزامن مع ذلك أدى ارتفاع الإيجارات وارتفاع الرسوم إلى التأثير على أداء الأعمال ومزاولتها، غير أن الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية سارعت إلى اتخاذ إجراءات ومبادرات عديدة، بما في ذلك خفض الرسوم وإجراءات تحفيزية أخرى.

إن مدننا التي كانت دوماً صديقة وجاذبة للأعمال والاستثمارات ويتعين أن تظل بمنأى عن تداعيات هذه المتغيرات الاقتصادية الراديكالية الطاردة للأعمال، وخاصة تلك التي يقف خلفها ويمولها الشباب. العديد من الشباب لديهم الكثير من الأفكار التي يمكن متى ما نفذت أن تدفع الشاب بعيداً عن الوظيفة الحكومية وتنعش الاقتصاد وتخلق فرص عمل جديدة في المجتمع.

 

 

Email