الإمارات ومصر في نيويورك

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط عشرات اللقاءات، التي شهدتها أروقة اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الـ73 طوال الأسبوع الماضي، يظل لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية والتعاون الدولي سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان له أهمية وطابع خاص، لما يربط الدولتين الشقيقتين من علاقة متميزة وخصوصية تمثل نموذجاً للتعاون الاستراتيجي البناء بين الدول العربية، إذ تظل العلاقة الإماراتية المصرية علامة بارزة في تاريخ هذه الأمة وحكاية يكتبها التاريخ بكل زهو وفخر، وترددها الأجيال ويزداد بريقها وقيمتها، كلما مرت عليها الأزمنة.

اللقاء بين الرئيس ووزير الخارجية بالأمم المتحدة جاء وسط توجه مصري قاطع وحاسم في حتمية الحفاظ على الدول الوطنية، وكشف التحديات التي تهددها دون أية مجالات للحلول الجزئية.

جلسة الحوار اتسمت بالصدق والإخلاص في جميع الملفات التي تم طرحها لا سيما أن التحديات مشتركة ومتشابهة، والوقوف علي قلب رجل واحد بات واجباً وطنياً للحفاظ على استقرار المنطقة، فالعمل المشترك بين الإمارات والسعودية ومصر جعل هذه الدول في مكان أفضل، ولها ثقل في صناعة القرار الإقليمي.

قضايا عديدة ناقشها اللقاء لكن القضية الجوهرية هي تلك التي كانت واضحة في كلام سمو الشيخ عبدالله بن زايد عندما منح ثقته التامة في قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وقيادتي الإمارات والسعودية في مواجهة التحديات، خاصة الإيرانية والجهات التي تدعمها وتأثيرها المباشر وغير المباشر على أمن المنطقة، فهذا اللقاء يأتي وسط تطورات على الصعيد الإقليمي ومخاطر يتعرض لها الأمن القومي العربي، وبالتالي فإنها تتطلب ضرورة التصدي لهذه التحديات بمنتهى الحزم والوقوف صفاً واحداً في مواجهة كل التدخلات والمحاولات التي تستهدف النيل من أمن واستقرار الدول العربية، هذا فضلاً عن أن الرئيس السيسي كان حريصاً كل الحرص على أهمية الاستمرار في التباحث بين الجانبين المصري والإماراتي بشأن الملفات الإقليمية المختلفة والأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة وأفضل السُبل للتعامل معها، وتسويتها بما يُنهي المعاناة الإنسانية الناتجة عنها، ويحفظ وحدة تلك الدول، ويصون مقدرات شعوبها.

اللقاء تناول سبل تطوير العلاقات بين البلدين خاصة تفعيل اللجان المشتركة وصب الاهتمام أكثر حول العلاقات التي تربط بين مواطني البلدين، وهنا واجب علينا التذكير بتاريخ العلاقات الإماراتية المصرية التي تعود إلى ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة هي دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي دعمتها مصر وأيدت بشكل مطلق الاتحاد الذي قامت به دولة الإمارات، كما تعد مصر من بين أولى الدول التي اعترفت بالاتحاد الجديد فور إعلانه، ودعمته دولياً وإقليمياً كونه ركيزة للأمن والاستقرار، وإضافة قوة جديدة للأمة العربية ويسجل التاريخ للمغفور له الشيخ زايد أنه الرجل الذي غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد العلاقات الإماراتية المصرية بالرعاية والعناية ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها، وظلت القيادة الإماراتية الحالية حريصة على توريث هذا الميراث الكبير في تاريخ العلاقات الإماراتية المصرية من خلال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، إيماناً بحتمية التضامن العربي، وقد تمثل ذلك في الدعم السياسي الإماراتي لمصر بعد ثورة 30 يونيو، عبر موقفها الذي تجلى في مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالاتصال بالقيادة المصرية الجديدة، معرباً لها عن عزم الإمارات الوقوف إلى جانب مصر، ودعم شرعية مطالب شعبها.

Email