أهم قناة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعددت القنوات التلفزيونية، محلية وعالمية، وتضاعفت الموجات الإذاعية بصورة لم يسبق لها مثيل، وكأن ذلك كله لا يكفي، فأحالت التكنولوجيا الحديثة ملايين وربما مليارات أجهزة التليفون المحمول وأجهزة الكومبيوتر واللاب توب، إلى مصادر «إخبارية»، أصبحت السيطرة عليها، بالصمت أو التجاهل، ضرباً من الخيال، أو بالأحرى من الوهم.. والأكيد أن دول العالم بأسره تسلم بهذا الواقع الجديد وأنها بالتالي تعمل على مواجهته، ولا سيما أن بعض المواقع تابعة لأجهزة مخابراتية تستخدم ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا)، لأهداف مختلفة، من أولوياتها، بل على رأسها الحرب.

فالحرب التي كانت تشن بأسلحة فتاكة ومكلفة، باتت في عصر تكنولوجيا المعلومات، تسعى إلى تحقيق مآربها، بترويج كل ما من شأنه تدمير بلد أو مجتمع، بإطلاق قدر هائل من الشائعات والمغالطات والأكاذيب، وهي مستجدات تتطلب وعياً شديداً في المجتمعات المتقدمة، فما بالك بالدول النامية والتي تتراوح فيها نسب الأمية من ١٠٪ إلى ما يقارب ٨٠٪ أحياناً، ناهيك عن أحوال التردي الثقافي وسيطرة خطاب، يتسربل بعباءة الدين، بينما هو ينفذ أجندات كشفت عن بعضها، سنة حكم جماعة الإخوان، والتي يمكن تلخيص توجهها في خطاب الرئيس الأسبق مرسي إلى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز، وقد وصفه بالصديق العظيم، ووقع بصديقك الوفي، ولكن ما أعتبره طعنة نجلاء، أو قل جريمة فعلاً، هو قول مرسي لبيريز: أتمنى لبلادكم الرغد، حتى إنني لم أتمالك أعصابي وكتبت مقالاً بعنوان «بيريز يا راجل؟» وقلت له فيه، إنه أول مسؤول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يتمنى لإسرائيل الرغد، وأعتقد إنني لست وحدي التي تعتبر أن القناة التي يمكنها أن تبتلع كل القنوات الثعبانية والموجات المعادية وإبطال تأثيرها، هي قناة التواصل بين الدولة والجماهير، نحن في حالة حرب حقيقية، الباب كان مفتوحاً على مصراعيه، لوجوه طفت على السطح بعد يناير 2011، وتضاربت الأقوال والآراء والمواقف، بصورة مفزعة، فلم يعد المواطن يعرف، أين الدولة من آماله وأحلامه التي تصور أنه بالغها حتماً بعد ثورة حقيقية، حتى لو تم السطو عليها، وكادت تسحب الوطن إلى الهاوية، لولا الوعي الشعبي الفريد والذي فجر ثورة يونيو، أكبر ثورة في التاريخ البشري، وقد تصادف أن التقيت مرة، رئيس الحكومة وقتها، المهندس شريف إسماعيل والذي حققت وزارته إنجازات كبيرة واضحة وقلت له إنني أتمنى أن أسمع صوته وصوت أعضاء حكومته، لأنه لا بد من وجود جسر بين الدولة والمواطنين حيث لا يُعقل أن تكتفي الحكومة بلقاءات الرئيس السيسي وخطاباته التي يستقبلها معظم المواطنون بثقة كبيرة، تنتاب بعدها الإعلام المعادي حمى مسعورة لزعزعة الثقة بكلام الرئيس وإطلاق أكاذيب، يستحيل أن تكون صادرة عن هواة، بل تنفجر كالبلاعات الكريهة وكأنها آلات تحركها أصابع خفية.. والمحزن أنه لا أحد يفند هذه الأكاذيب ولا أحد يتصدى لها وكأنها لا تعنينا، كما تغفل الدولة أهمية تسليط الضوء على ما يتم من إنجازات بحيث يلتف المواطنون حولها، تشجيعاً وحماية بإيمان صادق.

لا بد من طرح التوجهات والمشروعات لحوار موضوعي محترم بين المسؤول والمواطن فهذا هو الضمان الوحيد لمشاركة الشعب في حماية مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة.

إن الإعلام الواعي الجاد هو أهم أسلحتنا في هذه المرحلة التي تعتبر في رأيي، الأصعب في تاريخنا الحديث، ووجود وزير إعلام، مؤهل حقاً ومؤمن بحق الشعب في المعرفة، شرط لا بد منه حتى يكون بمثابة قناة اتصال وتواصل بين الطرفين المكونين للوطن، حكومة وأهالي.

Email