توجيهات لأبنائنا الطلبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التعليم أساس نهضة الدول وتقدمها، وحجر الزاوية في تنميتها وازدهارها، ولذلك تسعى الدول لتقوية نظمها التعليمية، وتحسين جودتها، ووضع ذلك في رأس أولوياتها، لتوائم متطلبات العصر، وتتيح للطلاب امتلاك مهارات القرن الواحد والعشرين، فمع التطور المعرفي والتقني المتسارع الذي يشهده العالم اليوم تتنوع المهارات التي يحتاجها الطلاب، مثل مهارات التفكير؛ كالتفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات بالأساليب المتميزة، وكذلك المعرفة الرقمية، لإنتاج أجيال مبدعة تساهم في بناء وطنها بأحدث العلوم والتقنيات المعاصرة، وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله أن «رهان دولة الإمارات هو الاستثمار في التعليم؛ لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق في مرحلة ما بعد النفط».

وهذه الحقائق يجب أن تكون ماثلة في عقول أبنائنا الطلبة، ليعوا حقاً أهمية التعليم وثمراته، ومن واجب الأسر غرس ذلك فيهم وتذكيرهم بذلك، فاستشعار أهمية الشيء من أكبر الدوافع للاهتمام به والتركيز عليه، سل نفسك أيها الطالب: لماذا أتعلم؟ ما أهمية التعلم في حياتي؟ ماذا سأجني من وراء ذلك؟

وماذا سيجني وطني من ذلك؟ ستجد أجوبة كثيرة تضيء لك الطريق، وتدفعك نحو التعلم بخطى متسارعة متلهفة، فاجتهادك في التعلم يعني أنك ستصبح أوسع علماً ومعرفة، وأكثر تحصيناً من الجهل بأنواعه، وأكثر فرصة للإسهام في الحياة والتعامل مع المشكلات، وأكثر قدرة على خدمة نفسك وأسرتك وبناء مجتمعك ووطنك، وبالتعليم تغرس في نفسك الثقة وتنمي مواهبك وتحقق طموحاتك، وتقدم إسهامات كبيرة للبشرية بإبداعاتك، وتلتحق بركب العلماء الذين خلد التاريخ ذكرهم، وقد نوه العلماء منذ القديم بفوائد التعلم التي لا حصر لها.

وهذا يقودك إلى أمر آخر، وهو أن التعلم منهج حياة، يجب أن يصاحبك أينما كنت، ليس في الفصل الدراسي فقط، بل في أي زمان ومكان، فاحرص دائماً على توسيع حصيلتك المعرفية، واربط ما تتعلمه بواقع الحياة وما تبصره وتراه، وأكثر من سؤال: كيف؟ ولماذا؟

وابحث عن الأجوبة، وحرِّك عقلك دائماً، ليصبح التفكير رياضة حياتية لك، ولا يكن همك مجرد الحفظ والتلقي، بل امزج ذلك بالفهم والاستيعاب والمشاركة الفاعلة والمناقشة الهادفة وحسن السؤال والجواب، وذلك من شأنه أن يغرس في نفسك روح الإبداع والتألق، فما العباقرة إلا بشر مثلك، فلتكن واحداً منهم.

ومن أهم ما ينبغي لك أيها الطالب أن تحقق أكبر استفادة وأنت على مقاعد الدراسة، بأن تستجمع تركيزك أثناء الحصة الدراسية، ولا تجعل شيئاً يشتت ذهنك، وتكون آذاناً صاغية لمعلمك قلباً وقالباً، وتثق بقدراتك على الفهم والاستيعاب، ولا تستصعب شيئاً، وتشارك ما استطعت، ولا تخشى الخطأ، فالخطأ طريق للنجاح، وإذا عدت إلى المنزل فنظِّم وقتك أحسن تنظيم، وأعط كل شيء حقه، واحرص على أداء وظائفك، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

واعتمد على نفسك ما استطعت، ولا يكن هدفك الوحيد الظفر بالدرجات العالية فقط، بل اجعل ذلك هدفاً من أهدافك، وليكن شغلك الشاغل تحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية والارتقاء بنفسك، فتشعر حينئذ بمتعة التعلُّم، ويصبح الكتاب من أعز أصدقائك.

واعلم أيها الطالب أن المدرسة ميدان رحب لتنمية ذكائك العاطفي والاجتماعي، الذي يمكِّنك من إدراك مشاعرك ومشاعر الآخرين، وإتقان فن التواصل معهم، والقدرة على تكوين الصداقات المثمرة، والتعاون مع الآخرين، ومساعدتهم، والتنافس الشريف معهم، ولذلك احرص على أن تتخلق بأجمل الأخلاق مع الجميع، وخاصة مع معلميك.

وكذلك زملائك، عاملهم باحترام، وأتقن لغة الإنصات والتحدث، وأحبب للجميع ما تحب لنفسك، وتخلص من المشاعر السلبية التي قد تواجهك، فالإنسان كائن اجتماعي، لا يستطيع أن يعيش بمفرده، ولا غنى له عن بني جنسه، وغداً ستواجه معترك الحياة، وتخالط أصنافاً من الناس، فاغتنم فرصة وجودك على مقاعد الدراسة، وعود نفسك حسن التعامل مع أقرانك ومعلميك، وكن قدوة في سلوكك وحسن تصرفك.

أبنائي الطلبة؛ إنكم ثروة الوطن الغالية، وأمله الفسيح، فبكم ينهض، وعليكم يستند، وأنتم محل عناية ورعاية من قيادتكم الحكيمة، التي تبذل الغالي والنفيس من أجلكم، وقد وفَّرت لكم صروح العلم، ويسرت لكم سبل التعلم، وفتحت لكم آفاق الإبداع والابتكار، فجدُّوا واجتهدوا، لتردوا الجميل لوطنكم وقيادتكم، وتكونوا رُوَّاد معرفة وبُناة حضارة وصُنَّاع مجد.

واعلموا أن ذلك يأتي بالمذاكرة والاجتهاد وبذل التضحيات، والتغلب على الصعوبات من دون يأس ولا استسلام، وذلك هو طريق النجاح والتفوق في أي ميدان، وهكذا سلك العظماء في كل القرون، وقد قال الشاعر: بقدر الكدِّ تُكتسب المعالي، ومن طلب العلا سهر الليالي، فانطلقوا إلى ساحة العلم والمعرفة، وكونوا شعلة وقَّادة من النشاط والاجتهاد، فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.

نسأل الله أن يوفق أبناءنا الطلبة، وينير طريقهم، ويجعلهم ذخراً وفخراً لوطنهم.

 

 

Email