ثقافة التحسين المستمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضع المفكر، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبدأ مفصلياً ومحوراً رئيسياً أمام القادة والشعوب سواء العربية أو الأجنبية، يتلخص في مبدأ «المسؤولية المشتركة» لبناء الأمم والأوطان، ويضع على عاتق الدولة مسؤولية وواجباً يتطابق مع مسؤوليات وواجبات كل فرد للنهوض والتطور.

يطلق الشيخ المفكر نظرية مهمة تاريخية تتعلق بأهمية تجديد وتطوير «رأس المال الفكري» ويضع رؤى مستقبلية تهتم بنشر سياسات الاستثمار في رأس المال الفكري عبر مسارات الإبداع والابتكار واستشراف المستقبل، والتي يمكن أن يُطلق عليها نظرية «ثقافة التحسين المستمر»، ونظرية الشيخ المعلم ليست مجرد فكرة فلسفية، بل هي نتاج التجربة الناجحة في ميادين عدة مثل تطوير رأس المال البشري الإماراتي في مجال تقنيات علوم الفضاء بإعداد رواد فضاء إماراتيين ووضع خطة لمئة عام، تهدف إلى بناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر، والوصول بمسبار الأمل الإماراتي إلى كوكب المريخ في العام 2021.

إذاً، يدعو الشيخ المفكر دائماً، بوضوح لا لبس فيه، إلى ضرورة اقتران الابتكار بالإنتاجية في منظومة التطور الفردي والجماعي، والتي تكشف عن رؤى سموه العميقة في المقارنة بين التقدم والتراجع، بين التطور والتخلف، بين الشباب والشيخوخة، وكذلك المقاربة بين الدولة والفرد، وكيف تصبح صناعة الفرد وتطوره كونه قائداً ناجحاً هي صناعة شاملة للدولة إذا أصبح التغيير أساساً لـ «ثقافة التحسين المستمر».

يرى الشيخ المفكر، في مواضع عدة، أن الدول والشباب العربي ليس لديهم ما يمنعهم من مواكبة آخر النسخ العالمية من الابتكار إذا كان لديهم رغبة في «التعلم» و«التطور»، وأن الزمان كفيل بتعليم «المتخلف» الذي يرفض «التغيير»، وبطريقة قاسية، كيف يتراجع بينما يتقدم الآخرون، ويصبح نموذج دولة الإمارات وبما تملكه من بنى معرفية عالية، وما حققته من تطور وتغيير جذري شاهداً على التكامل بين الدولة والفرد، بين القيادة والشعب، في إرساء ثقافة التحسين المستمر.

نقرأ في رؤى «الشيخ المفكر» أهمية الدعم السياسي لثقافة التطور والتحسين، حيث يتقدم القائد الصفوف لفتح الأبواب على مصراعيها نحو المستقبل، وبفضل هذا الدعم نرى الوعي المجتمعي في الإمارات راح يشكل القاعدة الصلبة لنهضة قطاع الذكاء الصناعي مثلاً، وكذلك هندسة الإجراءات الحكومية وتحويلها إلى إجراءات تقنية ذكية، تنافس دول العالم المتقدم، أليس الدعم السياسي المطلق هو المحرك الأول للتطور والتحسين المستمر؟

تتلخص ثقافة التحسين المستمر، حسب قراءتي لرؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بأهمية تحويل الثروة ورأس المال البشري إلى ماكينة تنتج المعرفة، بالطبع ليست المعرفة المتراكمة، بل المعرفة القادمة أو المستقبلية، أي أن يقبل الفرد التغير والتغيير والتحسين ليصبح قادراً بشكل متواصل ودائم على استشراف المستقبل، ثم التخطيط له بشكل مبدع ومبتكر، فيتحول تلقائياً، كل فرد، ليصبح منصة خاصة لاستكشاف المعرفة.

من وجهة نظري، فإن تحقيق رؤى «الشيخ المفكر» تتطلب إعادة هيكلة لطريقة تفكيرنا في الماضي والحاضر والمستقبل، بمعنى أن نتحول من مستهلكين للمعلومات ومستخدمين للمعرفة إلى منتجين، والذي لن يحدث، حسب الشيخ المفكر، إلا إذا سعينا إلى التغيير وقبول ثقافة التحسين المستمر، وبالتالي يتحول المجتمع كله إلى مجتمع علمي وتقني، يوفر بيئة حاضنة للمبتكرين تسهم بخلق أفكار إبداعية، يمكنها معرفة المستقبل وصياغة المنظومة التي تلائمه في كل مجالات الحياة.

مما لا شك فيه أن كل تحسين هو تغيير، وعليه يصبح كسر حاجز الخوف والتحلّي بالجرأة لتحسين مهاراتنا وقدراتنا، ونقلها من مستوى إلى آخر، هو «تغيير» موفق.

 

 

Email