أوروبا والاعتماد على الطاقة الروسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة بوضوح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس صديقاً لأميركا، وهو يتحلى بالمهارة والدهاء للغاية.

وقد أثبت بوتين من خلال تصرفاته أنه ينظر إلى كل شيء بوصفه وسيلة محتملة للحصول على مزايا اقتصادية وسياسية وعسكرية. وإحدى أقوى أدواته هي موارد الطاقة، وقد استغل اعتماد أوروبا على هذه الموارد لتعزيز موقفه. وبعض القادة الأوروبيين ابتلعوا الطعم عن رضا.

هذه هي النقطة التي أثارها الرئيس دونالد ترامب في قمة الناتو هذا الشهر، وكان يشير إلى ما كان يعرفه جميع الحاضرين، وهو أن اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي يقوض أمنها.

ويدرك ترامب، كما أظهر مؤخراً في محادثاته مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أن بإمكان الولايات المتحدة ويجب عليها أن تساعد في حل هذه المشكلة، من خلال توفير احتياطات أميركا من الغاز الطبيعي لأوروبا، وهذا يسهم في تخفيف قبضة بوتين الاقتصادية على أوروبا.

أوروبا تحتاج بشدة للغاز الطبيعي بصورة متزايدة، وقد ارتفع الاستهلاك الألماني بمفرده من الغاز الطبيعي بنسبة 22 في المئة من عام 2014 إلى عام 2017. وروسيا هي بالفعل المورد المهيمن في أوروبا، وتوفر نحو 40 في المئة من واردات الغاز الطبيعي لبلدان الاتحاد الأوروبي.

وتحصل ألمانيا على أكثر من 50 في المئة من وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي تعتمد على استيراد الغاز الطبيعي سنوياً بنسبة 100 في المئة.

هذا لا يمكن أن نسمح له بالحدوث، فعندما تسيطر دولة مثل روسيا، على الكثير من الأسواق في هذه الدول، فإنها ستتمتع بسلطات احتكارية. وقد رأينا بوتين يستخدم غازه الطبيعي لتهديد بلدان أخرى. وقطعت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوكرانيا في الأعوام 2006 و2009 و2014، وضمت شبه جزيرة القرم بهدف منع وصول أوروبا إلى موارد الطاقة هناك.

بعض الدول الأوروبية تدرك هذا الخطر، فقد انتقدت بولندا خط أنابيب نورد ستريم 2، كما تعتزم وقف استيراد الغاز الطبيعي الروسي بحلول عام 2022. وأبدت أوكرانيا ودول البلطيق معارضتها استخدام خط الأنابيب الجديد، فهذه الدول لديها ذكريات حية لما تبدو عليه هيمنة بوتين على الطاقة كونها سلاحاً سياسياً واقتصادياً يمكن استخدامه ضدهم.

في العام الماضي، منح الكونغرس الرئيس ترامب سلطة فرض عقوبات على خطوط الأنابيب الروسية. لقد أوضحنا أننا نريد تقليص مخاطر غزو الطاقة الروسي في أوروبا.

ويتعين على الكونغرس الآن اتخاذ الخطوة التالية وتفويض العقوبات ضد أي فرد أو شركة تساعد روسيا على مد خط أنابيب الغاز الطبيعي الجديد، كما يجب على الشركات التي تساعد في تمويل المشروع أن تختار بين إسقاط دعمها لروسيا أو مواجهة قيود اقتصادية مثل منع نشاطها في الولايات المتحدة.

من الواضح أن هذه العقوبات لا تؤثر على روسيا فحسب، إذ إن لديها تأثيراً على البلدان الأخرى كذلك. وهذا ينطبق بشكل خاص على ألمانيا، التي لديها علاقات اقتصادية قوية مع موسكو. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شاركا بفرض العقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014، ما أثر على الشركات الألمانية التي تتعامل مع روسيا بشكل خاص.

ومن خلال زيادة صادرات الغاز الطبيعي الأميركي، يمكن للولايات المتحدة مساعدة حلفائها في الناتو على تفادي تأثير التسليح الروسي القوي. فأميركا هي المنتج الرائد في العالم للغاز الطبيعي النظيف والمتعدد الاستخدامات.

ولدينا الكثير من الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات الأميركيين وزيادة صادراتنا منه إلى أوروبا.

وقد وجدت الدراسات المستقلة أن الأسعار ستظل منخفضة حتى مع صادرات الغاز الكبيرة. والآن نحتاج فقط إلى إزالة العقبات التنظيمية وإظهار أن الغاز الطبيعي الأميركي هو خيار أكثر حكمة من الغاز الروسي بالنسبة للحلفاء الأوروبيين.

عندما ينظر بوتين إلى الغاز الطبيعي، يفكر في السياسة، وفي المال والسلطة. من مصلحة الأمن القومي الأميركي مساعدة حلفائه على الحد من اعتمادهم على الطاقة الروسية. نحن بحاجة إلى توضيح مدى أهمية ذلك لأمنهم الخاص.

إن تحالف حلف الناتو لدينا قوي، ولكن إنهاء اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية سيجعله أقوى.

 

عضو مجلس الشيوخ الأميركي

Email