رضا الموظفين والقياديين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمضيت بضع سنوات في إعداد أطروحة الدكتوراه عن القيادة وعلاقة أحد أنماطها بسلوك الموظفين، وفي مقدمتهم رضاهم في بيئات العمل. ولأن إرضاء الناس غاية لا تدرك تفتقت أذهان العلماء فجرَّبوا إحصائياً عشرات المعايير التي تبين أنها تقيس بالفعل مدى رضا الناس. وقد قرأت ما لا يقل عن 15 معياراً منها.

المهم أنني توصلت في دراستي إلى أن رضا الموظفين ينعكس بوضوح على الأداء الوظيفي، خصوصاً إذا كان المرؤوسون يعملون في ظل شخص يتحلى بمهارات قيادية مؤثرة، هو القائد التحويلي TL.

وقرأت العديد من الأبحاث التي أظهرت أنه حينما يكون الموظف راضياً ينعكس ذلك بوضوح على أدائه وعلاقاته مع محيطه من الزملاء والعملاء والمراجعين في الدوائر الحكومية.

من هنا سعدت كثيراً حينما قرأت تصريحاً من رئيس حكومة دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يقول فيه إنه بعد دراسات القطاعات الحكومية في الإمارات تبين أن هناك خمس جهات بلغ مستوى الرضا فيها نحو 60 في المئة، هو غير راضٍ عن ذلك، لأن معظم الجهات معدل رضا العاملين فيها يصل إلى 93 في المئة.

جميل أن تفكر أي حكومة في "مربط الفرس"، وهو مدى رضا أعداد هائلة من العاملين فيها، لأن تحسين مستويات الرضا سيلقي بظلاله على أداء أفضل في الدوائر الحكومية، فترتقي البلاد بخدماتها ويشعر الناس بالسعادة.

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نرضي الموظفين في كل مكان؟

أرى أن تأمل وجود الخارجين من غرفة المدير بعد التقييم السنوي خير دليل على مدى رضاهم. والمتأمل لما يهمس في أروقة العمل من أسباب عدم رضاهم يجدها تنحصر في عدم التقدير المادي والمعنوي.

فمن غير المعقول أن أتوقع ابتسامة الرضا ترتسم على محياي فرد لا يتمتع بالحد الأدنى المادي والمعنوي مقارنة بأقرانه بالجهات المماثلة الأخرى. كيف يرضى موظف وهو يكابد عناء البحث عن آذانٍ صاغية لكبار المسؤولين الجالسين في أبراجهم العاجية، وما أكثرهم في شتى بقاع العالم. كيف يرضى شخص لا يشعر بالأمان الوظيفي لأن خطأ بسيطاً قد ينسف رصيد تفانيه، فيعرضه للفصل أو النفي في مناطق نائية أو تجريده من صلاحياته. كيف يرضى شخص يرى أن مؤسسته تعاني من وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب. هذه كلها مشكلات لا تخلو منها بيئات عمل في العالم.

ولذا نحن في عالم الإدارة نحاول فقط أن نصلح ما يمكن إصلاحه، وإن كان إرضاء الناس غاية لا تدرك.

 

كاتب كويتي

Email