إيران وتهديد الملاحة الدولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاعتداء، أخيراً، على ناقلتي النفط التابعتين للمملكة العربية السعودية في البحر الأحمر من قبل ميليشيا الحوثي ينبه المجتمع الدولي بأكمله بأن عاصفة الحزم لم تكن حملة عسكرية تستهدف الدولة اليمنية بقدر ما أنها مواجهة الطموحات الإيرانية القائمة على تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي، وعلى المجتمع الدولي اليوم تحمل مسؤولياته تجاه ما يقوم به من تهديد لسلامة حركة الملاحة وتجاه الدعم الملاحي والعسكري من النظام الإيراني. لأنه من غير المنطق أن يتراخى الغرب، خاصة الدول الأوروبية، وكذلك «صبر» المبعوث الدولي، مارتن غريفيث، الطويل للحوثيين إلى درجة القلق والشك من صدق المساعي التي يبذلها، إلى درجة يشعر معها المراقب بالملل في إنهاء تمرد جماعة خارجة على القانون، الأمر الذي يدعو دول التحالف العربي إلى عدم التأخر في الدفاع عن مصالحها وفق ما تراه مناسباً خاصة فيما يخص صادراتها النفطية.

فتقديرات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات منذ عام 2015 أنه لا يجب أن يسمح للنظام الإيراني بأن يتدخل في الشأن اليمني، الخاصرة الرخوة للأمن الخليجي، باعتبار أن أي وجود عسكري إيراني هناك ليس فقط تهديداً للاستقرار العربي من خلال تواجدها على باب المندب وخليج عدن وإنما خوفاً من فرض سيطرتها على تلك الممرات، وهذا معناه تهديد الممرات الدولية للنفط وما فعلته الأذرع الإيرانية هي إشارة غير مريحة لكل الأطراف المعنية بالاستقرار في العالم، وبالتالي فإنها لن تغلق باب الغضب الدولي عليها بل تؤكد ما سارت عليه التقديرات السعودية والإماراتية حول هذا النظام وأذرعه.

وكان قرار السعودية ودولة الإمارات بالتدخل في اليمن لحماية الأمن القومي العربي صائباً كما أثبتته الأيام، بلا شك فإن قرار السعودية في تعليق تصدير نفطها إلى الأسواق العالمية سيعجل من تحرك الأوروبيين للتحرك ضد ممارسات إيران فهي رسالة خليجية إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عموماً ممثلة في الأمم المتحدة حول أهمية تحمل مسؤولياتها تجاه الفوضى التي تقوم بها وعدم المماطلة في تطبيق القرارات الدولية لإعادة الشرعية سلماً لأن الخيار العسكري سيكون موجوداً.

بعض السياسيين في العالم العربي والغربي لم يستدركوا خلال المرحلة الماضية الخطر الذي تمارسه الأذرع الأمنية للنظام الإيراني، المتمثلة في الميليشيات، مثل الحوثي، نتيجة لقصر نظر بعضهم ولعدم إدراكهم للمخططات الإيرانية، أو لأن التفاصيل لم تتضح بشكل نهائي. إلا أن العملية الأخيرة، يفترض، أنها حسمت الموضوع على نحو لا يقبل الجدل أو هكذا يفترض، وبالتالي فإن المسؤولية تتطلب من الجميع أن يتحملها في وضع حد للغطرسة الإيرانية، وإلا فإن الأمر لن يكون نهاية المطاف ولكنه حلقة في مسلسل يزعزع الهدوء والاستقرار الدوليين.

عيب النظام الإيراني، وهي من جانب آخر ميزة، أنه بدلاً من التهدئة مع التوجه العالمي ضده لتخفيف الضغط الدبلوماسي الدولي المزعج عليه، وبدلاً من أن تجنيب شعبه الذي تعب من مغامراته أزمات جديدة، وكي يتفرغ للتنمية ومهمات أخرى تجعل من بلاده دولة طبيعية في النظام العالمي، فإن الخطوة التي قام بها من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، إن هي لم تضع حداً لسلوكياته. والحقيقة أن ممارسات النظام الإيراني التي تمارس أخطاء يستفيد منها الآخرون تذكرنا بممارسات نظام صدام حسين، فعوضاً عن التفكير في احتياجات الشعب نجده يركز على الخارج فتكثر أخطاؤه، وهذا هو الحاصل الآن مع نظام الملالي الذي يرتكب أخطاء «باللاوعي».

في ضوء هذا الحادث على المجتمع الدولي بمختلف أجهزته أن يتجه نحو اتخاذ إجراءات حاسمة من أجل وضع حد للأذرع الإيرانية في المنطقة، خاصة الحوثيين الذين يماطلون في تسليم مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإيقافها عن سياسة إنتاج أزمات جديدة تهدد الاستقرار الدولي، في وقت الجميع يعمل على إيجاد الحلول لها (في آسيا تهدئة الطموحات النووية الكورية الشمالية وفي أفريقيا المصالحة بين أريتريا وأثيوبيا).

الأمر يحتاج إلى إجبار إيران دولياً على الخروج من اليمن، وإضعاف أذرعها في المنطقة بما فيها حزب الله اللبناني لأن هذا يمثل إحدى ضرورات الاستقرار الدولي الاقتصادي والسياسي.

 

كاتب إماراتي

Email