قطر والإخوان.. طريق ومصير واحد

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما كانت مصر تستعد للاحتفال بالذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم الإخوان الفاشي، كان علينا أن نشهد حملة مسعورة من جانب بقايا الجماعة الإرهابية، ومن جانب إعلام «الجزيرة وأخواتها» القطري تستخدم كل وسائل التضليل الإخواني المعروف للتحريض ضد مصر، ولنشر الأوهام حول ما سيشهده 30 يونيو هذا العام، وفقاً لخيالهم المريض من تحركات شعبية ضد الدولة!!

وجاء 30 يونيو، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن إجراءات الإصلاح الاقتصادي، ليؤكد مرة أخرى الحقيقة التي لا يريد «الإخوان» أن يفهموها، ولا تستطيع قطر أن تستوعبها. وهي أن إسقاط حكم الإخوان الفاشي كان حكم شعب مصر بأكمله.

ما يستوقف النظر هنا هو هذا الإصرار على «التماهي في المواقف» بين جماعة الإخوان، وبين نظام «حمد وحمد» الذي يحكم قطر، وكأن الاثنين قد ربطا مصيرهما معاً، وكأنهما ينتظران النهاية المحتومة سواسية!!

بالنسبة للإخوان.. فإن تسعين عاماً من التاريخ الأسود للجماعة يقول إنها منذ البداية لم تكن فقط حركة ضد التاريخ، أو عصابة تتاجر بالدين، وإنما كانت قبل ذلك كله وبعده حركة فاشية تقف على الدوام ضد إرادة الشعب، وضد نضاله من أجل الحرية والعدل.

هكذا كان موقف الإخوان منذ نشأتها بدعم مخابرات الاحتلال البريطاني لمصر. كان حزب الوفد القديم هو الذي يقود الحركة الوطنية، وعلى الفور كان الإخوان سلاحاً في يد أعداء الوفد وهو يناضل من أجل تحرير الوطن وحماية الدستور، وما أن أنشأ مؤسس الجماعة حسن البنا التنظيم السري المكلف بعمليات الاغتيال والتفجير، حتى كان أول ضحاياه أحد الوفديين في معركة قادها التنظيم السري في مدينة بورسعيد.

واستمر الإخوان على موقفهم المعادي للحركة الوطنية حتى وقع الصدام بينها وبين السلطة، وقامت بسلسلة الاغتيالات التي بلغت ذروتها باغتيال رئيس وزراء مصر التي أعقبها اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا.

ثم كان ثورة يوليو وفرصة جديدة أمام الجماعة لتنخرط في الصف الوطني، لكن سرعان ما انتهت بوضع يدها في يد الاحتلال، ومحاولة السيطرة على الحكم أو الانقلاب عليه، وأخيراً.. محاولة اغتيال عبد الناصر في عام 1954، لتتلقى الجماعة أقوى ضربة لها. وعندما أفرج عبد الناصر عن بعض قياداتها في عام 1964 ومن بينهم سيد قطب.. لم يمض إلا عام واحد وكانوا يعدون لمؤامرة لا تستهدف فقط اغتيال القيادات بل تخطط لتدمير كل المرافق الأساسية وإغراق الدلتا والقاهرة بعد نسف السدود والقناطر.

على الجانب المقابل.. نجد نظام «حمد وحمد» منذ أن ابتلت به قطر الشقيقة يسير على الطريق نفسه، وبالمنهج نفسه. ولهذا كان التحالف بين الفريقين طبيعياً، وكان الارتباط مستمراً حتى الآن، رغم سقوط الأقنعة، ورغم تكشف الحقائق.

كما كان الإخوان على الدوام في الموقع المضاد لمصلحة الوطن والحركة الوطنية (في مصر أولاً ثم في بقي البلاد العربية والإسلامية التي وجدوا فيها الفرصة) فإن تنظيم «حمد وحمد» منذ أن استولى على الحكم في قطر وهو يلعب الدور نفسه، ولكن من موقع السلطة!

على مدى أكثر من عشرين عاماً لم تتوقف قطر عن موقفها المعاكس لصالح شعب قطر وأشقائه في الخليج والدول العربية، لم يكن الأمر منذ البداية محاولة للبحث عن دور كما ظن الكثيرون، بل كان في حقيقته أداء لدور مرسوم ومخطط له جيداً مثلما كان الأمر مع جماعة الإخوان منذ نشأتها!

هكذا لم تتوقف قطر طوال عشرين عاماً من هيمنة نظام «حمد وحمد» عن تصدير المشكلات ودعم جماعات الإرهاب بقيادة الإخوان.. ولم تتوقف عن التآمر ضد الأشقاء، ولم تتورع عن المساهمة في تدمير أوطان وتفكيك دول لمصلحة أعداء الأمة، ولم تتورع عن التأكيد العلني على «اكتشافها» أن العروبة وهم لابد أن يستفيق منه الجميع كما استفاق «حمد وحمد»، ففتحا أبواب الدوحة أمام كل المتآمرين على أمن واستقرار الخليج، وعلى عروبة العرب.

الدرب نفسه الذي سار فيه الإخوان منذ تسعين عاماً وحتى الآن سار فيه نظام «حمد وحمد»، وهو يختطف قطر العزيزة ويضعها في موقف العداء مع أشقائها في الخليج والعالم العربي ويستخدم في ذلك كل الأساليب الإخوانية بما في ذلك «المخادعة».

وبدلاً من أن يسلك الطريق القويم وينفذ مطالب الرباعية العربية ويلتزم بالتوقف عن دعم الإرهاب.. يستمر نظام الدوحة في الهروب إلى الأمام، يكذب على نفسه وعلى العالم، يدعي المظلومية وهو الذي أجرم في حق أشقائه، يدعم إرهاب الإخوان كما يدعم إرهاب الحرس الثوري. يفتح الباب أمام إيران وتركيا للتدخل في شؤون الخليج، يحيل استوديوهات الجزيرة التي استضافت رموز الإرهاب الإسرائيلي إلى منصات تحريض على الأشقاء في الخليج، وعلى مصر التي كتبت النهاية الحقيقية لجماعة الإخوان في 30 يونيو، ولو استمروا سنوات يمرحون في الدوحة ليقودوا نظام «حمد وحمد» إلى نهايته!!

* كاتب مصري

Email