تحرير اليمن ضرورة عالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبحث العالم عن بوارق السلام والاستقرار، لانتشال الأبرياء من براثن الحروب الدموية ومخالب الإرهاب الدامية، وخاصة مع تنامي ظاهرة اللاجئين والمآسي الإنسانية الناجمة عن ذلك، فكان التصدي للتهديدات الإرهابية ضرورة عصرية، وعلى رأس الأولويات العالمية، وذلك بالتصدي للتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة، التي لا ترعوي عن التخريب والتدمير والتقتيل والتشريد ونشر أفكار الكراهية والتطرف والعنف، وقد تجلى ذلك بوضوح، بعد ما سمي بالربيع العربي، الذي فتح الأبواب المظلمة أمام التنظيمات الإرهابية لتستغل حالة الفوضى والاضطراب في بعض المجتمعات، للصعود والاستيلاء على أزمة الدول والمؤسسات، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، ما حدث في العراق من صعود تنظيم داعش، وما حدث في اليمن من صعود الحوثيين، وانقلابهم على الحكومة الشرعية.

ولقد أدرك عقلاء العالم وحكماؤه، خطر هذه التنظيمات الإرهابية، وخاصة مع تطور أوضاعها الميدانية، وسيطرتها على مناطق جغرافية ومؤسسات وطنية، ما مثل تهديداً عالمياً خطيراً للجميع، حيث تضخمت إمكانات هذه التنظيمات، وأصبحت تتحكم في مؤسسات اقتصادية وتعليمية وإعلامية وغيرها، وأضحى الأطفال في هذه المناطق، يتشبعون بأفكار هذه التنظيمات على طاولة الدراسة، ليصبحوا قنابل موقوتة لمستقبل مظلم، وأصبحت أموال الدولة تُنهب، وتذهب في دعم وتمويل الأنشطة الإرهابية لهذه التنظيمات، وغدا الإعلام أداة للتغرير بالشباب وإيقاعهم في فخ هذه التنظيمات، وبث الأكاذيب والإشاعات والقناعات الفاسدة للجمهور المتلقي، وساعد كل ذلك على تغذية الإرهاب العابر للحدود، وما عمليات داعش وصواريخ الحوثيين، إلا خير دليل على ذلك، ولذلك، كان من ضرورات الوقت، التصدي لهكذا أوضاع خطيرة تهدد الجميع بالإرهاب والبؤس والشقاء، فانعقدت التحالفات العربية والعالمية لإيقاف هذه الأخطار، وانطلق التحالف الدولي لتخليص العراق من مليشيات داعش الإرهابية، ثم انطلق التحالف العربي لتخليص اليمن من مليشيا الحوثي الإرهابية، وكانت عاصفة الحزم، عاصفة عربية مجيدة، لاقتلاع إرهاب الحوثيين عملاء إيران، واسترداد الدولة من قبضتهم، واستنقاذ الشعب اليمني من بطشهم، وإعادة الشرعية والاستقرار في اليمن.

إن أي عاقل بصير، لا يشك طرفة عين، بأن تحرير اليمن واسترداده من قبضة الحوثيين، ضرورة إقليمية وعالمية، إذ التغاضي عن ذلك أو التهاون فيه، يعني باختصار، تحوّل اليمن إلى براكين إرهابية مدمرة، تفور على يد الحوثيين وتنظيم القاعدة وداعش، لتحرق المنطقة، وتقذف شراراتها في كل مكان.

ومن له أدنى اطلاع على حقيقة الحوثيين، سواء من خلال أدبياتهم أو ممارساتهم الواقعية، يعلم علم اليقين أنها جماعة إرهابية طائفية بامتياز، فها هو حسين بدر الدين الحوثي زعيم الحوثيين، يصرح بأن الجهاد في منظومته العقدية، هو نفسه الإرهاب الذي يحاربه العالم اليوم، وأن استهداف الدول، وخاصة الدول الغربية على رأس أجنداته، وأن إرهاب ابن لادن في نظره، لم يكن بالمستوى القتالي المطلوب، ولذلك، فهو يعتبر حركته الإرهابية، هي البديل الأمثل للنكاية بالدول، وتوجيه الضربات إليها، ولأن الأفكار الإرهابية تتلاقح، فإننا نجد حسين بدر الدين، يكيل المديح للمنظر الإرهابي الشهير سيد قطب، معتبراً إياه متذوقاً للقرآن، واصفاً تفسيره المتطرف (في ظلال القرآن)، بأنه تفسير ممتاز وجميل جداً للقرآن الكريم!!، وذلك أمر طبيعي، فقد تشابهت أفكارهم، واجتمعوا جميعاً على مائدة الإرهاب!!

وأما الخطاب الطائفي عند هذه الحركة الإرهابية، فحدّث ولا حرج، ومن يتأمل خطابات عبد الملك الحوثي، يجد بوضوح أنه خطاب طائفي إرهابي، لا يعرف للوطنية معنى، ولا للسلام طريقاً، وهو يسير تماماً على خطى داعش، في اعتبار حركته حركة خلاص عالمي، تتجاوز الحدود الوطنية، لتفرض الأجندات الإرهابية على العالم بلغة الحديد والنار، ويزيد هذا التنظيم الإرهابي الحوثي على ذلك، ادعاء أن الله اصطفاهم، وأنهم مرتبطون مباشرة بالسماء!

وأما واقعهم وممارساتهم، فقد فضحتهم، وأظهرت وحشيتهم وبطشهم، وخاصة بعد استيلائهم على العاصمة اليمنية صنعاء، فقد قاموا باستهداف الآمنين، واضطهادهم، والزج بهم في السجون، والتنكيل بهم، وتفجير المنازل ونهبها، وفرض الإتاوات، وسرقة الأموال، وتجنيد الأطفال، وزراعة الألغام، حتى حليفهم السابق، علي عبد الله صالح، اغتالوه بدماء باردة، فأي خير يُنتظر من هذا التنظيم الإرهابي، الذي لم يرحم صغيراً ولا كبيراً؟!

كما مارس هذا التنظيم الإرهابي تهديدات عالمية، فقد هدد قادته بقطع طرق الملاحة العالمية في البحر الأحمر، كما أطلقوا زوارق متفجرة لاستهداف الموانئ البحرية، وتباهوا بذلك في بياناتهم، وهم مع ذلك كله، أداة طيّعة بيد إيران، صاحبة الباع الطويل في الإرهاب، ينفذون أجنداتها، ويمثلون ذراعها السياسية والعسكرية لتطويق باب المندب، وتهديد دول المنطقة، وفرض الهيمنة الإيرانية فيها، ويتلقون منها الأسلحة والذخائر والتمويل والتدريب على يد الحرس الثوري الإيراني.

ولقد تمادى الحوثيون في إرهابهم، ورفضوا جميع الحلول السلمية، وأبوا إلا الاستمرار في طريق العنف والإرهاب والعمالة، دون أن يملكوا أي عقل ورشد، متاجرين بدماء الشعب اليمني في سبيل أجنداتهم الخاصة، وهم يسيرون في طريق مسدود، لا نهاية له إلا نهايتهم، فلا مكان اليوم للأجندات الإرهابية، وإذا كنا نتخيل كارثية استيلاء داعش على الدولة العراقية، فإن النتيجة لا تقل كارثية عن استيلاء الحوثيين على الدولة اليمنية، فإن الخطر واحد، والوصف الذي ينطبق على الحالتين، هو استيلاء إرهابيين على مقدرات دولة بكاملها، وذلك مرفوض من جميع العقلاء، وهم اليوم بحمد الله إلى زوال، وواقعهم خير شاهد على ذلك، فهم من خسارة إلى خسارة، وقد انحسر مدُّهم، وضعف مددهم، وأصبحت أيامهم معدودة، وعلى نفسها جنت براقش!

Email