الحوثيون والفرصة الأخيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تقرر قوات التحالف بقيادة السعودية ودولة الإمارات، تحرير ميناء الحديدة، لأن هذا التنظيم الإرهابي الذي لا يقل خطورة عن «القاعدة» و«داعش»، يهدد أمنها فقط، ولكن لأنه يمثل خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وللأمن والاستقرار الدوليين.

الكل يعرف، وعلى رأسهم وكالة الغوث الدولية، ومعها القوى السياسية الكبرى في العالم، أن اليمن قبل عام 2015، كان يعاني مأساة إنسانية، خاصة في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، بسبب وقوع أهم الموانئ اليمنية، خاصة الحديدة، تحت سيطرتهم، وإذا ما سمحت الظروف ودخلت المساعدات، فإنهم كانوا يتلاعبون بالأسعار كي يجبروا الشعب اليمني في الشمال على الخضوع لهم، وهذا في حد ذاته جريمة تستحق من المجتمع الدولي الوقوف ضدها.

القلق الدولي من مضاعفة المأساة، دفع الحوثيين إلى إفشال كل المساعي الدولية والمحاولات الإقليمية لإنهاء الأزمة اليمنية، مع أن الجميع على دراية بأن قوات المقاومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف، لديها القدرة على إنهاء سيطرة الحوثيين على الموانئ، والدليل أن تلك القوات، وبمساندة القوات الإماراتية، استطاعت أن تحرر أراضي في المكلا وميناء عدن، مع أن البعض كان يبدي تخوفه من ذلك، ولكن مهارة الجندي الإماراتي، كانت عاملاً أساسياً في إنهاء الاحتلال من دون خسائر كبيرة، وهو ما أبهر العالم.

بمعنى آخر، فإن الكلام عن القلق من تداعيات خوض معركة تحرير الحديدة، هي من تجليات تضخيم قوى إرهابية اعتادت على استغلال المبادئ الأخلاقية، وهي نتائج لتنظيمات تخدم برامج سياسية لدول أخرى.

إن الموقف الإماراتي في الدخول عسكرياً في الحديدة، حرك الجهود الدولية، وبدأت مسألة الحديث عن الجانب السياسي في إنهاء الأزمة اليمنية، وعادت الروح إلى الشارع اليمني، حيث ظهر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو يشيد يوم الأحد الماضي بجهود قوات التحالف العربي. كما تنقل الأنباء الواردة من اليمن، أن النتائج التي تحققها القوات اليمنية في تحرير مدينة الحديدة، أوصلت رسالة الرعب إلى حلفاء الحوثيين والداعمين له، كما أن تلك الأنباء، أكدت أن للمعركة نتيجة واحدة لقوات التحالف، خاصة في دولة الإمارات ولا غيرها، وهي تحرير الحديدة وسكانها، من قبضة الحوثيين.

وإذا كان هناك من تحدٍ يمكن أن يواجه قوات التحالف، فإنها الجريمة الإنسانية التي اقترفها هذا التنظيم، وهو تلغيم المدينة وموانئها، وهنا، على المجتمع الدولي أن يقرر، هل هو يساند الجهود من أجل تقليل حجم المأساة الإنسانية في العالم، أم أن هناك مساومات من أجل التغيرات الحاصلة في السياسة الدولية والإقليمية، خاصة بعدما أبدى النظام الإيراني مساومته باليمن، مقابل تراجع الولايات المتحدة عن الانسحاب من الاتفاقية النووية.

الذين رأوا أن الاستسلام لابتزاز الحوثيين تحت عذر الإنسانية، مع أن ممارسات الحوثيين تقتلهم في اليوم أكثر من مرة، هو خيار أفضل من العمل، إنما أغمضوا أعينهم عما تسجله التقارير الدولية من انتشار الأمراض، مثل الكوليرا، ومن تجنيد الأطفال اليمنيين ودفعهم إلى الحرب، وكأن هذا ليس له تأثيرات على المدى البعيد في استقرار اليمن، وربما لم يسمعوا عن تهديد الصواريخ الباليستية التي تطلق على السعودية، وربما لم يسمعوا بأخبار التوافق مع النظام الإيراني وحزب الله اللبناني، فأمن اليمن جزء من الأمن الخليجي والعربي، وبالتالي، من حق قوات التحالف حماية أمنها واستقرارها مما يهدده.

وحين تسمح دول التحالف بإعطاء فرصة أخيرة للجهود الدبلوماسية، وتوقف العمليات العسكرية من أجل إقناع المبعوث الدولي مارتن غريفيث للحوثيين بتسليم مدينة الحديدة، وتأمين خروجهم سلمياً، فإن هذا يعني سحب كل المبررات التي تقدمها المنظمات الدولية، وفضح موقف الحوثيين أمام الرأي العام العالمي، وبالتالي، فإنها تؤكد حقيقة، من الذي يخدم الإنسان اليمني!!

Email