الإمارات والسعودية نموذج مشرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنطلق دولة الإمارات مع أشقائها في قاطرة الإنجازات الاستثنائية، لتسجل معهم صفحات مشرقة متلألئة، ومن أبرزها التكامل الاستراتيجي المشترك بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، الذي يعتبر نموذجاً مشرقاً للعلاقات الثنائية المتميزة بين دولتين شقيقتين، وقيادتين حكيمتين، نموذج لدولتين في جسد واحد، تجمعهما نظرة ثاقبة، ورؤية مستنيرة، وتكامل مشترك لمواجهة مختلف القضايا والتحديات، فكانتا بحق صخرة شماء تحطمت عليها تحديات ومؤامرات، لتحافظا بذلك على أمن واستقرار المنطقة، وتعملا على راحة شعوبها ورخائهم وسعادتهم.

وهذا التكامل الاستراتيجي بين الدولتين لم ينبع من فراغ، بل جاء نتيجة طبيعية لعوامل كثيرة مشتركة بينهما، فهما دولتان جارتان شقيقتان، تجمعهما روابط اللغة والدين والدم والتاريخ ووحدة المصير والمصالح المشتركة، وترجع عمق هذه العلاقات المتينة إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، اللذين رسَّخا هذه العلاقة ووطدا أركانها.

فأصبحت تنمو يوماً بعد يوم على أيدي قيادة الدولتين، حتى غدت علاقة نموذجية استثنائية قلَّ لها نظير، وتُوجت هذه العلاقة بإعلان دولة الإمارات والسعودية عبر مجلسهما التنسيقي عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين، شملت جوانب عدة تنموية واقتصادية وعسكرية، وتضمنت 44 مشروعاً استراتيجياً، وذلك بمشاركة كوكبة كبيرة من المسؤولين والخبراء من كلتا الدولتين، والذين عملوا جاهدين على إعداد هذه الاستراتيجية لتكون نموذجا مشرقا للجميع.

إن هذا التكامل التاريخي يرسم للمنطقة وأبنائها مستقبلا زاهرا، ومسيرة زاخرة بالازدهار والتنمية الاقتصادية، ويفتح أبواب الفرص الكبرى أمام الشعوب عامة والشباب خاصة، ليحققوا تطلعاتهم، ويساهموا بكل إيجابية في بناء أوطانهم، وهو نابع من حكمة قيادة الدولتين، وإيمان راسخ بأن التعاون والتكامل وبناء الشراكات الاستراتيجية هي ركائز ضرورية للمحافظة على مكتسبات الحاضر والانطلاقة الكبرى نحو المستقبل وتحقيق العزة والمنعة للجميع.

وخاصة في ظل الظروف الراهنة، التي تشهد تحديات إقليمية وعالمية متنوعة، من أبرزها ما تعانيه بعض الدول العربية من صراعات داخلية مريرة، أضاعت أمنها واستقرارها، وجعلتها بؤرا للقتل والاحتراب والتشريد والفوضى والاضطراب والإرهاب والتدخلات الخارجية والصراعات العالمية في سبيل المصالح والنفوذ، مما مثَّل تهديدا مباشرا للأمن العربي.

ولا يتأتى إطفاء هذه الحرائق الكبيرة إلا بجهود عربية مشتركة، تخمد هذه النيران وتطفئ جمرها من دون أن يكون لها مطامع وأغراض خاصة إلا خير العرب واستقرارهم وازدهارهم وتحقيق مصالحهم العليا، ولن يكون أحرص على البيت العربي من أهله أنفسهم، كما تشكل القوى الإقليمية الطامعة وأصحاب الأجندات التخريبية سواء كانت دولا نشاز أو تنظيمات أو ميلشيات تهديدا للأمن الخليجي والعربي، ولا سبيل أمثل للتغلب على ذلك من التكاتف والتعاون وتوحيد الصف وجمع الكلمة.

وإن العلاقة التي تجمع بين دولة الإمارات والسعودية علاقة استراتيجية ضاربة بجذورها في أعماق الماضي والحاضر، ترجمتها الأفعال والمواقف التاريخية المشرفة، التي حافظت على أمن الخليج واستقراره، وواجهت مختلف التحديات بحزم وعزم، فقد تمكنت القوات الإماراتية السعودية الخليجية في عام 2011 ضمن قوات درع الجزيرة من صيانة أمن البحرين، وإعادة الاستقرار إليه، مما لقَّن القوى الطامعة درسا تاريخيا لا يُنسى.

وها هم اليوم جنود الإمارات والسعودية جنبا إلى جنب يسجلون أروع البطولات والتضحيات، ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ويضربون أروع الأمثلة في الدفاع عن الأشقاء في محنهم، مؤكدين أن الدم العربي واحد، وأن التكاتف والتحالف هو السبيل الأمثل لدرء الأخطار وتحقيق المنعة والازدهار، والوقوف في وجه الأطماع والمؤامرات التي تحيكها قوى الشر والظلام ضد الدول والشعوب.

وهذا التكامل الإماراتي السعودي المميز فرصة تاريخية لخلق نموذج تكامل عربي استثنائي، كما أشار إلى ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتعزيز الأمن القومي العربي، وتحقيق أماني وتطلعات الدول والشعوب العربية، ليصبح هذا التكامل المميز قدوة للدول العربية وشعوبها، لتسير على نفس النهج، فتقوِّي دعائم علاقاتها المشتركة، وتغلِّب مصالحها العليا، وتتآزر فيما بينها للنهوض والتنمية ووضع الحلول الأنجع لكافة المشكلات، وتوحِّد الرؤى والمواقف تجاه القضايا المختلفة، مما يحقق الخير للجميع، ويحقق المنعة والقوة لهم، ويحافظ على استقرارهم، فلا يجرؤ مغرض على المساس به.

وهو ما أكده قادة العرب الذين نظروا إلى هذا الإنجاز الإماراتي السعودي نظرة تأييد وإكبار، فقد أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم مصر الكامل لكل الجهود المبذولة لتدعيم الروابط المشتركة بين السعودية والإمارات، مؤكدا أن النتائج المتحققة تمثل نموذجا يُحتذى به في تعزيز العمل العربي المشترك في شتى المجالات.

ولا شك بأن التكامل العربي له ثمرات كبيرة، ونتائج عظيمة، منها مساندة الدول لبعضها البعض، لتجاوز التحديات وتخطي الأزمات الطارئة، ومن النماذج المشرقة على ذلك الاجتماع العربي الذي جمع السعودية والإمارات والكويت لدعم الأردن، والوقوف بجانبه في أزمته الاقتصادية، والذي أسفر عن إقرار حزمة مساعدات للأردن بـ 2.5 مليار دولار، مما مثَّل نموذجا مشرقا للتلاحم العربي، أفرح كل عربي أصيل، وأغاظ المتربصين المغردين خارج السرب.

وهكذا تمضي الإمارات والسعودية في رسم خارطة مستقبل مشرق، وتقديم النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، وبناء كيان قوي يعود خيره للجميع.

 

 

Email