الشعب الفنزويلي الفائز الحقيقي في الانتخابات

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما كان متوقعاً على نطاق واسع، أعيد انتخاب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لفترة رئاسية ثانية، مدتها ست سنوات. ووفقاً للمجلس الانتخابي الوطني في فنزويلا، حصل مادورو على 6.2 ملايين صوت (68 في المئة)، مقابل حصول منافسه الرئيس، هنري فالكون، على 1.9 مليون صوت (21 في المئة). ومع ذلك، فإن أهم ما يثير الاهتمام في الانتخابات، هو نسبة المشاركة التي بلغت 46 في المئة. وهذا بعيد كل البعد عن نسبة الـ 80 في المئة في الانتخابات الرئاسية السابقة في عامي 2012 و2013.

وإذا تم اعتبار نتائج الانتخابات الأخيرة على أنها ذات مصداقية، وبالتالي، لا يوجد أي دليل على التزوير، فهذا يعني أن مادورو خسر ما يقرب من 1.5 مليون صوت، مقارنة بانتخاباته السابقة، في حين حصلت المعارضة على ما يقارب 6 ملايين صوت، مقارنة بأصوات 7.7 ملايين فازت بها في السابق.

وإذا تم حساب إجمالي عدد أصوات المعارضة في الانتخابات الأخيرة، فهذا يشير إلى أنها خسرت 4.7 ملايين صوت، وبالتالي، لم يكن الفائز الحقيقي في الانتخابات الأخيرة، هو مادورو، وإنما امتناع الشعب الفنزويلي عن التصويت.

وتتقاسم الحكومة والمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة، اللوم على أقل نسبة إقبال على الإطلاق في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية. على الرغم من استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تشير إلى أنه كان بإمكان مرشح المعارضة، فالكون، الفوز، وحصوله على ما يصل إلى 13 نقطة، لكن حث واشنطن قوى المعارضة الرئيسة على مقاطعة الانتخابات، هو الذي تسبب بفشله.

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي، أن الانتخابات غير شرعية، حتى قبل إجرائها، كما هددت بفرض عقوبات على المعارضة إذا شاركت فيها. ومما لا شك فيه، أن فالكون كان سينجز بشكل أفضل في الانتخابات، لو لم تتدخل واشنطن وتمارس الضغوط، وربما فاز فيها. وهذا لا يعني أن الانتخابات كانت «حرة ونزيهة»، إذ لم يكن الأمر كذلك، فقد منعت الحكومة الفنزويلية، كبار الشخصيات والأحزاب المعارضة من المشاركة في الانتخابات، وجيرتها لصالحها، وقامت برشو الناخبين عن طريق وعد حاملي بطاقة الهوية الجديدة المثيرة للجدل، بالاعتراف ببطاقاتهم. ما عرضها لانتقادات كبيرة، بما في ذلك من جانب المعارضة، التي ألقت باللوم على خسارتها على المخالفات الانتخابية، ودعت إلى إجراء انتخابات جديدة.

غير أن مقاطعة المعارضة وحدها للانتخابات، لا يمكن أن تفسر سبب مشاركة 9.2 ملايين فنزويلي فقط في الانتخابات. والسبب الرئيس الثاني لهذا الإقبال الضعيف، هو خيبة أمل الفنزويليين حيال الإدارة الاقتصادية الفاشلة للحكومة، خصوصاً في مجال سياسة التداول في العملة الفنزويلية. هذا هو العامل الرئيس، وليس العامل الوحيد، الذي تسبب في أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود. وقد أدت هذه الأزمة، إلى نقص مزمن في الغذاء والدواء والسلع الأساسية، وهجرة جماعية لما يقرب من مليون فنزويلي في السنوات القليلة الماضية.

يجب أن ترسل الأصوات التي خسرها شافيز في الانتخابات، والبالغ عددها نحو 1.5 مليون صوت، إشارة قوية إلى الحكومة الفنزويلية، لكي تصبح جادة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي كانت في أمسّ الحاجة إليها.

وفي نهاية المطاف، لا يمكن تحديد مستقبل فنزويلا من خلال الحزب الحاكم أو المعارضة، أو من خلال البيت الأبيض، ولكن في البلاد نفسها، وبإرادة الشعب الفنزويلي. من الواضح أن الدعم الشعبي لمادورو قد تضاءل، وهناك دليل على أنه بعيد كل البعد عن كونه غير مشروط. وأكبر دليل على ذلك، الاحتجاجات الشعبية التي طالت جميع أنحاء البلاد في ديسمبر الماضي، والتي أثارها فشل الحكومة في توفير اللحوم في عيد الميلاد، وهيمنة المرشحين الرئيسين للمعارضة على الانتخابات البلدية في ديسمبر 2017، تظهر ذلك.

وإذا استمر فشل الحكومة والمعارضة في تقديم حلول لمشكلاتهم الملحة، فقد تحتل الطبقات العاملة في فنزويلا مركز الصدارة. دعونا نأمل ألا يطول انتظار ذلك اليوم.

Ⅶكاتب في صحيفة الإندبندنت

Email