ربنا معانا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمدة 15 دقيقة، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأمة، أثناء تأديته، أول أمس «السبت»، اليمين الدستوري لتولي حكم البلاد لفترة ثانية، ليصبح أول رئيس مصري منذ 13 عاماً، يؤدي اليمين أمام مجلس النواب.

استهل الرئيس خطابه بطلب الوقوف دقيقة «ليس حداداً على أرواح الشهداء فقط، بل هي تحية تقدير وإعزاز لكل تضحيات أمتنا العظيمة».

كلمة السيسي للأمة، جاءت واضحة وحاسمة وهادفة، تحدث بلغة سهلة وبسيطة، تتناسب مع جميع المتلقين، تحمل رسائل عديدة ومبشرة على مختلف الأصعدة، في ما يتعلق بفترة حكمه الأولى، أو أجندة الفترة الثانية لحكمه. من بين أهم الرسائل التي تضمنها خطاب الرئيس، هي التأكيد على أن الدولة المصرية ستمضي قدماً وبثبات، نحو تعزيز علاقتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية، دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها، تعتمد على إعلاء مصالح الوطن العليا، واحترام مصالح الآخرين، وتؤكد تدعيم دور مصر التاريخي بالنسبة لقضايا المنطقة.

من الأفكار الجديدة التي قدمها الرئيس في كلمته، هي تأكيده على بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة، مراهناً بأن كنز أمتنا الحقيقي هو الإنسان، والذي يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل، بدنياً وعقلياً وثقافياً، بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد، بعـد محاولات العبث بهـا.

كما حرص الرئيس في كلمته التاريخية، على التأكيد على علاقته واحترامه وتقديره للشعب المصري، ودوره العظيم، قائلاً له: «أذكركم ونفسي بمسيرتنا سوياً، منذ أن لبيت نداءكم وارتضيت بأن أكون على رأس فريق إنقاذ الوطن ممن أرادوا له السقوط في براثن الانهيار والدمار، متاجرين بالدين تارة، وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى.. وأنا على العهد معكم باقٍ، لم ولن أدخر جهداً أو أؤجل عملاً أو أسوف أمراً، ولن أخشى مواجهة أو اقتحاماً لمشكلة أو تحدٍ، وزادي في طريقي، هذا هو اليقين بعظمة وعراقة أمتنا، وإيماني بأن اصطفاف الشعب المصري العظيم، هو ضمانة الانتصار والعبور نحـو المستقبـل».

أيضاً لم تغفل أوراق كلمة الرئيس، الرسالة القوية إلى المرأة، التي كانت في طليعة من خرج إلى الشارع منذ ثورة 30 يونيو العظيمة، تطالبه بالترشح في المرة الأولى، وسطرت المرأة المصرية موقفاً بطولياً، بمشاركتها القوية في انتخابات الفترة الأولى والفترة الثانية، وهنا كانت الإشادة بدور المرأة الوطني في التوقيت المناسب، إذ اعتبر الرئيس أن المرأة المصرية، ومعها كل أفراد الأسرة، شباباً وشيوخاً وأطفالاً، يخوضون معركة التنمية والبناء، فيزرعون الخير، ويصنعون المستقبل، ويرسمون للغد طريقاً، كي نحقق حلمنا الوطني بمصرنا دولة حديثة، تقوم على أسس الحرية والديمقراطية، وتستعيد مكانتها اللائقة بين الأمم، إقليمياً ودولياً، بعد أن عانت من محاولات للنيل من هذه المكانة، وتراجع دورها، نتيجة لعوامل داخلية وخارجية، وهو الأمر الذي ترفضه ثوابت التاريـخ والجغرافـيا.

كما أنه لم يكتفِ الرئيس بما تضمنته كلمته من أخبار سارة لمشروعات قومية جديدة في مجالات التعليم والصحة والثقافة، واستكمال المشروعات الأخرى التي بدأها في فترته الأولى، ولكنه كان حريصاً علي التأكيد أن مصر للجميع، وأنه رئيس لكل المصريين، من اتفق معه ومن اختلف، وأنه لا استثناء من مساحة الحوار المشترك، إلا من انتهج العنف والإرهاب والتطرف...

ولم يغفل الرئيس بث المزيد من الأمل والرهان على المستقبل، بل كان قاطعاً في أنه عازم على استكمال المسيرة، متجرداً من أي هوى إلا هوى الوطن. ولا يخشى سوى الله، ومتيقناً بأن أروع أيام هذا الوطن، ستتأتى قريباً، بلا أدنى شك، ما دامت النوايا صادقة، والقلوب صافية، مؤكداً أن مصر ستعبر وستنتصر، طالما «ربنا معانا».

رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي

Email