آفاق القمة بين ترامب وكيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يزداد احتمال عقد القمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية المتوقفة في وقت كتابة هذا التقرير، وسيكون لهذه القمة، التي تبدو كحلبة مصارعة بين الزعيمين الأميركي والكوري الشمالي، آثار لا حصر لها على الأمن العالمي.

وقد تحدث القمة في موعدها المقرر في 12 يونيو في سنغافورة، أو بعد ذلك بقليل. ووسط هذا التضارب في عقد القمة، أعلن البيت الأبيض، مواصلة الاستعدادات لعقدها في الموعد المحدد.

واستبق الكرملين عقد القمة، حين أعلنت الخارجة الروسية أن سيرجي لافروف سيزور بيونغيانغ لإجراء محادثات مع نظيره الكوري الشمالي، ري يونغ هو، وقال المتحدث باسم الخارجية، إن البحث سيتركز على الوضع في شبه الجزيرة الكورية، معرباً عن أمله في ألا يؤدي فشل القمة إلى توجيه إنذارات إلى كوريا الشمالية بشأن نشاطها النووي.

وفي خضم الدبلوماسية الجيوسياسية، أرسل كيم مبعوثاً له إلى الولايات المتحدة للتباحث بشأن موعد القمة وتسوية شروطها، بعد أيام من وصول وفد أميركي إلى بيونغ يانغ.

وكان ترامب قد عبّر عن أمله في عقد القمة، وقال: «أعتقد حقاً أن كوريا الشمالية لديها إمكانات رائعة، وستكون دولة اقتصادية ومالية كبيرة في يوم من الأيام، في حال نجاح القمة المزمعة ورفع الحظر عنها، وكيم يونغ أون يوافقني الرأي على ذلك».

حتى الأيام الأخيرة، بدت هذه المبارزة بين الزعيمين، مُصممة على غرار إحدى جولات المصارعة بين اثنين من أصحاب الوزن الثقيل، اللذين يحرصان على إثارة اهتمام الآخرين وكسب المجد، لكنهما مختلفين بشأن الاتفاق على التفاصيل المهمة. هذا النمط من الدبلوماسية يستغرق التفاوض فيه شهوراً عدة، وحتى سنوات. ويتعين عقد القمة بشكل متكرر، وإعادة ترتيبها لتعزيز نجاحها.

ويمكن أن تكون هذه أهم قمة على أعلى المستويات منذ عقود، ولا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها ونجاحها من عدمه.

ويتعين من ناحية أخرى، أن يتم تقرير نتيجة هذه القمة البارزة قبل بدئها. ولم يكن أحد يتخيل أن يوافق كيم جونغ على محاورة ترامب ولقائه، ولكن الرئيس الأميركي يتمتع بقدرة كبيرة على المناورة.

والشخصية التي قادت ترامب، الذي كان يفتقر للحنكة السياسية إلى المكتب البيضاوي، مبنية على الاستعراض والمناورة. فهو يفهم خصمه جيداً، ويعتمد على الثأر اللامتناهي منه ببراعة فائقة. ويبدو أكثر قسوة وإخلاصاً من سلفه باراك أوباما، وهو ما دفعه إلى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ومطالبتها التفاوض على شروط جديدة. وإذا كانت هناك مفارقة أخرى، فهي حرصه على اتباع الدبلوماسية الجيوسياسية مع كوريا الشمالية.

والضغوط التي تمارس لإصلاح خطوط الاتصال المحورية بين الدول، تعني أن التحالفات تتغير باستمرار، فقد لاحظنا كيف أن ترامب حاول لي ذراع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي اليوم التالي، كال له المديح. وهذا ما حصل مع كيم، فبعد أن تبادل الاثنان الشتائم، نرى الرئيس الأميركي يمتدح نظيره الكوري الشمالي، وهكذا تذبذبت العلاقات بين الاثنين، ولا يوجد أي توقع أين سيستقر بندول العلاقات بين الاثنين في الأسابيع المقبلة، هذا إذا استقر على الإطلاق.

وفي حال انعقاد القمة، قد يقيم ترامب على الفور بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع كوريا الشمالية، وقد لاحظنا كيف تم تنصيب دنيس رودمان كسفير للولايات المتحدة في بيونغ يانغ، في بداية بطولة ويمبلدون. وبالمثل، فإن عدم انضباط ترامب، قد يجعله ينهي العلاقة مع بيونغيانغ على وجه السرعة، وبصورة متفجرة، وكأنه يصب البنزين على وضع متفجر أصلاً.

دعونا ننتظر ما ستسفر عنه القمة، في حال عقدها، ونأمل أن تسهم في خفض التوتر على امتداد العالم.

كاتب في الإندبندنت

Email