جماعة الإخوان.. فشل وانحسار

ت + ت - الحجم الطبيعي

تثار بين الحين والآخر دعاوى المصالحة مع جماعة الإخوان من بعض الجهات يُطالبون بالمصالحة مع جماعة الإخوان بدعوى حقن دماء المسلمين أو بدعوى أن لا بديل في النهاية عن الجلوس للتفاوض، وبالطبع فإن المقصود بالمصالحة هنا هو المصالحة بين تنظيم جماعة الإخوان في مصر ونظام الحُكم الراهن الذي يعتبر الإخوان منذ اعتصام رابعة جماعة إرهابية ارتكبت العديد من جرائم العنف ضد نظام الحُكم في مصر، وضد العديد من فئات المجتمع المصري، وأسهمت في تشكيل جماعات مسلحة قتلت ودمرت وعاثت في مصر فساداً، وهي التي زرعت الإرهاب في سيناء وكانت أول من شجعت جماعاته، ولا يزال المصريون يذكرون نداء عضو الجماعة محمد البلتاجي وهو يؤكد أن كل صور العنف والعمليات العسكرية في سيناء سوف تتوقف تماماً إن تم الإفراج عن الرئيس محمد مرسي ولا يزال أصداء نداء محمد مرسي باقياً في الآذان، يطلب من قوات أمنه في سيناء الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين، وثمة قوائم معروفة ومؤكدة بأسماء الذين أفرج عنهم محمد مرسي من السجون والمعتقلات، وانضموا إلى الجماعات المسلحة في سيناء، وثمة دلائل وقرائن وأدلة ثابتة على طبيعة العلاقات العضوية التي تربط بين جماعة الإخوان وتنظيمات الإرهاب في سيناء، بحيث بات مؤكداً أن جماعة الإخوان هي التي زرعت الإرهاب في سيناء وهي التي وطدت العلاقات بين حماس وجماعاته في سيناء وعززت تعاونهما المشترك، ومكنت هذه الجماعات من تكتيكها الأساسي الذي يقوم على الضرب في سيناء ثم الهرب السريع عبر الأنفاق إلى قطاع غزة! وبالطبع كانت قطر هي الممول الرئيسي لهذه العمليات، كما كانت الممول الرئيسي لجماعات الإرهاب في ليبيا خصوصاً مدينة درنة على مسافة 80 كيلو متراً من الحدود المصرية، بهدف أن تطعن قطر الأمن المصري في خاصرتيه الشرقية لقطاع غزة والغربية ليبيا.

وفي الأغلب فإن الذين يدعون إلى المصالحة بين الحكم في مصر وجماعة الإخوان ينتمون إلى بعض قوى الخارج بأكثر من أن يمثلوا تياراً داخلياً، هدفهم هو اختبار حجم صمود الجبهة المصرية ومدى صلابة مواقفها ضد هذه الدعوات التي تثار دون مسوغات واقعية، تجعل المصالحة أمراً مطلوباً أو مستساغاً، لأن جماعة الإخوان تعاني الفشل الذريع والانحسار المتواصل بما يجعلها على شفا هزيمة قاسية، ولأن كل فئات المجتمع المصري أدركت منذ زمن أن هذه الجماعة هي الأب الشرعي للإرهاب، من تحت معطفها خرجت كل جماعاته، بل لعلها تشكل الطريق الأساسي والمنبع الأصيل الذي يقود صاحبه إلى الإرهاب، كما ذكر تحقيق النخبة البريطانية الذي أكد أن الجماعة هي الباب الرئيسي والمدخل لكل جماعات الإرهاب، وفضلاً عن ذلك فإن فكر الجماعة التكفيري الذي تبنته الإخوان منذ أن اعتبرت «سيد قطب» فيلسوفها ومفكرها الأكبر زاد من عزلتها خاصة أنها اتهمت المصريين بالجهالة، ودعت إلى اعتزالهم لأنهم مجتمع كافر!، بما كشف خواء ادعاءاتها الكاذبة بأنها جماعة معتدلة تنبذ العنف وتحسن التفاهم مع الغرب، وتعترف بالآخر، وما نعرفه صدقاً عن جماعة الإخوان فضلاً عن فكرها التكفيري المنحرف وإنكارها الشديد حدود الدولة الوطنية ومقدساتها أنها الجماعة السياسية الوحيدة في الشرق الأوسط التي قبلت بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية، وأن تواطؤها مع الإدارة الأميركية السابقة على توسيع قطاع غزة على حساب الأرض المصرية كان حجر الزاوية في المشروع الأميركي، يشهد بذلك الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» الذي فاتحه الأميركيون بقبول هذا العرض، كما تشهد مذكرات السياسيين الأميركيين وفي مقدمتهم «هيلاري كلينتون» وربما لهذا السبب جاءت أحداث الربيع العربي، وجاءت أفكار وزيرة الخارجية الأميركية «كونداليزا رايس» عن الفوضى البناءة، وجاء رفض الأميركيين الواضح والصريح ثورة 30 يونيو التي قطعت الطريق على هذا المخطط المتآمر.

وما يدهش في دعاوى المصالحة التي تأتي في غير أوان، أنها تتجدد في ظروف ينحسر فيها تأثير جماعة الإخوان بعد أن كشفها الشعب المصري على امتداد 80 عاماً، كما ينحسر نفوذها على مستوى العالمين العربي والإسلامي لأنها منظمة إرهابية هدفها الأول القفز على السلطة متى نضجت الظروف للقيام بهذه المهمة.

ولا أظن أن جماعة الإخوان تركت أي فرصة لإمكان وقوع المصالحة بعد أن عادت الجيش الوطني.

Email