أزمة أدب في نوبل للأدب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو كان ألفريد نوبل يعلم أن جائزته السنوية للأدب والفروع الأخرى ستشوبها قلة الأدب لما فكر في الجائزة أصلاً.

ولما خصص هذا العالم المهندس المثقف المخترع هذه المبالغ الضخمة من ماله وعائد شركاته العالمية لمجرد التكفير عن اختراعه الديناميت لهدف نبيل استغله الأشرار للقتل والتدمير. فكان هدفه نشر الحب لا الحرب ونزع الألغام لا زرعها في حياة البشر. فلأول مرة منذ ستة وسبعين عاماً تحجب جائزة نوبل.

بدأت القصة بشائعة الاعتداء الجنسي والتحرش التي لحقت بالمصور الفوتوغرافي الفرنسي، جان كلود أرنولت، وهو زوج عضوة الأكاديمية كاتارينا فروستنسون، ووضعت الأكاديمية في موقف محرج وأضرّت بمصداقية ونزاهة اللجنة المانحة للجائزة.

تسببت الإشاعات في انزعاج ثلاثة من بين 18 عضواً بلجنة المسابقة، إثر رفض المسؤولين إيقاف الزوجة «فروستنسون» عن المشاركة في مسابقات الأكاديمية.

وتعالت أصوات الأعضاء الثلاثة حتى وصلت إلى الصحف السويدية، وفقاً للموقع الإلكتروني لصحيفة «الغارديان» البريطانية، وتفاقمت المشكلة حيث استقالت السكرتيرة الدائمة للأكاديمية، سارة دانيوس التي كان لها موقفها الواضح من مضايقات الرجال للنساء، وتأثرت بالشائعات حول زوج عضوة الأكاديمية، وبعد تلك الفترة نشبت الخلافات بين الأعضاء، حتى وصف بعضهم «دانيوس» بأسوأ سكرتيرة بالأكاديمية.

من بين القوانين التي تسبب في المشاحنات بين الأعضاء، عدم قدرتهم على الاستقالة من الأكاديمية، التي تأسست عام 1786، حيث إن عضويتها تلحق بالأعضاء مدى الحياة دون القدرة على رفضها أو التنصّل منها، لذلك قرر ملك السويد كارل السادس عشر جوستاف، التدّخل بإطلاق وعد بشأن محاولته إصدار قانون يتيح للأعضاء التخلي عن عضويتهم بالأكاديمية بحرية.

كان للحملة العالمية «مي تو»، التي بدأت منذ عامين، تأثير كبير على النساء لكشف أي اعتداءات تعرّضن إليها للحد من هذه المشكلات، وخرج العديد من الممثلات والعاملات ضمن شركة الإنتاج الأميركية هوليوود، بتعليقات واضحة حول مضايقات من الرجال بالوسط الفني.

نتيجة للحملة صرّحت 18 امرأة إنهن تعرضن لاعتداءات، من قبل المصور الفوتوغرافي «أرنولت»، وهو ما سلط الضوء على الرجل وأدى إلى موجة غضب عارمة أدت في نهاية الأمر إلى إلغاء مسابقة نوبل للأدب لهذا العام.

تشير بعض التقارير الصحافية إلى أن سبب الحجب جاء متماشياً مع قوانين مؤسسة نوبل التي تنص على أنه: «إذا تبين أن الأعمال المأخوذة بالحسبان، لا تنطوي على الأهمية المشار إليها في الوصية، يتم التحفظ على القيمة المالية للجائزة حتى العام المقبل».

على مدى تاريخها شخصان رفضا استلام الجائزة هما الأديب الروسى بوريس باسترناك، الفائز بالجائزة عام 1958، الذي قبل الجائزة في البداية، ثم اضطر لرفضها تحت ضغط السلطات السوفييتية عليه. ثم رفضها الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر، الفائز بالجائزة عام 1964، والذي رفضها لرفضه كل التكريمات الرسمية التي حظي بها.

من هو نوبل الذي أرسى أرفع الجوائز العالمية؟

ولد ألفرد إمانويل نوبل سنة 1833 في مدينة استكهولم في السويد، وانتقل مع عائلته إلى سانت بترسبرغ الروسية سنة 1850، وخلال سفره إلى فرنسا تعرف على الكيميائي الإيطالي مخترع الترايغلسيرين أسكانيو سوبريرو. وكانت المادة خطيرة نظراً لعدم القدرة على التنبؤ بانفجارها. أثار ذلك اهتمام ألفرد نوبل ووالده اللذين أخذا يعملان على طريقة تمكنهما من التحكم فيها.

كان العمل على اختبار هذه المادة أمراً خطيراً، وقد تعرض نوبل خلال العمل عليها إلى العديد من الحوادث المميتة، أودى أحدها بحياة شقيقه إميل سنة 1864. تابع نوبل العمل على هذه المادة، وتمكن من عزلها داخل مادة السيليكا التي جعلت التلاعب بالمادة أسهل، ومن ثم مد شريط الإشعال إلى الخارج. سنة 1867، تم تسجيل هذا الابتكار تحت اسم «الديناميت».

بدأ استخدام هذه المتفجرات في المناجم، حيث ساهمت في خفض كلفة تكسير الحجر والوقت المستغرق بشكل كبير، وانتشر استخدامها في تفجير الأنفاق، قطع القنوات، وبناء السكك الحديدية والطرقات وفي الحروب (خلال الحرب الأميركية الإسبانية). ومع انتشار استخدامها تزايدت ثروة ألفرد نوبل، حتى أصبح لديه العشرات من المعامل في أوروبا وأميركا بين عامي 1880 و1870.

قرر نوبل أن يقوم بتأسيس إرث ليذكر اسمه بعد موته مرتبطاً بخير الإنسانية لا بشرها.

مسلسل الفضائح في المؤسسات العالمية سواء الفنية أو السياسية أو الأدبية لم يقترب من الانتهاء، فلا يمر أسبوع دون أن يهتز العالم على وقع فضائح جديدة.

* كاتب أردني

Email