أضواء على التنظيم الدولي للإخوان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تأسيس فروع للإخوان خارج مصر أسس حسن البنا عام 1944 قسماً خاصاً أطلق عليه «قسم الاتصال بالعالم الإسلامي»، والذي تطور لاحقاً وسمي بالتنظيم الدولي أو العالمي للإخوان، وهو يقوم بربط تنظيمات الإخوان في البلدان المختلفة بتنظيم واحد يحركه ويوجهه، ويرتبط مباشرة بمكتب الإرشاد في مصر، وممن كان يعمل في قسم الاتصال القرضاوي، وكان مسؤولاً عن الطلبة السوريين، كما ذكر ذلك في مذكراته، وصرح بأن هذا القسم بعد أن توسع وزادت أعضاؤه أُطلق عليه التنظيم الدولي أو العالمي للإخوان.

كما اعترف بوجود هذا التنظيم مرشدو الإخوان أنفسهم، فقد قال حامد أبو النصر مرشدهم الرابع: «لنا شُعَبٌ في الخارج في ألمانيا ولندن وأوروبا، وكل إخواني مصري خرج من القاهرة وكوَّن شُعبة لها اتصال ما بالحركة الأم في الداخل، وهو ما يطلقون عليه التنظيم العالمي للإخوان، ويجتمعون دورياً في أماكن مختلفة».

وقد استغل الإخوان الساحة الأوروبية لترسيخ جذور هذا التنظيم، وأسسوا واجهات كثيرة لممارسة أنشطتهم، وكان لسعيد رمضان السكرتير الشخصي للبنا وزوج أخته دور كبير في انتشار الإخوان في أوروبا، وأسس عدداً من المراكز التي كانت مأوى للإخوان، فأسس المركز الإسلامي في جنيف عام 1961، وغيرها من المراكز، وفي عام 1981 سافر مصطفى مشهور المرشد الخامس للإخوان إلى ألمانيا، وبقي فيها خمس سنوات، شارك فيها بتدعيم أركان التنظيم الدولي، وتم إصدار لائحة الإخوان الأساسية للتنظيم الدولي في يونيو 1982، وكان من أبرز من ساهم في تنشيط التنظيم الدولي يوسف ندا ومهدي عاكف وخيرت الشاطر ومحمود عزت وإبراهيم منير وآخرون.

وفي عام 1989 أنشأ الإخوان ما سمي باتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والذي يمثل الجناح الأوروبي للتنظيم الإخواني الدولي، وعمل هذا الاتحاد على تفريخ هيئات ومؤسسات ومراكز إخوانية في أوروبا، حيث انبثق منه المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، وغيرها، كما انتشروا في أمريكا أيضا، وشكلوا فيها مؤسساتهم.

ومع تولي حمد بن خليفة حكم قطر بعد الانقلاب على أبيه في منتصف التسعينات أخذ على عاتقه دعم الإخوان وتنظيماتهم، مما مثل ذلك رافداً كبيراً لدعم وتمويل أنشطة التنظيم الدولي للإخوان، بمختلف أنواع الدعم المالي والإعلامي والسياسي وتوفير المأوى والملاذ لفلول التنظيم وإنشاء المؤسسات التي تخدم الأجندات الإخوانية داخل قطر وخارجها.

لقد جر الإخوان بتنظيماتهم الفرعية وتنظيمهم الدولي على العالم العربي والإسلامي الكوارث والويلات، حيث كان الوصول للحكم غايتهم الكبرى، وهذه الغاية بررت عندهم استعمال مختلف الوسائل، بما في ذلك الثورات واللجوء للقوة والعنف والتحالف مع كل شيطان مغرض.

ومن الأدوار التي مارسها التنظيم الدولي التحريض ضد الدول وأجهزتها ومؤسساتها، وخاصة المؤسسات الشرطية والعسكرية والأمنية والقضائية، لإضعاف الدول وإسقاطها، وهو ما تجلى في وقائع كثيرة، وخاصة بعد سقوط الإخوان في مصر في يوليو 2013.

حيث قام التنظيم الدولي بالتهجم على مصر ودول الخليج، والدفاع المستميت عما يسمونه بالشرعية، مع أننا نجد إبراهيم منير أحد قيادات التنظيم الدولي يقول بصريح العبارة: «الشعب المصري هو الذي تخلى عن رئيس جمهوريته»! فإذا كان الأمر كذلك فعن أي شرعية ديمقراطية يتحدث هؤلاء وهم يقرون بأنفسهم أن الشعب المصري لفظهم؟! وهل هذا إلا تناقض مفضوح؟!

ومن أدوار التنظيم الدولي كذلك عقد الاجتماعات الدولية للإخوان لرسم الخطط الموجهة لهم، وتحريض المنظمات الغربية الإعلامية والحقوقية وغيرها ضد الدول العربية، وشن الحروب الإعلامية ضدها، عن طريق قنوات فضائية وبرامج إخوانية تمتهن الكذب ونشر الإشاعات وتتجرد من كل المبادئ والأخلاق المهنية.

ومن السلبيات الكبرى للتنظيم الدولي نزع أي ولاء وطني للأفراد تجاه دولهم، وعقد الولاء المطلق للتنظيم، فها هو إبراهيم منير يعتبر الإخلاص والتجرد من أركان بيعة الإخوان، ويفسر الإخلاص بقوله: «هو الإخلاص للفكرة وللجماعة»، ويفسر التجرد «بألا يكون لدى الشخص ولاء لغير الإخوان»، وسئل عمن سيختار إذا كان أمام شخصين أحدهما يمتلك الكفاءة والآخر الولاء، فأجاب دون تردد بأنه سيختار الموالي ولو لم يمتلك الكفاءة، فالولاء للتنظيم مقدم على كل شيء، فأي معنى للوطنية والولاء للأوطان بعد هذا؟!!

ومن أخطار التنظيم الدولي كذلك نشر التطرف والإرهاب، فقد أثبت التاريخ والواقع والدراسات الموضوعية أن تنظيم الإخوان هو المسؤول عن تفريخ كثير من التنظيمات الإرهابية المعاصرة، بما تحمله من أفكار وأجندات متطرفة، وذلك يكشف زيف دعاوى الإخوان المتكررة بأنهم جماعة معتدلة، فالواقع الدموي العنيف للإخوان مكشوف، والعجب أن تصريحات قادة التنظيم الدولي تعري هذه الحقيقة من حيث لا يشعرون.

ففي إبريل 2014 هدد إبراهيم منير الحكومة البريطانية بأن الشباب سيعزف عن الأفكار المعتدلة وسيتجه نحو الإرهاب إذا تم حظر نشاط الإخوان، وهو اعتراف غير مباشر بأن شباب الإخوان مبرمجون على العنف والإرهاب، ومستعدون لذلك، وأن الإخوان من أبعد الناس عن زرع القناعات الراسخة التي تحمي الشباب من التطرف، وأن الشباب مجرد ألعوبة بيد هؤلاء، وما الأعداد الكبيرة للملتحقين بداعش من الغرب إلا شاهد على ذلك، وعلى الغرب أن يعي ذلك جيداً.

إن تنظيم الإخوان يحتضر، وهو إلى زوال، ولا بد من تكثيف الجهود لفضح التنظيم الدولي، وأجنداته وممارساته، وخاصة لدى الرأي العام الغربي، لدق المسامير الأخيرة في نعش هذا التنظيم البائد.

 

 

Email