قطر وكلمة الشرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد كلمة الشرف عند عرب الصحراء وعداً لا يجب الإخلال به ولا تجاوزه والتعدي عليه. فكلمة الشرف عند عرب الصحراء دين يجب الوفاء به حتى ولو دفع المرء حياته ثمناً لمبادئه والوعد الذي قطعه على نفسه. وحين يقول لك البدوي «على الخشم» فهذا يعني أنها كلمة شرف لن تنزل الأرض وسوف يقوم المتحدث بالوفاء بها مهما كان الثمن غالياً.

أهالي قطر الشرفاء كثر وهم الذين ينظر لهم أشقاؤهم في الخليج بعين الأخوة تجمعهم بهم روابط الدم وأواصر القربي والنسب.

ولا يمكن أن ننسى ماضي قطر والدور الذي قامت به قيادات قطر السابقة في دعم الوحدة الخليجية، فالدعم القطري كان مهماً لقيام مجلس التعاون ومشجعاً عليه. لقد أعطت قيادات قطر آنذاك كلمة شرف بأنها سوف تكون عوناً لأشقائها في الخليج وسنداً لهم.

ولكن الدور القطري في الخليج ومنذ التسعينيات قد تغير تماماً ودخل مرحلة مغايرة قائمة على المراوغة والإساءة للقيم الخليجية.

مرحلة تناسى فيها روابط الدم والقربى والأواصر القبلية والعائلية، مرحلة أصبحت فيها كلمة شرف كلمة لها مبررات ومسوغات سياسية خالصة ولا تحترم الثقافة الخليجية التي تعودت عليها دول الخليج بينها وبين بعضها البعض.

والمتابع للتطورات التي جرت في الخليج منذ وصول القيادة الحالية إلى السلطة حتى وقتنا الراهن يلاحظ تمادي القيادة القطرية في الإساءة إلى كل الروابط القبلية التي تربطها بدول الجوار كالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت والبحرين حتى لم يتبق لها من جوارها دولة سلمت من تعديها والإساءة إليها.

والغريب أن الدور الذي تلعبه قطر لا يخدم مطلقاً المصالح القطرية بل يهدد الأمن القومي القطري نفسه وأمن الخليج بشكل عام.

فعلى الرغم من استعانة الدول بالخبراء والخبرات الأجنبية مقبولاً في الأعراف الدولية إلا أنه يصبح خطراً حينما يتعدى الخبير دوره الأصلي أو حينما يجلب تحت غطاء سياسي أو عسكري للإضرار بالمصالح القومية للبلد نفسه أو بدول الجوار.

لقد أعطت القيادة القطرية الحالية في أكثر من مناسبة كلمة شرف بالاستماع لصوت العقل وعدم القيام بأي عمل من شأنه تعريض مصالح دول الخليج أو أمنها القومي للخطر.

وعلى الرغم من كلمة الشرف تلك إلا أن النظام القطري لم يوف بعهده وواصل تعريضه الخطير لأمن الخليج بل وأمن منطقة الشرق الأوسط بأكملها. هذا الأمر يعده الكثيرون تراجعاً في المواقف القطرية وإساءة حقيقية لأمن قطر وأمن المنطقة بأسرها.

لم يعد أحد يصدق القيادة القطرية في مزاعمها ولا في أكاذيبها التي تروج لها آلتها الإعلامية ليلاً ونهاراً، ولم يعد الناس يصدقون قيادة تعمل في السر عكس ما تعلن في الجهر. بل ظهرت المزاعم القطرية على حقيقتها حينما أخذت قطر تروج أكاذيب عن جيرانها وتعمل مع من لهم مصالح حقيقية في الإضرار بأمن المنطقة.

إن الخطاب الذي تتفق عليه دول الخليج الآن هو التوجه إلى أهالي قطر الشرفاء الذين تعقد عليهم الاعتماد في تقويم الاعوجاج الذي لحق بالسياسات القطرية تجاه الخليج العربي. وعلى القيادة القطرية الحالية الاستماع لصوت العقل والمنطق واعتبار تلك الشريحة القطرية الرافضة لسياسات قطر الحالية شريحة مهمة من النسيج الاجتماعي القطري وعليها الاستماع لمطالبها وعدم تهميشها. فشعوب الخليج لا تريد أن تري جزءاً منها وقد تم تهميشه بل تريد لقطر أن ترجع إلى الحضن الذي ضمها والذي ليس لها سواه.

إن القيادة القطرية الحالية قد تناست الكثير من الأواصر التي تربطها بدول الجوار العربي كما تناست تلك الكلمة التي قطعتها القيادات القطرية المتعاقبة على نفسها في أن تكون عوناً لأشقائها.

وقد قادها طموحها في لعب دور إقليمي ودولي كبير إلى الدخول في مغامرات سياسية خاسرة وإلى تبذير الأموال القطرية لشراء الذمم والنفوذ والذي هو في النهاية لا يغني عن تلك الأواصر الجميلة التي تربط شعوب الخليج بعضها البعض.

إن ما يجب أن تؤمن به القيادة القطرية الحالية أن دول وشعوب الخليج ليست عدوة لقطر ولا تريد المساس بأمن قطر لأنه جزء من أمن الخليج. فكل ما تريده أن تكف قطر عن الإساءة لأمن الخليج من خلال عقد التحالفات والشراكات مع من يود الإضرار بأمن الخليج.

Email