قمة الكوريتين وتداعياتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقب القمة بينهما، كان تصريح قادة الكوريتين كبيراً بما فيه الكفاية في تلبية طموحاتهما وطموحات بلديهما لمضاهاة هذا اليوم غير العادي والرائع، والذي يسعى إلى نزع السلاح النووي، واستبدال المواجهة بالتعاون، وليس أقل من السعي للوصول إلى عصر جديد من السلام.

وإلى جانب ذلك، هناك أمل في أن يؤدي كل هذا إلى تحقيق الحلم النهائي، والمتمثل بتوحيد دولة مقسمة، اجتذبت القوى العظمى لقتالها، وعقود من العداوات التي تلت ذلك.

وإعلان كيم جونغ أون أن الشمال والجنوب «أخوة لا ينبغي أن يعيشوا منفصلين» و «وسيصبحون كتلة واحدة» ليس شيئًا عمليًا، أو شيئًا تريده سيئول على المدى القصير، لكنه يظل الهدف النهائي على المدى الطويل.

كانت القمة، التي تم الإعداد لها بدقة وبشكل جيد للغاية، ذات أهمية بالغة في إقامة لبنات بناء السلام بعد 60 عامًا من العداء، وهي تمثل أول اجتماع بين رئيسي الشمال والجنوب منذ أكثر من عقد من الزمان، وهي خطوة كبيرة في نزع فتيل التصعيد الخطير الذي بدأ بتهديدات بيونغ يانغ النووية بإطلاق الصواريخ ضد جارتها الجنوبية.

لكن اللقاء الودي المشترك بين الكوريتين كان في الواقع، عملاً معززاً للحدث الرئيسي، وهو القمة المقترحة بين دونالد ترامب وكيم جونغ أون، المفترض أنها ستحدث في الأسابيع القليلة المقبلة. وهي ستجمع بين اثنين من القادة الذين شاركوا في حرب شفوية شرسة وعنيفة هدد فيها كل طرف بإطلاق حرب حقيقية، مع عواقب كارثية محتملة.

حقيقة أن اللقاء بين كيم جونغ أون وجون جاي-أون كان ينبغي أن يكون بشيرًا جيدًا للقاء بين كيم وترامب. وقد يسعى الرئيس الأميركي إلى إعلاء شأن كيم وتألقه عالمياً كما فعل مع قادة دوليين شباب آخرين مثل إيمانويل ماكرون وجوستين ترودو. ولكن قد تحدث بعض الخلافات، كما حدث بين ترامب وترودو وترامب وماكرون، دون تبادل الإهانات عن «صواريخ صغيرة» و«عجوز خرف»!

لكن في الواقع، الأمور التي ستوضع على بساط البحث ستكون أكثر تعقيدًا. فكلمات مثل «تهدئة الوضع» كما حدث في قمة بانمانجوم في السابق، لم تحقق أي قرارات ملموسة. لا يوجد، على سبيل المثال، أي إطار زمني معروض على الشمال للتخلص من الأسلحة النووية.

ويتركز الطلب الأميركي لكوريا الشمالية بنزع السلاح النووي غير المشروط بمراقبة دولية للتحقق من حدوثه. والغرب لديه خبرة في بيونغيانغ في تقديم المفاوضات والقيام بوعود في الماضي مع كل ذلك من دون تحقيق أي شيء ملموس.

ويقال إن ترامب يشعر بثقة أكبر الآن في اتباع سياساته الخاصة كرئيس أكثر مما كان عليه عندما جاء إلى البيت الأبيض للمرة الأولى، وشعور أقل بالحاجة إلى الاستماع إلى مستشاريه. وقد تغريه رغبته في أن ينظر إليه على أنه «صانع سلام كبير» لتقديم تنازلات لكيم، لكن إدارته، مع عضوين متشددين هما جون بولتون ومايك بومبيو الآن، سيقاومان بشدة ذهابه إلى هذا الحد.

رحب ترامب بأشخاص على تويتر بتغريدته «الحرب الكورية إلى نهاية»، ومن ثم، من غير المستغرب ادعاؤه الفضل في إجراء المحادثات بين الكوريتين، قائلاً إن القمة الكورية أقيمت بسبب تغريداته الصارمة ضد كوريا الشمالية. مضيفاً:«عندما بدأت في إطلاق التغريدات كان الناس يقولون إن عقد القمة شيء مستحيل، وإن هناك بديلين هما، دع الكوريين الشماليين يحتفظون بما لديهم من سلاح، أو يخوضون الحرب. والآن لدينا بديل أفضل بكثير مما توقع أي شخص حتى الآن».

ويبقى هذا البديل غير معروف، وما سيحدث في المستقبل سيتأثر بعوامل دولية أخرى أوسع نطاقاً. قد يفكر كيم جونغ أون وحاشيته، على وجه الخصوص، في سيناريوهين - واحد من الماضي القريب، والآخر من المستقبل القريب، في تشكيل سياساته. يعتقد أن معمر القذافي أنقذ نظامه الليبي من الانهيار مؤقتاً بعد أن وافق على التخلي عن برنامجه النووي في عام 2003 بناء على طلب من الغرب.

ولكن بعد ثماني سنوات، مكنت حملة قصف الناتو الثوار من الإطاحة به، وهي حملة قصف لم تكن لتحدث لو لم تكن لديه ترسانة نووية.

وقد يتنصل ترامب قريباً من الاتفاق النووي الذي وقّع مع إيران، مع تداعياته الكبيرة، وربما قبل أن يلتقي كيم جونغ أون. ولا يمكن لوم الزعيم الكوري الشمالي الذي يتخوف من الوثوق بالولايات المتحدة في حال إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، وقد يعتقد بأنها أظهرت أنها ليست دولة يمكن الوثوق بأنها تلتزم بالاتفاقيات الدولية.

 

Email