مايك بومبيو والسياسة الخارجية الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جلسة استماع لتحديد ما إذا ستوافق على تعين مايك بومبيو، مدير وكالة المخابرات المركزية، وزيرا للخارجية خلفا لريكس تيلرسون الذي أقاله الرئيس دونالد ترامب أخيرا. وبعد موافقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، سيقدم المرشح للتصويت من قبل مجلس الشيوخ بكامله. وفي حال حصوله على الأغلبية سيتم تسلمه عمله كوزير للخارجية بعد إجراءات القسم.

وعلى الأرجح سيلقى بومبيو الدعم الكافي من مجلس الشيوخ لنيل التعيين كوزير للخارجية، وخاصة انه قد عين من قبل المجلس كمدير لوكالة الاستخبارات التي لا تقل أهمية عن وزارة الخارجية. ومن المهم معرفة كيف يفكر هذا الرجل ذو السمعة المتصلبة حول قضايا منطقة الشرق الأوسط.

ومن المعروف أن بومبيو قد شغل منصب عضو الكونغرس لمدة ستة سنوات حتى عينه الرئيس ترامب مديرا للوكالة في العام الماضي. وقد خدم بومبيو في الجيش الأميركي وكان يحرس الجدار الفاصل في برلين قبل سقوطه. ويعتبر بومبيو من الجناح الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري والمعروف بحركة الشاي.

وقد تكشف في جلسة الاستماع التي تأخذ بعض المرات ذات طبيعة تحقيقية عن مواقف بومبيو في السياسة الداخلية والخارجية. ولعل لسمعة المرشح وحساسية المنصب باعتبار شاغله يكون الدبلوماسي الأول وواجهة أميركا الخارجية يجعل من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية يلقون بأسئلة قوية تجاهه.

وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فإن بومبيو يرفض الاتفاق النووي مع إيران بل يبدي موقفا متشددا عموما تجاه ذلك البلد؛ بل إنه يروج لقلب نظام الحكم هناك. وقد هدد الرئيس ترامب بإلغاء الاتفاق ما لم يسعَ الشركاء الأوروبيون إلى تعديل الاتفاق خاصة فيما يتعلق بالفترة المؤقتة للاتفاق وعدم الحد من تطوير إيران للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، أي وسائل إيصال الرؤوس النووية إلى أهدافها. وكان تيلرسون، الوزير المقال، راضياً عن الاتفاقية رغم بعض التحفظات عليها، إلا أن ترامب سيجد آذانا صاغية في بومبيو. ولعل هذا التوافق على هذا الموضوع هو أحد أسباب اختيار الرئيس له.

وبالنسبة للإسلام والجالية المسلمة فإن بومبيو يتخذ موقفا متشددا، بل الأدهى والأمر انه على علاقات جيدة مع شخصيات متطرفة في عدائها للإسلام مثل فرانك قافني والذي يرتاب من الجالية الإسلامية كحاضنة للإرهاب. إضافة إلى برجيت جبرايل وهي ناشطة من أصل لبناني مشهورة بالتشهير ضد الدين الإسلامي التي تقول إن الإسلام حركة سياسية في ثوب عقيدة دينية.

ولا يختلف موقفه من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني عن نظرته المتشددة إذ إنه يدعو إلى تحالف وثيق مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب. وشجب الفلسطينيين لقيامهم بعمليات إرهابية ضد إسرائيل والذي يرى انه السبب الرئيس في تعثر عملية السلام. وفي زيارة إلى إسرائيل عندما كان عضوا في الكونغرس، امتدح بومبيو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على انه صديق وفي للولايات المتحدة.

وبالنسبة لقضايا السياسة الخارجية المتعلقة بمناطق أخرى من العالم فان بومبيو لا يختلف في تشدده. فهو يتبنى مواقف صارمة تجاه كوريا الشمالية ويدعو إلى عدم تقديم أي تنازل لها في تعليقه على المحادثات المرتقبة بين الرئيس الأميركي والكوري الشمالي. وعندما سئل عن احتمال القيام بغزو بري ضد كوريا الشمالية أجاب انه من المحتمل أن يحصل هذا. ورغم انه يفضل الحلول الدبلوماسية إلا أنه يرى في حالات معينة يجب تجاوز الدبلوماسية واللجوء إلى عمل يوقف تطوير أسلحة نووية.

والغريب أن موقف بومبيو تجاه روسيا يختلف عن رئيسه ترامب. ففي جلسة الاستماع في الكونغرس أبدى بومبيو تشددا تجاه موسكو. وكشف عن مواجهة حقيقية بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا أدت إلى مقتل عدد من الروس. وقال سوف نواجه الروس في كافة المجالات السيبرانية والاقتصادية لإفشال جهود فلاديمير بوتين.

وإذا ما قيض لبومبيو أن يفوز بموافقة مجلس الشيوخ (وهو احتمال مرجح)، فانه سيكون أكثر وزير خارجية خلافي منذ عدة عقود.

 

 

Email