«العدوان على الديبل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثلاثة أيام ستحل ذكرى العدوان القطري على الديبل، إذ فوجئ العمال الذين يعملون في ضحال الديبل بهبوط أربع طائرات هيلكوبتر في ظهر يوم السبت 26 أبريل 1986، نزلت منها مجموعة من الجنود يصيحون بصوت مرتفع وهم في حالة عصبية، ويطلقون الرصاص في الهواء، وقد سقط أحد الجنود على الأرض خلال نزوله من الطائرة، مما جعل مهندس المساحة البريطاني بريان ديفير، يعتقد أنهم جنود مستجدون يخضعون لبعض التدريبات العسكرية، ولكن سرعان ما تغير موقف بريان بعد أن أحاط به نحو أربعين من الجنود وبالعمال الآخرين وأمروهم بالوقوف في صف واحد والتزام الهدوء.

وكان هناك اعتقاد بأن القوات التي هاجمتهم هي قوات إيرانية، ولكن المدهش أن القوات كانت قوات قطرية.

ولمن لا يعلم فإن ضحال الديبل تقع في الخليج العربي بين جزيرة المحرق وجزيرة رأس ركن، بالمجاه خط عرض 16،26 شمالاً، وخط 58،50 شرقاً، وتصنف بأنها مياه ضحلة، وهي مظاهر طبيعية من المظاهر البارزة في مجموعة أرخبيل البحرين، التي تمتاز بانخفاض واستواء أرضها وضحالة البحر المحيط بها.

ذكرى العدوان القطري على الديبل تنال اهتماماً كبيراً من جانب المتخصصين والباحثين في مملكة البحرين، فحسب ما ذكره لي الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، فإن إصدار كتاب يتناول ذكرى هذا العدوان، إنما هو من منطلق أهمية توثيق التاريخ، الذي تعد مجرياته وأحداثه المفصلية محركاً أساسياً لفهم الحقائق، واستنباط التفاعلات التي تشكل واقع اليوم وملامح الغد.

وبالتالي فإن هذا الكتاب يهدف بشكل جوهري إلى توثيق أحداث ووقائع العدوان الغاشم للاحتلال القطري على الديبل عام 1986، باعتباره جريمة غدر نكراء للاعتداء على أراضي وسيادة دولة جارة مسالمة، ولم يراع ما يجمع بين شعبي البلدين من روابط ومقومات مشاركة عديدة.

كما أن مجريات وحيثيات الوقائع التاريخية كان لها الأثر في تشكيل واقعنا اليوم، خصوصاً في هذه الحقبة الفاصلة من تاريخ مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن جهة أخرى يهدف الكتاب إلى تعرية السلوك القطري الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه يغرد منفرداً خارج السرب، ويتخذ إجراءات وتدابير وسياسات من شأنها تأجيج الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار لدول المنطقة التي تؤمن بأنها ذات مصير واحد.

إن عملية استدعاء التاريخ إجراء ضروري، لفهم الاتجاه العام للأحداث في الحاضر والمستقبل، والعدوان القطري على ضحال الديبل، الذي يسلط عليه الضوء في هذا الكتاب بكل تجرد وموضوعية، من الحوادث التي تكشف حقيقة سلوك النظام القطري تجاه جيرانه، ورغبته المستمرة في انتهاج سلوكيات وممارسات لا تؤدى إلا إلى النزاع والفرقة، كما أنه يشكل حلقة مهمة في مسلسل التجاوزات القطرية بحق أمن الخليج العربي، والأمن القومي العربي برمته.

كما أن دول مجلس التعاون تشهد تهديدات كبيرة ومتجددة، وأطماعاً مستمرة من العديد من المتربصين، ويبدو أن ثمة التقاء مصالح وتقارباً إيرانياً ـ قطرياً، حول ذلك كانت محصلته استهداف أمن واستقرار دول الخليج العربي.

وحسب كتاب «العدوان على الديبل»، فإن ما تعاني منه البحرين، اليوم لا يمكن تفسيره إلا من خلال التاريخ، الذي يحمل الكثير من الأحداث التي تفسر لنا واقعنا اليوم.

كما أن ذكرى هذا العدوان، تؤكد تاريخ الصلف والعناد والاعتداء القطري على حقوق الجيران، فذكرى العدوان على ضحال الديبل، هي مناسبة لإيقاظ التاريخ، وتذكير الجميع بأن ما تفعله قطر الآن له جذور من التجاوز في حق العروبة بشكل عام، وفى حق مملكة البحرين بشكل خاص.

Email