عزل الإرهاب جغرافياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرسل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رسالته الأقوى للعالم بأن المملكة العربية السعودية قادرة وعازمة على قطع دابر الإرهاب ليس اقتصادياً فحسب بل جغرافياً كذلك بعد أن أعلنت المملكة عن مشروع قناة سلوى وهو مشروع سيقام على الأرض السعودية يفصل شبه الجزيرة القطرية عن البر تماماً، وليس لأحد أن يتدخل أو يعترض على قرارات المملكة العربية السعودية وهي تمارس سيادتها على أرضها.

تلك رسالة ستصل للمجتمع الدولي بالدرجة الأولى قبل أن تصل إلى قطر، فلا تأخذ أي دولة العلاقات السعودية معها بضمان وتأمين على الحياة، فمحمد بن سلمان يقول إن «مصالح المملكة» هي التي تحكم طبيعة هذه العلاقة بالدرجة الأولى هذه لغة سعودية جديدة يتعرف عليها المجتمع الدولي.

وقبل أسبوع وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رسالة أخرى للمجتمع الدولي أن السعودية لن تدافع عن مصالحكم إلى الأبد، والتي أطلقها عبر تصريحه في صحيفة «وول ستريت جورنال» حين قال:

«يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على إيران اقتصادياً وسياسياً، لتجنب اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة»، مضيفاً: «العقوبات ستكون أداة ضغط على النظام الإيراني».

وتابع ولي العهد السعودي: «يجب أن ننجح في تجنب الحرب مع إيران»، مضيفاً: «إذا لم ننجح في ذلك، فإنه من المرجح أن تندلع الحرب خلال 10 إلى 15 عاماً من الآن».

نحن هنا أمام رجل لا يتكلم عبثاً ولا يعطي تاريخاً اعتباطياً ولا يصرح بلا استعداد لفعل، فقد نبه محمد بن سلمان إلى ضرورة أن يتحلى المجتمع الدولي بمسؤوليته الأخلاقية ويتخذ موقفاً تجاه الإرهاب الإيراني الموجه للعالم أجمع وليس لدول الخليج أو المنطقة العربية فحسب، كي يتجنب العالم حرباً وإن بدت مباشرة بين السعودية وإيران إلا أنها حرب ستجري في منطقة حيوية تهم العالم أجمع ويعتمد عليها.

تلك حرب كما يعرف الجميع - إن وقعت لا قدر الله - فإنها لن تقع بين الدولتين فقط، ولن يقع ضررها على الدولتين فحسب، بل على العالم أجمع الذي يعتمد على النفط الخليجي والإيراني ويعتمد على استخدام الممرات المائية والهوائية في هذه المنطقة، وعلى الموقع الاستراتيجي الجغرافي والاقتصادي لهاتين الدولتين.

مع الأخذ في الاعتبار أن إيران تشن الحرب الآن علينا كدول خليجية وعربية بالوكالة منذ أكثر من ثلاثين عاماً من خلال تسليح ميليشيات إرهابية شيعية في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين والكويت بعد أن هربت لهم جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وتلك الميليشيات تشن حرباً على شعوبها العربية نيابة وخدمة لإيران، ونحن نواجه تلك الميليشيات منذ عقود وندفع أرواحنا ثمناً لمنعها من السيطرة والهيمنة على مقدراتنا.

محمد بن سلمان أرسل رسالة تحذير للمجتمع الدولي بأننا نخوض حرباً فعلية مع دولة توسعية تهدد الأمن الدولي، ونحن الوحيدون الذين نتصدى لها والعالم يتفرج، ومحاولاتها لم ولن تتوقف مادام المجتمع الدولي يفكر بصفقاته التجارية التي تستخدمها إيران لشراء مواقفه!!

محمد بن سلمان قال باختصار إن كان الإرهاب جزيرة فسأعزلها، وقال إنه لا يمكن أن تستمر حرب الوكالة إلى الأبد، كما لا يمكن أن تقوم السعودية وشقيقاتها كالبحرين والإمارات بالدفاع عن المصالح الدولية نيابة عن أصحابها، ولي العهد السعودي يطالب المجتمع الدولي أن يوقف حرب الوكالة هذه حتى لا تتطور إلى حرب مباشرة حينها سيكون قد فات الأوان.

الضغط على إيران اليوم سيوقف إرهابها حتماً ويمنع الحرب غداً، النظام الإيراني لن يحتمل تبعات عودة العقوبات خاصة والشعب الإيراني يحمّله مسؤولية هذه السياسة التوسعية التي جاءت على حساب رفاهيته بتظاهرات لم تتوقف وبتصعيد في التمرد ورفض السكوت.

ما ستخسره أي من الدول الأوروبية والآسيوية من جراء الانضمام لقرار المقاطعة الإيرانية كعقوبة عليها اليوم، سيكون أقل بكثير مما ستتحمله لاحقاً من خسائر وقوع مثل هذه الحرب في هذه المنطقة.

ومن يفكر بحلول كمشروع قناة سلوى يستطيع أن يقطع أي صلة بأي دولة تهدد المصالح الحيوية بالمملكة.

إنه يقول للعالم إننا نستطيع أن نتجاوز النداءات والتحذيرات إن حجت حجاجيها، إلى أن نرهن مواقفنا بالدول الأوروبية بمواقف تلك الدول من التهور الإيراني، فالسعودية لا تحارب وتحمي المياه الإقليمية لصالحها فقط بل لصالح أمن الممرات المائية الدولية التي يستخدمها الجميع أيضاً، والكل يرى بأم عينه حجم الأسلحة التي تصدرها إيران لمناطق الصراع عبر تلك الممرات، بل إن من يصادر تلك الأسلحة هم دوريات أجنبية أوروبية وأسترالية وغيرها، دون أن تدفع تلك الوقائع الدول الأوروبية أن تتخذ موقفاً أكثر صرامة من مجرد تصريحات لا يتبعها أفعال تؤخذ على محمل الجد.

 

 

Email