قطر وحلفاؤها.. الإرهاب في مرحلة اليأس

ت + ت - الحجم الطبيعي

كأنهم جميعاً يتحركون بـ «الريموت كنترول»، أو يعملون وفق خطة موحدة وتنسيق كامل، لا يريد إلا نشر الخراب والدمار في كل أنحاء الوطن العربي!!

قبل بضعة أيام من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في مصر، كان الهوس يبلغ مداه في الإعلام القطري، وكانت «الجزيرة» تذيع علناً، بيانات التحريض التي تطالب بقايا الإخوان في مصر بأن يلجؤوا للعنف، وأن يلتحقوا بخلايا الإرهاب التي تخوض مصر «جيشاً وشعباً»، حرب مصير لإنهاء وجودها.

وللحقيقة، وبدون عودة للماضي البعيد، فإن الإخوان لم يغادروا مربع الإرهاب أبداً، وإذا كانوا قد برعوا قبل ذلك في استخدام الأقنعة الزائفة، وادعاء السلمية التي لم يلتزموا بها يوماً منذ نشأة الجماعة.

فإنهم بعد السقوط الكبير بمصر في 30 يونيو، قد خلعوا كل الأقنعة، ولم يبقَ إلا وجههم السافر، الذي يقول إنهم أصل الإرهاب، وأن كل إرهاب جاء بعد ذلك محاولاً استخدام الدين الحنيف لتمرير دعاواه. هو ابن الإخوان أو صنع أياديهم!!

خلع الإخوان الأقنعة، واعترفوا بأن لهم عصابات مسلحة تعمل في مصر، وتحمل أسماء عديدة، لعل أبرزها «حسم» و«لواء الثورة»، اللتين كشف تعقبهما، عمق علاقتهما بالدواعش وغيرها من جماعات الإرهاب، وعمق التزامها بقيادة التنظيم المختفية في الداخل، أو الهاربة للخارج، والتي ما زالت تعتمد على دعم قطر وتركيا، وبعض القوى المعارضة لمصر، وأجهزتها السرية العاملة في المنطقة.

ولم يكن في استطاعة الإخوان أن يفعلوا أكثر من ارتكاب هذه الجريمة المنحطة، بمحاولة اغتيال مدير أمن مدينة الإسكندرية، فالسيطرة الأمنية للدولة، قد أصبحت شبه كاملة، والضربات التي يتلقاها الإرهاب «وخاصة في سيناء»، قطعت معظم خطوط الاتصال بين العصابات الإخوانية والداعشية، وإعادة بناء أجهزة الأمن، بعد ما تعرضت له على أيدي الإخوان في عام حكمهم الأسود، جعلت هذه الأجهزة قادرة على توجيه الضربات الاستباقية لخلاياهم الإرهابية، التي سقط منها خلال أسابيع قليلة قبل جريمة الإسكندرية، أكثر من ثلاثين خلية، ثم كان الكشف عن الخلية التي ثبت تورطها في الحادث الأخير، والتي قتل ستة من أعضائها في اشتباك مع قوات الأمن، بعد أقل من يومين، وقبل انطلاق انتخابات الرئاسة، التي تمت في هدوء كامل وأمن مستقر.

وكان لافتاً، أن يترافق ذلك مع إطلاق الصواريخ البالستية الإيرانية على السعودية الشقيقة، بأيدي العملاء من الحوثيين، في جريمة هلل لها الإعلام القطري، وتركت معها «الجزيرة» شاشتها الموبوءة لرئيس المليشيا الحوثية، ليرسل تهديداته، وكأنه غافل عن إدراك أن العالم كله يعرف الفاعل الرئيس في طهران، والذي يحرك الدمية الحوثية، ويفتح لها أبواب وإعلام قطر، الخاضع لجماعة الإخوان.

وضع ما شئت من علامات التعجب حول العلاقة المشبوهة بين أطراف كانت تدعي العداء إلى يوم الدين. ثم ضع ما شئت من علامات الاستفهام حول من جمع كل هؤلاء، ومن سخرهم لخدمة مخططات ضد العروبة.. والإسلام.

ولأن هناك من أراد أن يكتمل المشهد. كانت الطائرات الحربية التي تملكها حكومة قطر، تعترض طريق الطائرة المدنية الإماراتية فوق مياه الخليج، في حركة صبيانية، لا يفعلها إلا صغير، يحاول أن يقول إنه موجود، وأنه قادر على إثارة الشغب، حتى ولو كان ذلك سوف يلحق به، في النهاية، أفدح الأضرار.

في المشاهد الثلاثة، كنا أمام لاعبين صغار، ينفذون ما يلقى إليهم من تعليمات. سواء كان ذلك من مرشد هنا، أو من مرشد هناك!، من واحد يتباهى جنرالاته بأن أعلامهم ترتفع في أربع عواصم عربية «حتى الآن!!».. أو من آخر لا يعترف بأن جماعته انتهت بسقوطها على يد شعب مصر في 30 يونيو، وما زال (وهو يقود بواقي الجماعة من مخبئه، نائباً عن المرشد الأصلي، الذي يقف ليحاكم أمام العدالة)، يتصور أن المزيد من الجرائم يمكن أن تمحو ما سبقها، وأن التمادي في الخيانة، يمكن أن يعيد أوهام الخلافة المزعومة.

في المشاهد الثلاثة، كان اللاعبون الصغار ينفذون مخططاً واحداً، يستهدف القوى الحية في الجسد العربي، التي تقاوم ما يدبر للأمة العربية، والتي استطاعت أن توقف المؤامرة على العرب جميعاً، حين أسقطت حكم الفاشية الإخوانية في مصر، التي اعتبروها «جائزتهم الكبرى»، والتي عادت لدورها في قيادة العالم العربي للطريق الصحيح، الذي كاد يضيع، والتي تقف بحسم مع أشقائها في الخليج والسعودية ضد كل عدوان، باعتبار أن أمن الخليج العربي، هو خط أحمر بالنسبة لمصر، كما أن أمن مصر، هو خط أحمر بالنسبة للأشقاء، الذين يمثلون حجر الزاوية في مهمة إسقاط التآمر الكاره لكل ما هو عربي.

تلجأ قطر إلى الإنكار، فقد تشربت ثقافة الإخوان حتى الثمالة، وأصبحت المراوغة والملاوعة والكذب المتواصل، هو سياستها الرسمية. ويعتصم الإخوان بالصمت، بعد أن أصبح ادعاء السلمية أشبه بالنكتة "البايخة"، أمام عالم انكشفت أمامه حقيقتهم، وأصبح يدرك أنهم أصل الإرهاب ومنبعه الأصيل.

ولا يلقي أحد بالاً لما يثرثر به قادة المليشيا الحوثية، لأنهم يدركون أن القرار بالنسبة لهم عند الملالي والحرس الثوري في إيران.

وتبقى الحقيقة واضحة.. وحاسمة. من حادث الإسكندرية، إلى صواريخ الحوثي الإيرانية، إلى اعتراض الطائرات العسكرية المملوكة لحكومة قطر، للطائرة المدنية الإماراتية، ونحن أمام «اليأس» في أسوأ حالاته، نحن أمام جماعات يائسة، ترى النهاية تقترب، فتسير في طريق الانتحار، ونحن أمام دول ربطت مصيرها بالإرهاب، وتصورت أن انتصاره سيحولها من دول صغيرة إلى دول عظمى.

ونحن أمام قوى إقليمية، راهنت على أن الوطن العربي قد أصبح مستباحاً لأطماعها، ثم فوجئت بأن هناك خلايا حية في الجسد العربي ترفض الاستسلام وتتصدى للتآمر، وتستعيد القدرة على هزيمة كل مخططات الأعداء، لترك الوطن العربي فريسة للفوضى، تمهيداً لخريطة جديدة، تعيد تقسيمه في غياب العرب، وضد وجودهم في حد ذاته.

.. وتبقى المفارقات في ردود الفعل كاشفة للحقيقة.

في مصر، لم تعلن جماعة الإخوان مسؤوليتها عن حادث الإسكندرية، ولم تدينه بالطبع (!!)، بينما في اليمن، يتباهى الحوثيون بإطلاق الصواريخ، لأن إيران تريد ذلك (!!). بينما قطر تلجأ للإنكار الإخواني المعهود، ثم تفتح الباب للثعابين السامة من وسائل الإعلام المؤجرة للإرهاب، أو من خلال عودة أحد «الحمدين»، ليغرد، فيبدو وكأنه يرثى زمن الخيانة والعمالة. أو كأنه يطمع لبعثها من جديد!!

الدرس انتهى.. فهل تفهمون؟!

* كاتب مصري

Email