واقعية دبي تفتح أمامها طرق العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قديماً، كانت كلّ الطرق تؤدّي إلى روما، بالمعنَيين الحقيقي والمجازي لهذه العبارة، لأنّ روما كانت حاضِرةَ العالم وبوصلتَه ومحطَّ أنظاره، وقد حرص أباطرتُها على فتح طرق بينها وبين جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية آنذاك، لكي تكون روما مركز العالم وأهمّ مدنه..

لكن ماذا عن عالم اليوم؟!.. ألا يوجد فيه (روما) جديدة تستقطب الأنظار وتعدّ مركز الجذب العالمي الأول؟!

سأقول بكلّ ثقة: اليوم؛ كلّ الطرق تؤدّي إلى (دبي).. فهي -وإن لم تكن نقطة الوصل (الجغرافي) بين مدن العالم الحديث- لكنّها بدون شكّ مركز الجذب العالمي الأول، ومحطّ أنظار أصحاب الأموال والمستثمرين والسيّاح والراغبين بحياة أفضل.. لماذا؟!.. لأنّها ببساطة تستطيع تحويل الأحلام إلى واقع.. ولأنّها وبكلّ واقعية تعمل على تجسيد الطموحات عبر مرونة سياساتها، وتلمّس المعطيات التي يفرضها الواقع.

فدبي تدرك أنّ الحلم شيء، وأن يكون الحلم قابلاً للتحقيق شيء آخر.. إذ مهما كانت الأحلام والطموحات كبيرة، فلا فائدة منها إن كانت غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع.. وفي دبي حكاية الأحلام والطموحات ابتدأت منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فأخذت المنحى الواقعي لكي تتحول إلى إنجازاتٍ رائدة يشار إليها بالبنان.

فدبي مدرسة الواقعية بلا منازع.. وهي مدينة عملية تعتمد الإنجاز كمقياس للنجاح والتميز، ولا تقف عند النظريات والشعارات والأقوال المحفّزة، وإنّما تعمل على تطبيق طموحات الشعب وما يرنو إليه من تطوّر وتقدّم وريادة على أرض الواقع.

وقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، تنطلق من فكر ورؤية مستلهَمَة من الواقع العملي على الأرض، لتكريس المفاهيم التنموية والريادية وتجسيدها واقعاً ملموساً ينعكس بكل إيجابياته وفوائده على المواطن والمقيم والزائر.

وقد أثبتت دبي على مدار العقود الماضية أنّها من أسرع مدن العالم تطوّراً ونموّاً، فما حقّقته من نجاحات وتقدّم غير مسبوق؛ لم تحقّقه مدينة أخرى في العالم خلال هذا الزمن القياسي، لأنّ دبي درست واقعها وإمكاناتها، ووضعت خططاً للمستقبل البعيد، واعتمدت سياسات إدارية وتنموية ناجحة، ثمّ وضعت خططها وسياساتها قيد التنفيذ على أرض الواقع.

وقد عملت القيادة الرشيدة على تطوير الخطط وتحديثها وفق متغيرات الواقع، وما تفرضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وما تقدّمه التكنولوجيا الحديثة من معطيات جديدة تتطلب إجراءات مختلفة، الأمر الذي كَسَا دبي برداءِ الواقعيةِ الذي جاء استجابةً للمتغيرات التي تشهدها الحياة بشكل يومي، وتبعاً لظروف المجتمع الإماراتي وللارتباط مع المجتمعات والدول الأخرى.

وفي هذا السياق يعدّ المجال الاقتصادي والاستثماري من أهمّ المجالات التي تشهد على واقعية دبي وحرصها على اعتماد سياسات عملية وناجعة، فقد أتاحت للمستثمرين ورجال الأعمال المحلّيّين والأجانب؛ كلّ التسهيلات التي تجعلهم يُقبلون على أعمالهم بطمأنينة وثقة، ودون خوفٍ من المغامرة أو خشيةٍ من الفشل، فتحوّلت دبي إلى بوصلة عالمية لرجال الأعمال والمستثمرين العالميين، ونجحت باستقطاب أكبر الرساميل وأهمّ المستثمرين من مختلف دول العالم.

وقد خضعت القوانين الاستثمارية والاقتصادية للكثير من التطوير في كلّ مرحلة من مراحل تطوّر دبي، بما ينسجم مع متطلّبات كلّ مرحلة، ومن ذلك على سبيل المثال أنّ دبي تدرس حالياً تخفيض تكاليف الاستثمار عن رجال الأعمال والمستثمرين، وقامت بإيقاف زيادة الرسوم للسنوات الثلاث القادمة؛ الأمر الذي يدلّ على الواقعية وتلمّس نبض مجتمع الأعمال، والحرص على تقديم أفضل بيئة استثمارية.

كلّ ما تقدّمه الحكومة الرشيدة من إجراءات مساعدة وتسهيلات للأعمال وخدمات متميزة، بات محطّ أنظار العالم، فقد بدأت الدول الأخرى تشعر بالتأثير الإيجابي الذي تتركه حكومة دبي على مواطنيها والمقيمين فيها، الذين يعملون بإخلاص وتميّز يقودهم إليه حبّ القيادة الملهِمة، حتّى أصبحت ثقافة التميّز هي الواقع الذي تعيشه دبي في كلّ مفصل من مفاصل العمل، وبشكل يومي، وهو أمر تطمح إليه جميع حكومات العالم المتقدّم، حتّى إنّ العديد من حكومات الدول العربية والدول الأجنبية الصديقة تستعين بخبرة حكومة دبي في تحقيق إنجازات حكومية رائدة ومتميزة، وتستلهِم خطط دبي وسياساتها الحكومية، لتحقيق إنجازات مماثلة لإنجازات دبي.

واقعية دبي عامل أساسي في نجاحها وتحوّلها إلى (روما) القرن الواحد والعشرين، فهي اليوم جمعت العالم كلّها بين ثناياها، بكلّ ما تمتلكه من عوامل جذب واستقطاب، وبكلّ ما تشهده من تطوّر وتقدّم لا يعرف خطّ النهاية..

*المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز

Email