بلدان «الربيع العربي» الأقل سعادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصدرت الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر سعادة في العالم لعام 2018، وجاء ترتيب الدول العربية مختلطاً جداً، حيث تفرقت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين رأس القائمة ووسطها وذيلها، لكن الدولة العربية الأسعد حالاً هي الإمارات التي احتلت المرتبة الرابعة عشرة بين دول العالم الأكثر سعادة، يتبعها دول الخليج، أما دول الربيع العربي فجميعها يدخل ضمن الدول الأقل سعادة في الشرق الأوسط والعالم، وبرغم التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته اليابان فإن شعبها ليس الأسعد، ولا يتصدر قائمة الدول السعيدة بسبب المخاطر الطبيعية التي تتعرض لها اليابان.

وكعادتها احتلّت الدول الإسكندنافية المراكز الأولى في قائمة الدول الأكثر سعادة في العالم، وقد بيّن تقرير السعادة لعام 2018، والذي أصدرته «شبكة حلول التنمية المستدامة» التابعة للأمم المتحدة، أنّ فنلندا هي أسعد بلد في العالم، أمّا النرويج التي كانت في المركز الأول العام الماضي فقد تراجعت إلى المركز الثاني هذا العام. ويصنّف التقرير، الذي صدر قبل أيام من يوم السعادة العالمي، البلدان انطلاقاً من ستة معايير رئيسية منها حصة الفرد من الناتج المحلي والحرية ومتوسط العمر المتوقع والدعم الاجتماعي والكرم.

ويُذكر أن أربعاً من الدول العشر الأوائل، وهي الدنمارك وسويسرا والنرويج وفنلندا، تحتلّ المراكز الأولى في جميع تصنيفات تقارير السعادة العالمية الستة، منذ التقرير الأول. كما يكشف التقرير أن مستوى السعادة هبط 5 درجات في الولايات المتحدة ليصبح ترتيبها الدولة 18 في العالم عام 2016، بينما الدول الأربع الأكثر سعادة في العالم هي على التوالي فنلندا، ثم النرويج والدنمارك وأيسلندا.

وفنلندا رغم أنها ليست الأعلى دخلاً، غير أنها الأسعد بين دول العالم، وهي دولة صغيرة تعدادها 5 ملايين ونصف المليون مواطن عانت قبل 50 عاماً خطر المجاعة، لكنها الأكثر أمناً واستقراراً، وحكومتها هي الأكثر رشاداً والأقل فساداً بين الأمم، وهي الأكثر تقدماً وإنسانية في نظامها الاجتماعي، شرطتها الأكثر مدعاة للثقة بين شرطة العالم، وبنوكها الأكثر جدارة ونزاهة واستحقاقاً، وجامعاتها هي الأفضل في برامج التعليم والتدريب، وسجلت أرقاماً مهمة في ارتفاع مستويات الدخول والارتقاء بالحالة الصحية لمواطنيها وتمتعهم بالدعم الاقتصادي، وطبقاً لتقديرات معهد جالوب الإحصائي فإن فنلندا ربما تكون الأغلى في ضرائبها، لكن الفنلنديين يعتبرون الضريبة استثماراً في جودة الخدمات والحياة والرعاية الصحية المتميزة.

ويصنف تقرير السعادة العالمي الجديد 156 بلداً على أساس معايير أساسية بينها متوسط العمر الذي يعيشه الفرد والتنوع البيئي والثقافي، والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والفساد ومستوى الكرم، وحالة الرضا والتفاؤل. وجاءت بريطانيا في المركز التاسع ولاحظ مايك وايكوبنج الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السعادة أن فنلندا صنفت على أنها أسعد بلدان العالم رغم أنها أفقر بكثير من البلدان المتطورة الأخرى، وبرغم أن لدى فنلندا وبريطانيا وبريكاسا مستوى متقارباً لنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، لكن فنلندا تحول ثرواتها إلي سعادة أفضل بكثير من بريطانيا.

ولأول مرة، منذ عام 2012، صنّف المؤشر سعادة المهاجرين المولودين في بلد أجنبي في 117 دولة، وحصلت فنلندا علي أعلى مرتبة في هذا التصنيف، بينما كان المولودون في بلد أجنبي هم أقل سعادة في سوريا التي تشهد حرباً منذ سبع سنوات.

وقال جون هليول، الأستاذ في جامعة بريتش كولومبيا في كندا، إنّ «أبرز ما تظهره نتائج التقرير هو الاتساق الملحوظ بين سعادة المهاجرين وسعادة المولودين في بلادهم (...) من ينتقلون إلى بلد سعيد يكسبون ومن ينتقلون إلى بلد أقل سعادة يخسرون».

وعلى صعيد الدول العربية، كان المقيمون المولودون في الإمارات الأكثر سعادة بين المقيمين المولودين في بلاد عربية أخرى، حتى أنهم كانوا أكثر سعادة من المقيمين المولودين في فرنسا وألمانيا.

وربما كان أهم الحقائق التي أوردها تقرير السعادة أن كل دول الربيع العربي بما في ذلك سوريا والعراق وليبيا جاءت في ذيل القائمة بسبب سنوات الفوضى التي عاشتها.

* كاتب ومحلل سياسي

Email