نهاية الحرب السورية بعيدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من الصعب التنبؤ بمدى اتساع نطاق الحرب في سوريا عندما نزل المحتجون إلى الشوارع في دمشق وحلب فيما سمي بـ«يوم الغضب» في 15 مارس 2011.

وبدأ متظاهرو ما سمي بـ«الربيع العربي» يهتفون «جاء دورك يا دكتور»، وهم يقصدون بشار الأسد، فيما هم يطالبون بإطلاق سراح 15 مراهقاً تم اعتقالهم بتهمة تلطيخ الجدران بشعارات مناهضة للحكومة. ولم يردعهم الاعتقال والضرب، فقد استمدوا الشجاعة من سقوط بعض الأنظمة في مصر وتونس خلال تظاهرات مماثلة.

وبعد ثلاثة أيام من التظاهرات النارية في سوريا، وفي 18 مارس، قتل أربعة من المحتجين في درعا على يد قوات الأمن التي فتحت النار على المتظاهرين بشكل عشوائي.

وقد أججت عملية القتل تلك نيران الثورة التي تحولت إلى صراع واسع ليس كأي صراع آخر في تاريخ الحروب الحديثة، مما أثار الشكوك بسلطة الأمم المتحدة، وأثار العديد من التساؤلات عن مدى قدسية القانون الدولي الإنساني.

التداعيات الكاملة للحرب التي يجري خوضها في سوريا والتي لا حصر لها، لم يتم بعد فهمها. لكن الشيء المؤكد أن أكثر من نصف مليون شخص لقوا مصرعهم، وأجبر نصف السكان على ترك منازلهم، ولم يعرف جيل كامل من أطفال سوريا شيئاً آخر سوى الحرب.

يقول بعض المحللين إنه إذا لم تصدر عقوبات رادعة ضد استمرار النظام في حربه، فإنه سيشجع على مواصلة ارتكاب الجرائم بشكل يومي، لكن الأمم المتحدة هي الخيار الوحيد الذي يتعين أن يتعامل مع هذا الصراع.

وعشية الذكرى السابعة للحرب، لم يظهر أي أثر يدل على إخماد نيرانها، وعلى الجبهات، أصبح النزاع معقداً وقاتلاً بشكل أكبر. وتظهر سوريا الآن إشارات خطيرة الآن على انحدارها إلى حالة حرب راسخة مثل تلك التي عانى منها العراق وأفغانستان، وهي خاضعة لنزوات أمراء الحرب الداخليين ووكلائهم في الخارج.

ومثل سقوط شرق حلب التي كانت في قبضة المعارضين المسلحين، بسبب الدعم الجوي الروسي والقوات المدعومة من قبل إيران، في نهاية 2016، نقطة انعطاف في الحرب الأهلية السورية، ورجح كفتها لصالح بشار الأسد.

ومع تفكيك خلافة داعش بعد معركة الرقة العام الماضي، بدأت الجبهة الأخرى الطويلة في المسرح السوري تخفت. ومع ذلك، اعتبر عام 2018، أكثر الفصول دموية في الحرب التي لم تنته فصولها بعد. ففي منطقة الغوطة الشرقية، قتل أكثر من 1000 شخص في هجوم شنته قوات النظام للسيطرة عليها.

وتحاصر قوات النظام ضواحي دمشق منذ عام 2012، وقد كانت مسرحاً لهجمات قاتلة بغازي السارين والكلور في 2013، وهي تعتبر من أسوأ الهجمات الكيماوية في التاريخ الحديث.

وفي الأشهر الأخيرة شددت قوات الأسد حصارها، تاركة ما يقدر بـ 400،000 من المدنيين يعانون من نقص في الإمدادات الغذائية والطبية. وفي الوقت نفسه، صعدت حملتها العسكرية.

ويواجه الثوار هجوماً برياً استعاد أكثر من نصف المنطقة، كما يتعرضون لاحتمال إجلائهم إلى آخر معقل لهم في إدلب في الشمال الغربي من سوريا.

ويعد مصير مئات الألوف من الأشخاص الذين اعتُقلوا أو اختفوا في غياهب سجون الأسد مسألة أخرى مؤلمة يمكن أن تعرقل أي محاولات جديدة للحوار بين النظام وقوات المعارضة.

ولا تزال بداية النهاية في الحرب السورية بعيدة خمس سنوات على الأقل، حتى لو أجريت محاولات جادة لإيجاد تسوية بين النظام والمعارضة. فسوريا تعرضت لتغيرات ديموغرافية كبيرة في السنوات السبع الأخيرة، حيث تم تفريغ جاليات بأكملها من مناطق سكناها، وتم نقلها إلى أماكن أخرى، فضلاً عن الذين اضطروا للهجرة إلى دول أخرى على امتداد العالم.

وعند هذا الحد من النزاع، لم يعد للمعارضة خيار آخر سوى الاستمرار في القتال، ويقولون إنهم دفعوا ثمناً غالياً في الحرب، وضحوا كثيراً بالمقاتلين والمدنيين على حد سواء، ولا يمكنهم التوقف الآن.

 

Email