الإمارات تجيد الوصول للرقم 1

ت + ت - الحجم الطبيعي

على قدر أهل العزم تأتي العزائم... وتأتي على قدر الكرام المكارم، وتعظم في عين الصغير صغارها... وتصغر في عين العظيم العظائم، هذه من أكثر الأبيات التي نطق بها المتنبي بلاغة وحكمة، ورصد لحالة نفسية وتحليل لحركة المشاعر وتضاربها، وهو فيها يؤكد أن بداية تحقيق الأماني تأتي من الفرد من الذات، بل من داخله، من إيمانه بقدراته على الوصول مهما كانت المصاعب والمغالبة، ومهما كانت العقبات.

ذلك أن الرجال أصحاب القوة والعزم لا ترهبهم التحديات مهما كانت، ولا تثنيهم العقبات أياً ما كانت، لأنهم يدركون أن الأعمال العظيمة لا يمكن أن تتحقق بالجهود المعتادة، غير أنه من الأهمية بمكان التأكيد أنهم يملكون الرؤية والقدرة على تحليل العوامل الفاعلة في المشهد وتفكيكها، في الوقت الذي يجيدون فيه عزل تلك العوامل المعقدة والمتشابكة والمتسارعة عن بعضها البعض للوصول إلى قلبها، واستكشاف أهمها والتعامل معها.

فإرادة من دون رؤية لا يمكن أن تحقق شيئاً، كمن يبذل جهداً كبيراً في السير لكن في ذات المكان أو في خطوط متعارضة فلا يصل إلى شيء بعد أن تستنزف قوته وتهدر مقدراته، لكن الرؤية الرائقة الثاقبة هي الأساس، كما أن الرؤية من دون إرادة فعل وامتلاك أدوات السير والتحرك تصبح محض أمنيات أو تنظيرات يمكن قراءتها والاستمتاع بها كوجبة فكرية، غير أن النجاح الحقيقي يأتي من تكامل الرؤية مع القدرة على الفعل، وتحديد أولويات الإنجاز، وتناغم الحركة بين كافة الاتجاهات والمكونات، لتكون في الأخير صورة متكاملة يمكن لمن يراها أن يدرك أن وراءها مخططاً بارعاً لم يشذ أو يتناقض أي عنصر من عناصرها.

ذلك في تقديري الفكر الذي هيأ لدولتنا أن تتصدر خمسين مؤشراً تنموياً عالمياً، حيث إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أكد غير مرة «أن هدف الإمارات الرقم واحد عالمياً في كافة المجالات، ومسيرتنا التنموية في تسارع يومي، والمنافسة لن تزيدنا إلا قوة وتميزاً».

ولكي تكون الصورة أكثر ولكي نعرف مكاننا ومكانتنا فإن المجالات التي تصدرت فيها الإمارات التنافسية العالمية لعام 2017/ 2018 جاءت في العديد من القطاعات الحيوية المؤثرة، التي لها انعكاس على حياة المواطن وحركته اليومية مثل جودة القرارات الحكومية، وقدرة الحكومة على التكيف مع المتغيرات، وفعالية الإنفاق الحكومي، وهو ما يؤكد أن الجسد التنموي الفاعل في الإمارات جسد حي يمتلك الوعي، وفي الوقت ذاته قادر على التحرك في اتجاهات متعددة في عالم أصبحت التغيرات المتسارعة من أهم سماته، فضلاً عن الشراكة الفاعلة بين جناحي المسيرة التنموية وهما القطاعان العام والخاص باعتبارهما صنواناً، والتحول التكنولوجي عبر الأتمتة، التي باتت ملمحاً واضحاً من نمط الحياة على أرض الإمارات، وانعكاس ذلك على تيسير حياة الناس وقدرتهم على الإنجاز بصورة فاعلة، فضلاً عن التسامح وانخفاض مستوى الجرائم، ولا شك في أنهما نتيجة طبيعية لكل ما سبق.

ومن خلال نظرة متعمقة لمجالات الصدارة، التي ارتكزت فيها الإمارات، نجد أنها لا تقتصر على مجال واحد لكنها اتسمت بالتنوع في مختلف المجالات على مستوى اتخاذ القرار، وفي ميادين العمل والإبداع، وكذلك في الجانب الإنساني والنفسي، الأمر الآخر أن النمو المستمر في هذه المجالات له انعكاسه على حياة الناس اليومية، وهو الأمر الذي يجعل منهم ظهيراً مجتمعياً لتك المسيرة المظفرة، والضامن للحفاظ على مكتسباتها، لأن الناس دائماً ما تحب أن ترى آثار تلك الجهود على تجويد الحياة، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الإمارات تملك أكبر فريق يهدف إلى إسعاد الناس.

ولا شك في أن هذه النتائج لم تأت بين عشية وضحاها لكنها مسيرة بدأت بعد إطلاق أول استراتيجية اتحادية عام 2007، حين أطلق سموه «تحدي الرقم واحد»، الذي جعل من الإمارات بيئة مواتية لكل فكر مبتكر، وفتح آفاقاً لأبنائها للعمل وفق منظومة من التميز لا مكان فيها للتراجع، وكعهد الإمارات دائماً لم تدر الظهر لأبناء أمتها ولكن جعلت تجاربها المظفرة مفتوحة لكل الراغبين من أبنائنا وأشقائنا العرب، لكي تكون أمتنا وشعوبنا العربية في المكانة التي تليق بها.

Email