حلم زايد.. «ابنِ حلماً.. فيبنيك الحلم»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ستينيات القرن الماضي، صاح مارتن لوثر كينغ صيحته الشهيرة: «عندي حلم».. وكانت صرخته تلك في وجه أميركا العنصرية، وتمسّك بحلمه حتّى تجسّد على أرض الواقع.

وفي الشرق، في قلب الصحراء العربية، برز قائد ملهم لوّحت وجهَه شمسُ الصحراء، خطّ حلمه على الرمال وحفره على شغاف قلبه وأعلن على الملأ حلمه الذي تجسّد في دولة لها مكانة عظيمة، دولة باتت درّة الشرق وجوهرته الثمينة..

كان هذا القائدُ الحالمُ ابنُ الصحراء الأصيل، هو المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه».. الرجل صاحب الحلم الذي بتنا اليوم نراه بقلوبنا وأعيننا وأصبحنا نقطف ثماره تطوّراً وإنجازاتٍ وحضارةً لا مثيل لها في جميع المجالات.

لقد بنى الشيخ زايد «رحمه الله» حلمه على عمل الخير ووضع الإنسان في رأس قائمة اهتماماته، فاستثمر في عمل الخير كما استثمر في البناء والتطوير، لقد عمل من أجل خير الإنسان وسعادة الإنسان.

أسس منظومة رائدة لعمل الخير مازالت قائمة حتّى اليوم، رغم رحيله بالجسد وبقائه بالروح والفكر والقيم الإنسانية، فقد ترك إرثاً إنسانياً قوامُه تقديم الخير لكلّ من يحتاجه أينما كان، فتجاوز عطاؤه حدود الإمارات ليصل إلى مختلف أصقاع الأرض التي تضمّ الكثير من المحتاجين ومن هُم بحاجة إلى العون..

لم ينتظر منهم طلباً أو سؤالاً أو إعلاناً عن حاجتهم، وإنما قدّم لهم المساعدة والعطاء ومدّ لهم يد العون من حيث لم يدروا أو يتوقعوا ودافعُه في ذلك قناعتُه بأنّ الخير حدودُه الإنسانية، وأنّ العطاء لا تقف في وجهه الأبواب المغلقة.

هكذا بنى (زايد الخير) قائدُنا الملهِم حلمَه، مجسّداً المقولات التاريخية التي خلّدتها الذاكرة الإنسانية، فقد أدرك معنى أن يقول الإسكندر الأكبر: «لا شيء مستحيلاً على من يحاول»، ونفّذ مقولة روجر فريتس: «الفرق بين الواقع والحلم هو كلمة من ثلاثة أحرف: عمل» حتّى لو لم يسمع بقائلها، لأنّه أدرك في قرارة نفسه أنّك إن بنيت حلماً فسوف يبنيك هذا الحلم، وأنّك إن سعيت إليه فلن يبقى حلماً، بل سيصبح واقعاً ملموساً.

اليوم.. وبمناسبة مائة عام على ولادة هذا القائد العظيم، أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» عام «زايد الخير»، للتذكير برؤية القائد المؤسس، وتجسيد حلمه في بناء دولة قائمة على العطاء وتقديم عمل الخير، دولة لها السبق في كلّ عمل إنساني خالد، وهو أمر نلمسه كلّ يوم عبر المبادرات الرائدة لقادة الإمارات وشيوخها الكرام، وعبر أعمال الخير والعطاءات التي يقدّمها أبناء الإمارات بشكل يومي، ودون انتظار لثناء أو شكر، فدافعُهم في ذلك هو حبُّ الخير الذي فُطِروا عليه، وعملُ الخير الذي غرسه لديهم الأبُ المؤسسُ الشيخ زايد.

(هذا بابا زايد).. عبارة نطق بها بائع سجاد أفغاني بسيط ليعبّر بها عن رفضه بيع صورة الشيخ زايد «طيّب الله ثراه»؛ رغم ما قُدِّم له من إغراء مالي، فهو كما أظهره مقطعُ فيديو انتشر أخيراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يرفض الأمر بشدة ويقول: «هذا بابا زايد، ما أبيع الصورة حتى بمية ألف»..!

لربما كان مبلغ المائة ألف التي لفظها العامل الأفغاني هو بالنسبة له أقصى مبلغ يمكن أن يحلم به، لكنّه بالتأكيد يدرك أن عبارة (بابا زايد) لا تقدّر بثمن، ولا يضاهيها كنز، فقد عبّر بها عن مدى حبّه لشخصية غرست كلّ معاني الخير في قلوب أهالي الإمارات من مواطنين ووافدين، حتّى تحوّل من قائد ورئيس إلى والد، ولَكَم هي جميلةٌ معاني الأبوّة التي زرعها في قلوب محبّيه فأزهرت وأينعت وبسقت أشجاراً من العطاء المثمر.

(بابا زايد) والدنا جميعاً وقائدنا وملهِمنا.. صاحب الحلم الذي بات واقعاً في أعيننا، وسيّد الفعل بعد القول، والرجل ذو اليد البيضاء التي أعطت للعطاء والكرم والخير معانيَ جديدة.

زايد الخير.. زايد الحلم.. زايد الخالد فينا أبداً.. لروحه السلام.. ولفكره وقيمه وعطاءاته كل الحبّ والتقدير والاحترام.

Email