من معين زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

مدرسة إنسانية كبرى، زاخرة بالقيم والمبادئ الراقية، تخرَّج منها أجيال سموا إلى صروح المعالي بعزم كالحديد وطموح تسامي النجوم، وتأسست عليها دولة من أرقى دول العالم اليوم، إنها مدرسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تسلح بمقومات القائد الحكيم، وصفات الأب الحنون الرحيم، واكتشف أسرارا كثيرة من أسرار النجاح الحقيقي في الحياة، فبنى اتحادا مشرقا يعتبر اليوم من أروع نماذج الوحدة والاجتماع، وفتش عن كل سبب للتغيير الإيجابي، فسخَّر الثروات والموارد والإمكانات لخدمة الدولة والمواطن والإنسان، وألبس الصحراء ثوب الخضرة الناضرة، وبنى الصروح السكنية والتعليمية والصحية والثقافية والرياضية وغيرها حتى انتشرت في جميع ربوع الإمارات، لتحكي صروحها الحضارية للتاريخ قصة رجل سهر الليالي والأيام ليحقق لشعبه في وقت قياسي قفزات نوعية مذهلة تعجز عنها دول.

دروس كثيرة لا تنضب ننهلها من معين الشيخ زايد رحمه الله، دروس في الوحدة والاجتماع، والمحبة والوئام، والتعايش والسلام، والأخلاق والفضيلة، والحكمة والأناة، والتشاور والتآزر، والعمل والبناء، والتضحية والفداء، والصدارة والريادة، والأعمال الخيرية والإنسانية، فمعينه كالبحر الزخار، وكل من تخرج من هذه المدرسة الإنسانية الكبرى مدرسة زايد تراه قدوة في أخلاقه وسلوكه وطموحه وتفوقه وخيره المتعدي للجميع.

لقد تجذرت قيم زايد الخير في أرض الإمارات، فأنبتت من كل ثمر بهيج، وتوالت الإنجازات المبهرة متجددة دون انقطاع، لأنها قيم حضارة ورقي وتطور، فها هي الإمارات تحتضن القمم العالمية للحكومات، وتطلق المسبار الإماراتي «مسبار الأمل» لاكتشاف الفضاء والوصول إلى الكوكب الأحمر المريخ، وتستثمر في الذكاء الصناعي والخدمات الذكية لتوفير أرقى الخدمات ومواكبة أحدث التقنيات، وتحتضن جيل الشباب، وتستثمر طاقاتهم ومواهبهم، وترسي دعائم الأمن والاستقرار في كل شبر، وتوطد جسور العلاقات المثلى مع الأشقاء والأصدقاء، وتحظى باحترام الجميع، حتى غدت الإمارات واحة غناء يقصدها الزوار من كل الأصقاع، وكل ذلك منبثق من إرث زايد الخير، الذي طالما دعا إلى العلم والمعرفة والتقدم والتطور والازدهار والابتكار وبناء الدولة الحديثة وفق أحدث أدوات العصر مع المحافظة على الهوية الوطنية والولاء والانتماء والعادات الأصيلة والأخلاق الجميلة، جامعا بين السمو المادي والروحي، وبين المعاصرة والأصالة، وبين التاريخ والحاضر والمستقبل، لينصهر ذلك كله في دولة واحدة تدعى دولة الإمارات.

لقد اهتم الشيخ زايد رحمه الله بمختلف الجوانب، فاهتم بالفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وجعل الإنسان موضع اهتمامه وعلى رأس أولوياته، قائلا: «إن استثمار الإنسان هو أفضل استثمار»، فوفر له كل شيء، ووضع جميع الإمكانيات تحت يديه، ليبني نفسه ويطورها وينميها، ويبني أسرة مثالية متماسكة متسلحة بالقيم الوطنية والأخلاقية الرفيعة، ويبني مجتمعا متميزا مزدهرا، ويرد الجميل إلى وطنه وقادته، واهتم الشيخ زايد رحمه الله بالشباب، فكانوا موضع ثقته ورعايته، وفتح لهم الأبواب، وذلل لهم الصعاب، ليقوموا بخدمة دولتهم على أكمل وجه، ويكونوا موضع فخر واعتزاز.

ومما نستقيه من معين زايد الخير حب الوطن، والدفاع عنه بالغالي والنفيس، ورد السهام المغرضة عنه، والوقوف مع قيادتنا الحكيمة في السراء والضراء، مستظلين بظلها الوارف، متصدين لكل حاقد كائد، وصور الدفاع عن الوطن كثيرة، فالجندي يدافع عن الوطن في ساحته، والمثقف بقلمه ولسانه، والعالم بعلمه، والوالدان يغرسان القيم الوطنية في أسرتهما، وكذلك ندافع عن الوطن بأخلاقنا الحميدة وسمعتنا الطيبة أينما كنا، لنعطي أفضل انطباع عنه، ونكون خير سفراء له، مترسمين قول الشيخ زايد رحمه الله: «إن الأخلاق والسمعة الطيبة هي ثروة الإنسان والأساس في التعامل بين الناس»، وما الإنجازات الدبلوماسية المتوالية التي تحققها دولة الإمارات إلا ثمرة من ثمرات جهود القيادة الحكيمة في ترسيخ المكانة العالمية لدولة الإمارات، وثمرة الأخلاقيات الراقية للمواطنين الإماراتيين في الخارج في حسن تعاملهم مع الشعوب الأخرى بما يعكس أجمل صورة عن شعب الإمارات، متذكرين قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله: «أي شيء إيجابي تفعله سيقولون الإماراتي، وأي شيء سلبي تفعله سيقولون الإماراتي، ونحن كلنا مسؤولون عن صنع سمعة طيبة لهذا البلد».

لقد ملك الشيخ زايد رحمه الله القلوب، ونال محبة القريب والبعيد، بعلو شمائله وحسن حكمته وأياديه البيضاء الناصعة التي امتدت إلى مختلف أصقاع الأرض، فلا يكاد يسمع إنسان باسم الشيخ زايد حتى تجده يعبر عن محبته وتقديره، لأنه كان رجل أفعال مشرِّفة ومواقف مشرقة، إذا نظرت في الشدائد وجدته سبَّاقا إلى إغاثة الملهوفين ونجدة المحتاجين، وإذا نظرت للأشقاء وجدته لهم خير عون ونصير، وإذا نظرت إلى شعبه وجدته لهم خير قائد وأب حنون، لم يركن إلى الراحة والدعة، ولم يعرف الكلل والملل، بل كان دائم العمل والمثابرة والإصرار على تحقيق المزيد والمزيد من الإنجازات الحضارية لشعبه ودولته وأمته.

غادرنا الشيخ زايد رحمه الله بجسده، ولكنه خالد فينا بعطائه وإرثه، وبمن حملوا الراية من بعده، قادة نجباء، اقتفوا الأثر، سائرين على نهجه بخطى ثابتة، لتواصل سفينة الإمارات مسيرتها المشرقة لشواطئ الأمجاد، مزدانة باسم رجل لا ينساه التاريخ، لأنه نقش حروفه بمداد من نور، اسم زايد الخير، وها هو عام 2018 يحمل شعارا يلامس القلوب شعار «عام زايد»، ليكون مناسبة وطنية للاحتفاء بالقائد المؤسس والأب الحنون، مترجمين قيمه الراقية في أجمل الأقوال والأفعال والإنجازات، لنكون بحق «عيال زايد».

Email