انفصال جنوب قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تردد على مسامعي، في أكثر من مناسبة، فكرة انفصال جنوب قطر، أحياناً، من باب التندر وأخرى من وجهة نظر معارضة قطرية تناقش سحب جنسيات عدد كبير من أبناء القبائل القطرية، وكذلك من وجهة نظر مقاربة سياسية تحدثت عن الدور القطري المشبوه في تقسيم دول أخرى كما فعلت في غزة حين فصلتها عن الضفة الغربية وأياديها الخبيثة في انفصال جنوب السودان ومحاولاتها الدائمة لتقسيم ليبيا وسوريا.

هل فعلاً قد حان الوقت لمناقشة الحلول الجذرية بعيدة المدى مع تنظيم الحمدين وطرح انفصال جنوب قطر عن شمالها؟ قال لي أحد أبناء القبائل القطرية المعروفة إن هذه الفكرة تلقى تأييداً لدى عدد من رجالات المعارضة القطرية، وإنها ليست مجرد وسيلة للضغط على تنظيم الحمدين بقدر ما هي الحل الأمثل للمشكلة القائمة بين القبائل والتنظيم الإرهابي الفاسد في الدوحة.

قد يقول قائل إن قطر نفسها صغيرة ولا تحتمل فكرة التقسيم، ولكن نقول أيضا إن تنظيم الحمدين هو الذي أراد تقسيمها حين تهجّم على أبناء قبائلها وسحب جنسياتهم و اعتقلهم و حاصرهم، وفي الملف ذاته، منح الجنسيات بلا حساب لكل إرهابي ومرتزق يعمل لصالح أجندات مناهضة لسياسة الدول الخليجية والعربية، وعاث في قطر الصغيرة الإرهاب والفساد.

في علوم الجغرافيا السياسية، والعلاقة التبادلية التأثيرية بينهما، فإن الحال السياسي في الخليج عموماً لم يعد يحتمل تنظيم الحمدين، ومركزه الدوحة، لكنه في المقابل ما زال يتمسك بالأشقاء القطريين المواطنين ويعتبرهم جزءاً من النسيج الخليجي العربي، لا يمكن فصله إنسانياً وسياسياً وجغرافياً، ومن هذا المطلع يبدو معقولاً أن يتم عزل تنظيم الحمدين في مكان جغرافي ويحصل جنوب قطر على حكم ذاتي.

جغرافياً وسياسياً، فإن الدوحة قد أصبحت وكراً منعزلاً يعج بالإرهابيين والمجنسين وقطاع الطرق والمرتزقة وتتبع عملياً الشريفة إيران الإرهابية، وهذا لم يحدث خلال أزمة الدوحة الأخيرة بل بدأ انعزالها منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده، ونفيه خارج البلاد، حيث لاقى دعماً وترحيباً إيرانياً كبيراً وكان لاعتراف نظام الملالي بتنظيم الحمدين أثر كبير في تحويل الدوحة وعزلها لتصبح مغارة للإرهاب والتخطيط والمؤامرات بكافة أشكالها.

لكن، وبعد إزاحة الستائر وانكشاف المؤامرات والدسائس التخريبية التي يقوم بها تنظيم الحمدين لدول الجوار، ومع إصرار هذا التنظيم على الحرب الداخلية ضد أبناء قطر وحرمان شيوخ القبائل من الجنسية القطرية ومصادرة أموالهم واعتقالهم ونفيهم ومطاردتهم، وإعطاء حق استثنائي لكل مرتزق للعبث بمنظومة مجلس التعاون الخليجي فإن كل الأفكار التي تدعو لعزل تنظيم الحمدين، خليجياً وعربياً وعالمياً، قابلة للتداول والنقاش.

يقول صحافي عمل مراسلاً لقناة الجزيرة سابقاً إن فكرة انقسام قطر مستحيلة، ولكن وفي ظل تعنت تنظيم الحمدين وجرّ الدوحة باتجاه إيران، فإن تنفيذ هذا المشروع، بشكل أو بآخر، سوف يسهم بلا شك من إيجاد حل جذري لمعظم القطريين الذين سُحبت جنسياتهم، وكذلك القطريين الذين يرتبطون جغرافياً وإنسانياً مع البيت الخليجي ويعانون من المأساة التي وضع بها تنظيم الحمدين قطر من قطيعة، إضافة إلى قيام كيان نقي يتمتع بحسن الجوار مع الأشقاء.

في النهاية، نعلم جميعاً، أن تنظيم الحمدين في الدوحة، قد بلغ حافة الهاوية في التمادي وتجاوز كل الحدود، وأن تطاوله في إرسال مقاتلات عسكرية تعترض الطائرات المدنية الإماراتية، هو القشة التي تفتح الأبواب على مصراعيها لمناقشة إقصاء الدوحة عن المشروع الخليجي العربي وتركها مع حاضنتيها، العثمانيين والفرس، مع إبقاء أبناء قطر الشرفاء في بيتهم الخليجي المنيع من دون مساس وبما يحفظ كافة حقوقهم.

 

 

Email