كلمة محبّة مرفوعة إلى مقام «بوخالد» حامي حمى الوطن

محمد بن زايد.. فارس يحمل سراج أبيه سليـل المجد من مدرسة زايد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

محظوظٌ هو الوالد العظيم الذي ينجبُ رجلاً يحمل إرْثَه ومجده، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أمير الوطن الشجاع هو الشبل الذي أنجبه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، رحمه الله، وحين أتفرّس ملامحه، وأنظر بعين البصيرة إلى سَعْيِه الدؤوبِ في سبيل مجد بلاده، أتذكّر أبياتاً من الشعر الجاهلي القديم فيها أعمق الدلالة على هذه الحالة الفريدة، يقول فيها الشاعر موصياً ولده بالحفاظ على مجد أبيه وعدم التفريط في الإرث النبيل:

أوصيكَ إيصاءَ امرئٍ لك ناصحٍ

                         طَبِنٍ برَيْبِ الدهر غير مُغفّلِ

اللّهَ فاتّقهِ وأوْفِ بنَذرهِ

                         وإذا حلفتَ مُمارياً فتحلّلِ

والضيف أكرمْه فإنّ مبيتهُ

                        حقٌّ ولا تكُ لعنةً للنُّزَّلِ

وإذا همَمْتَ بأمر شرٍّ فاتّئدْ

                       وإذا همَمْتَ بأمرِ خيرٍ فافعلِ

واستأنِ حِلْمَكَ في أمورك كلها

                       وإذا عزمتَ على الهدى فتوكّلِ

إنّ الحديثَ عن قامتين من قامات دولة الإمارات العربية المتّحدة والمقارنة بينهما وذكر أوجه الشَّبَه بينهما حديثٌ ممتعٌ، وهو ما تحتاج إليه الأجيال التي لم تتعلّم من مدرسة الحياة، فكيف إذا كان الحديث عن زايد الخير ونجله الذي تربّى في مدرسته، وترعرع على يديه، وتشرّب من صفاته؛ فالمقارنة بين المؤسس والباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونجله صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، تُنبئك عن استمرار المنهج وتدفّق العطاء، والشبه الكبير في الصفات القيادية والسِّمات الشخصيّة؛ ممّا أسهم في التفاف الشعب حولهما وإظهار محبتهما، والاستعداد لبذل الغالي والنفيس في الذود عنهما وعمّا حققاه من مكتسبات للوطن، ما كانت لتتحقق بعد فضل الله إلا بجهودهما المخلصة.

وقد أعلن صاحب السّموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، عن تخصيص يوم جلوسه الميمون للحديث عن أخيه وسنده في إدارة الدّولة صاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الذي استطاع أن يثبت بحكمته وحزمه ومحبّته للناس ودفاعه عن مُنجَزات الوطن أنّ الشيخ زايد، رحمه الله، حيٌّ في القلوب، بحضور نهجه واستمرار مسيرته في الاهتمام بهموم مواطنيه وحياتهم اليومية، ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، حتى غدا مضرب المثل في قربه من النّاس، مع ما يتمتع به سموّه من تواضع صادقٍ يليق بالعظماء.

إنّ المتابع لمسيرة الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، في إعمار الوطن والتصميم على البلوغ به أسمى المراتب الحضارية، يرى فيه امتداد أبيه وإثمار غرسه:

بأبه اقتدى عديٌّ في الكرمْ

                  ومن يشابه أبَهُ فما ظلمْ

فهو صاحب الأيادي البيضاء، والسجايا الفاضلة، والخصال النبيلة، مع شخصيّة قياديّة متميّزة مؤثّرة، حتّى غدا ضمن أكبر الشخصيات تأثيراً في العالم، ولا سيّما الشباب الّذين يرونه قريباً منهم؛ يشاركهم همومهم، ويسعى لتوفير الحياة الكريمة لهم، ويقودهم نحو المعالي، ويرتقي بهم عن سفاسف الأمور، يغرسُ فيهم حبّ الوطن، وأخلاق الرّجولة، وصفات الشهامة، وكيف لا يكون كذلك وهو سليل مدرسة الشيخ زايد، رحمه الله، ذلك الشيخ الحكيم الشجاع الذي تحدّرت إليه جميع مناقب الفروسية من جبال البداوة الصافية والعروبة المجيدة والإسلام السمح الكريم، ترعرع في كنفها، وتشرّب من أخلاقها، وشَبّ بين يديه مثل شُعلة نارٍ متوقدة، وأضحى يُشبَّهُ بأبيه الذي قلّ أن يجود الزمان بمثله، أشبهه خَلْقاً وخُلُقاً، وقولاً وعملاً، إذا وعد وَفَى، وإذا توعّد عفا، إلا أن تكون الشدة هي الشفا، فهو إذ ذاك الصارم الحديد، والفارس الصنديد، تُرَى فيه الحكمة والإرادة، والعزم والحزم، والنهج الواضح، والقيادة الرشيدة، والرّيادة المتميّزة، وإنّ الرائدَ لا يكذبُ أهله كما في الأثَر.

عُرف عن سموّه حرصه منذ كان يافعاً على أن تكون له شخصيته المتميّزة، وأسلوبه الخاص، وهو الّذي كان يلازم والده الجليل في مجالسه وأسفاره، وكان الوالد حريصاً على صقل شخصيّته، وتعليمه فنون القيادة الفذّة، من خلال اصطحاب نجله الشهم في لقاءاته مع رجال الدولة وشِيبِها وشُبّانها، فاجتمع لسموّه ما تعلّمه نظريّاً في ميدان العلم والمعرفة إلى ما استنبطه وشاهده في مدرسة الحياة، وأيُّ حياة مثل حياة المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، إذ كان مدرسةً في الأخلاق وجميل المعاملة والكرم والسخاء والحكمة وبُعد النظر، والعفو والتسامح والتواضع، فضلاً عن الشجاعة والصرامة وحسن التوكّل على الباري سبحانه.

وقد تشرّب صاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد تلك الأخلاق والصفات، وغدا تواضعه الشديد وحرصه على الاستماع لمن يلقاه مضرب المثل، ومن عاصره واقترب منه لمس فيه الخصال القيادية وكريم السجايا، ولا عجب في ذلك، إذ هو خرّيج مدرسة زايد الخير، وهو الذي ترعرع أمام عينيه، ولا أجد أبلغ من قول صاحب السّموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في وصفه لصاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظهما الله، حيث يقول في إحدى قصائده:

خَذْت من زايد زكيات الفِعال

                      في سخاه من المعاطي ما تِمَلْ

ومن جدودك حَمْل الحمول الثقال

                       الخفيفهْ لنا ولك كلّ ما ثِقَلْ

نعم، فقد اكتسب صاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد من التجارب في بداية شبابه ـ ولا يزال شباباً متّعه الله بالصّحّة والعافية ـ الشيء الكثير، وحنّكت تجاربه الأيام والسنون، واتّسعت آفاق درايته، وازدادت مؤهّلاته وخبراته، وظهرت جدارته للملأ، حتّى أصبح مثال الجدّ والحزم والعزم، والصبر والمثابرة، والعمل الدؤوب، والطموح نحو أعالي المجد، والسعي للغايات النبيلة والأهداف السامية، وهو ما نلمسُ آثاره واضحة للعيان برهاناً ساطعاً على قيادته الفذّة وشخصيته التي تجمع مناقب الفرسان وحكمة الشيوخ وهيبة السلطنة.

التواضع

إنّ أوّل ما يلفت نظر المتابع لشخصية صاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، تواضعُه الجمّ، وهو منقبةٌ ورثها عن أبيه وحافظ عليها ورسّخها نهجاً في الحياة، وليست سلوكاً طارئاً أو مجاملةً أمام وسائل الإعلام، فهو يقف للضعيف يستمع إلى شكواه، ويسنده ويشاركه آلامه، ويسعى لتحقيق آماله، وقد تواترت صورٌ كثيرة من تواضعه مع النّاس، ولا سيّما كبار السّنّ منهم والأطفال، فينحني لهم ويأخذ بأيديهم ويواسيهم، بل رأيناه يجلس إلى الطفل على رصيف الشارع ينتظر قدوم أهله، أو يشدّ خيوط حذاء الطفل أو يُلبس الشيخ الكبير نعاله، أو يرافقهم ويقف معهم إلى حين وصول مركبتهم تاركاً مجلسه، كلّ ذلك وهو لا يردّ لأحدهم طلباً، ولا يطلب منه أحدٌ حاجة إلا وتمت، وصدق صاحب السّموّ الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، إذ قال فيه:

التواضعْ فيكْ من أزكى الخصالْ

                         شيخْ توقفْ للضعيفْ وللطِّفِلْ

وبك شفا الشّافي إذا جالك محالْ

                        أن يَرِدْ إلا ومطلوبَهْ وصلْ

وبك وفا الوافي وفاك بلا جدالْ

                       كلمتكْ وحدهْ ولو مهما حَصَلْ

وكذلك كان الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، تتّسم شخصيته بسهولة الأخلاق والتواضع الشديد؛ فُطِر على محبّة الناس والتودد إليهم، لا يميّز نفسه بشيء عنهم، بل يجد راحته في مخالطتهم ومحادثتهم وقضاء حاجاتهم وجبر خواطرهم، وكان يرى أن أسوأ ما يمكن أن يتصف به الإنسان أن يكون متكبّراً أو متعالياً على الناس، بل كان يقول أخذاً من القيم الدينية والاجتماعية التي كان يحرص على التمسّك والتحلّي بها: «يجب أن يكون الإنسان متواضعاً محبّاً لإخوانه متعاوناً معهم»، فلذلك ترسّخت مكانته في قلوب أبناء شعبه، وغدا الشيخ زايد، رحمه الله، مُلْهماً لهم في الأخلاق الحميدة والفعال المجيدة.

الثقة بالإنسان والارتقاء بالشباب:

يتمتّع صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بمحبّة الشباب له، لقربه منهم واحتضانه لهم واهتمامه بشؤونهم، يلتقي بهم دائماً، ويستمع إليهم، حتى أصبح قُدوةً لهم، ونموذجاً يُحتذى عن وعيٍ وبصيرة. مجالسُه عامرةٌ بالشباب، يُسنِدُ إليهم الوظائف القيادية ثقةً بهم، وهو الحريص على حسن تنشئتهم وتأسيسهم في المراحل الدراسية المختلفة، بدءاً من المراحل التأسيسية ووصولاً إلى المرحلة الجامعية، لأنّ الرهان الحقيقي على الشباب الذين سيكونون هم الطلائع القيادية للوطن الذي يحتضنهم ويحتاج إليهم ويدّخرهم للمهام الصِّعاب والحمول الثقيلة.

يحرصُ على اللقاء بهم، وينفق بسخاء على ابتعاثهم للدراسة في التخصّصات العلميّة المختلفة النادرة في أرقى الجامعات والمعاهد العلمية، ويزورهم ويلتقي بهم في مقارّ دراستهم، ويحثّهم على التزوّد بسلاح العلم والمعرفة، ولا يألو جهداً ولا وقتاً ولا مالاً في سبيل رفعة شأنهم وعلوّ مكانتهم؛ لأنّه يرى فيهم أمل المستقبل، والنجوم المتلألئة التي ستظل مضيئة في سماء الوطن.

ينظر إلى الإنسان عموماً والشباب خصوصاً بأنهم هم الثروة الحقيقية للوطن، فالوطن لا يتقدّم ولا يعلو شأنه ولا يرتقي لينافس العالم إلا بسواعد أبنائه، ولا سيّما الشباب منهم، ويرى في شباب الوطن درعه الواقية له من أطماع الطامعين وحقد الحاقدين وكيد الأعداء وشرّ الحاسدين.

ولتحقيق ما يصبو إليه في الشباب بصورة خاصّة، حَرِص على تضمين المناهج الدراسية مادّة التربية الأخلاقية، وشجّعهم على التفاني في خدمة هذا الوطن، وزرع فيهم البطولة، حتى غدا شباب الإمارات مضربَ المثل في التسابق إلى المعالي، ومحطّ الأنظار في التفاني في سبيل الذود عن الوطن، وغاية الأمل في التنافس الشريف في التزوّد بسلاح العلم والمعرفة في مختلف التخصصات.

احتضن الشباب، وحقّق لهم مطالبهم، وعندما سعى لإنشاء الخدمة الوطنيّة نظر إلى أنّ هؤلاء الشباب هم درعُ الوطن، وأنّ حياة الجنديّة تعلّمهم الانضباط واحترام الناس، وتقدير الوقت واستغلاله فيما ينفعهم، وقد تحقّق ذلك وشاهدنا كيف غيّرت الخدمة الوطنيّة من أخلاق شبابنا، وغرست فيهم حبّ الوطن وتقدير الأهل والخُلُق القويم، والرجولة بِقِيَمِها، والتفاني في خدمة الوطن والدفاع عن مكتسباته، فكانت الإمارات بذلك سبّاقةً إلى استثمار الإنسان وإطلاق طاقاته الخلّاقة في العمل والإنجاز.

لقد كان صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، محقّاً عندما وجّه إليه الشكر في هذا المجال خصوصاً بقوله: «شكراً محمد بن زايد؛ لأنّك احتضنت الشباب، وعلّمت الأجيال خدمة الوطن، وزرعت البطولة والرجولة والجندية فيهم».

وكيف لا يكون الشيخ محمد بن زايد كذلك، وهو الّذي تربّى وترعرع في كنف والده، طيّب الله ثراه، الذي كان يثق بالشباب ثقة عالية، ويركّز عليهم في حديثه، ويحثّهم على العلم، ويطلب منهم أن يكونوا قدوة لغيرهم، وأن يركّزوا على العمل والجدّ فيه، لأنّ العملَ الجادّ أساس الخير والتنمية والتطوّر، فالعلم والعمل معاً ركيزتان أساسيتان في البناء وتقدّم الشعوب وتطوّر المجتمعات، ويؤثر عنه، رحمه الله، مقولته الشهيرة: «أيّها الشباب، أنتم أهل المستقبل الّذي نتطلّع إليه، إنّكم تتعلّمون الآن ما يعود عليكم بالفائدة والخير على بلدكم وأهلكم ومستقبلكم».

ويقول رحمه الله: «إنّنا نطلب من الشباب دائماً أن يكونوا قدوة وأن يعملوا بجدّ؛ لأنّ العمل هو الّذي يقودنا إلى التقدّم». ولم يُخيّب شباب الإمارات ظنون شيخهم الجليل ولا آماله في أبناء وطنه، فاندفعوا مثل الجّيادِ المُضمّرة يتسابقون في نَيْل المعالي والارتقاء ببلدهم إلى المكانة اللائقة بها بين الشعوب المتحضرة والأمم المتقدمة.

الاتحاد قوّة وأمانة

إنّ من أعظم الإنجازات الّتي تحقّقت على ثرى هذه الأرض الطيبة تآلف كلمة قادتها، وحرصهم على إقامة كيانٍ يجمعهم، وتتوحّد فيه أهدافهم، وتتجلّى فيه رغبتهم في توفير بيئة خصبة لأبنائه المخلصين لثراه ورسالته، ليعيشوا في انسجامٍ تامٍّ تتحقّق فيها آمالهم وطموحاتهم.

وقد كان المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، يسعى بكلّ جهده وطاقته لجمع كلمة إخوانه حكّام الإمارات، ودعوتهم إلى الاتّحاد في دولة واحدة قويّة، يسانده في ذلك شقيقه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه.

اجتمعا على الحقّ، وبذلا مساعيهما في الخير لإسعاد الناس وجمعهم تحت راية واحدة، مؤمنين بأنّ الاتحاد هو طريق القوّة وسبيل العزّة والمنعة والخير، وأنّ الفرقة لا يمكن أن ينتج عنها إلّا الضعف والعجز، ولم يعمل الشيخ زايد، رحمه الله، على بناء الاتحاد فقط، بل جاهد وكافح وصبر من أجل الحفاظ عليه واستمراره وإعلاء صرحه ورفعة شأنه وعدم تفريط عقده، وقد اشتهرت مقولته، رحمه الله، في هذا الشأن، إذ قال: «إنّ الاتحاد يعيش في نفسي وفي قلبي، وأعز ما في وجودي، ولا يمكن أن أتصوّر في يوم من الأيّام أن أسمح بالتفريط فيه أو التهاون في مستقبله». وبفضل هذه الهمّة المجيدة، تحقّق هذا الحلم الذي يكاد يكون مستحيلاً، في ظل ما نشهده من نزعة الانقسام بين أجزاء الوطن الواحد في كثير من البلاد المحيطة.

وإدراكاً من صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، لأهمية هذا الهدف، فقد حرص دوماً على الحفاظ على هذا الكيان متّحداً، ليبقى شامخاً عزيزاً تحت رايةٍ واحدةٍ، وعبارته الشهيرة يتداولها الناس دائماً وفي كلّ حين: «البيت متوحّد».

ولتحقيق هذا الهدف ووصول هذه الغاية، يعمل صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بجدّ واجتهاد، مواصلاً الليلَ بالنّهار، مكمّلاً المسيرة الّتي بدأها والده الماجد، رحمه الله، وإخوانه مؤسّسو الاتّحاد، بل يعمل بلا كلل ولا ملل للوصول بهذه الدولة إلى الاحتفال بمئويتها، مع الحفاظ بقيمها ومبادئها السامية، منتهجاً نهج والده، رحمه الله، في التسامح وبذل الخير والمعونة لكلّ من يرغب في السِّلْم والعيش الكريم.

وما أبلغ وصف صاحب السّموّ الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، إذ عبّر في رسالة شكره بقوله: «شكراً محمد بن زايد، لا أشكره باسمي، ولكن باسم شعبي، ولا أشكره لشيء شخصي بل لوطنٍ يصنعه لأجيال بلدي، شكراً محمد بن زايد، لأنّك امتداد زايد فينا، وظلّه الباقي بيننا... أكملت المسيرة، وأسّست للمئوية الجديدة».

ويكشف سموّه عن بعض مآثر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، الّذي يخفى على كثير من متابعي الأوضاع، فيقول: «قليلون من يعرفون أنّه يعمل ثماني عشرة ساعة في اليوم من أجل الإمارات، قليلون من يعرفون أنّ مدّة إجازته في العام لا تتعدّى الأسبوع، قليلون من يرونه يسهر ليلاً مع جنودنا المرابطين، ويراجع خطط التنمية نهاراً مع الخبراء والمسؤولين، لتأمين مستقبل بلدنا عشرات السنين».

تنمية المجتمع ورخاء المواطنين:

حرص صاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، على إكمال ما بدأه والده، طيّب الله ثراه، في سعيه الدؤوب نحو تنمية المجتمع ورخاء المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لكلّ من يعيش على ثرى هذه الدولة المباركة.

إنّ تنمية أي مجتمع ورخاءه يتوقّفان على أمرين أساسييّن، هما: حسن التعليم، وحسن الإنفاق.

جعل الشيخ محمد بن زايد نُصب عينيه هذين الأمرين، فاستثمر في التعليم، وحرص على توفير التخصصات المتعدّدة ضمن البرامج التعليمية في العديد من الجامعات الّتي حرص على رعايتها وأنفق عليها بسخاء، ولم يكتفِ بذلك، بل ابتعث العديد من الطلبة والطالبات إلى الجامعات المرموقة في أنحاء المعمورة، ليتزوّدوا بالعلم، ويتخصّصوا في شتّى صنوف المعرفة، ليكونوا عوناً لهذه الدولة عند عودتهم في بنائها وتطويرها ونهضتها الشاملة.

يؤمن سموّه بأن العلم أساس التقدّم والتطوّر، والدُّوَل تُبنى وتنهض بالعلم والمعرفة؛ ولذلك لا بدّ من العمل على توفير أسباب طلب العلم من إنشاء جامعات، وإعداد برامج تعليمية متطوّرة، وجلب كادرٍ أكاديمي متخصّص في جميع التخصّصات، وذلك يتطلّب الإنفاق بسخاء، وهذا ما حرص سموّه على فعله إكمالاً لما بدأه والده الفذّ، رحمه الله، وإيماناً منه بأنّ المال لا قيمة له إن لم يسخَّر في خدمة الأهداف السامية، ومن أهمّها نشر التعليم وتطوير مستواه.

وأمّا في حسن الإنفاق، فقد جعل صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نصب عينيه إكمال ما بدأه المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه؛ إذ سعى، رحمه الله، إلى تطوير أبوظبي عندما تولّى حكمها، ثم نهضة الإمارات بكاملها، عندما أسّس الاتحاد بمعونة ومساندة شقيقه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، فلم يعد يهتمّ بأبوظبي وحدها، بل شمل إنفاقه وتطويره أرجاء الإمارات كافّة؛ فلا تجد بقعة من بقاعها إلا وآثار الشيخ زايد، رحمه الله، فيها واضحة للعيان وضوح الشمس في رابعة النهار، سواء في ذلك الطرق، والمباني السكنية والمساجد والمدارس والمستشفيات، والمرافق العامّة المتنوّعة التي ما زالت شاهد صدقٍ على ما بذله باني الإمارات وفارسها الجليل.

وسار على خطاه نجله، فلا يخفى على أحدٍ مبادراته وعطاءاته السخيّة الّتي شملت جميع ربوع الوطن من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، تجده يُنفق بسخاء على كلّ ما يحقّق الرّخاء والحياة الكريمة لأبناء دولة الإمارات العربية المتّحدة، بل القاطنين على ثراها.

وفي سبيل تحقيق هذا الرّخاء، تجد سموّه، حفظه الله، يتنقّل بين إمارات الدّولة يستقبل المواطنين، ويستمع لطلباتهم، ويحقّق آمالهم وتطلّعاتهم، ويلبّي حاجاتهم، ولا يكاد يصل إلى سموّه أحدٌ إلّا ويرجع مجبور الخاطر، وقد تحقّق له ما أراد من خير أو مصلحة، أو سداد دَيْن، أو توفير مسكن، أو علاج، أو ابتعاث، أو وظيفة، سُنّةٌ سنَّها زايد الخير، وسار عليها محمد البار بوالده حيّاً وميتاً.

وأذكر الآن تصريحاً لصاحب السّموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في عام 2013م، إذ قال في ختام جولةٍ ميدانيّةٍ شملت عدداً من مناطق الدّولة: «إنّ القيادة الحكيمة تسير وفق النهج الّذي وضعه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في الوصول إلى المواطنين في مناطقهم وقراهم، والسؤال عنهم وعن أحوالهم، والمبادرة إلى حلّ قضاياهم، والعمل على توفير متطلّباتهم».

يحرص في كلّ أسبوع على لقاء النّاس، يبرز لهم ويستقبلهم بكلّ حفاوة وأريحيّة، ويتلقّى طلباتهم، ويشاور بعضهم، ويناقشهم فيما يخصّ راحة المواطنين والمقيمين، ويحرص على الاستماع لآراء الناس الّذين يحضرون مجلسه، يوقّر كبيرهم، ويرحم صغيرهم، ويحسب نفسه واحداً منهم، تكاد لا تميّزه بين جلسائه لفرط تواضعه وتبسّطه، وهذه هي الأخلاق الّتي ينبغي للقادة أن يتّصفوا بها أسوةً بسيّد الخلق، صلوات الله وسلامه عليه.

يطمح الناس إليه لخصاله الحميدة، وسجاياه النبيلة، وسخائه الكبير، وعطائه الكثير، وكثرة ما يقدّمه من أفعال خيّرة، وما يبديه من شهامةٍ منقطعة النظير، وما يبذله من رفع الظلم عن المظلومين، وما يتحقّق من رخاء وخير في كلّ مكان يحلّ به، وصدق صاحب السّموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إذ قال فيه في قصيدة سابقة:

والمراجل مب ترى غترهْ وعقالْ

                      هي فعايل منها يتحرّك جَبَلْ

ومن بيحصي فضلكْ إِيْعِدِّ الرِّمالْ

                      كثرْ ما جودكْ ومعروفِكْ هطَلْ

شخصْ واحدْ عن ملايين الرِّجالْ

                      بك يزول الظِّلْم ويزولْ المِحَلْ

زاكي الجدّين من عمٍّ وخالْ

                      بيتْ ما بهْ لا نقيصَهْ ولا بِخلْ

يومْ تنزلْ دارْ منها يطيبْ حالْ

                    وسيرتك بالحقّ تحكمْ بالعَدِلْ

وأيّ حاجهْ إنْ بدى فيها اختلالْ

                  عندك إدْوَاها بصيرٍ بالعِلَلْ

 

الحكمة والصرامة:

عُرف المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، بالحكمة وبُعد النظر، حتّى لُقِّب بـ«حكيم العرب»، ولم يأتِ ذلك من فراغ، بل لهذا اللقب معانٍ ومدلولات واضحة تنبع من سلوكياته ومواقفه وسداد رأيه وصدق نيته وإخلاص توجّهاته وصفاء سريرته، ورغبته الصادقة في تحقيق ما يرفع شأن بلاده خاصّة وبلاد العرب عامّة، واستطاع بذلك أن يتجاوز العديد من الخلافات، وأن يحقّق جملة ممّا كان يرغب فيه من المصالحة بين الدّول العربية، ومنه ورث الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، هذه الحكمة في التعامل مع الناس ومع الدول، وإذا كان الشيخ زايد، رحمه الله، استطاع أن يجبر الدّول على احترام دولة الإمارات العربية المتّحدة بحكمته وبعد نظره؛ فإن صاحب السمو الشيخ محمد استطاع، بهذه الحكمة الّتي توارثها ثمّ نمّاها، أن يوسّع علاقات دولتنا بمختلف الدول في القارات كلّها، حتّى أصبح لدولتنا سمعة طيبة، ينعم مواطنوها بالسفر إلى مختلف الأصقاع، بفضل الله، ثمّ بفضل هذه الحكمة الّتي نتج عنها الاحترام والثقة والمتبادلة، من غير أن تكون هناك قيود تأشيرات مسبقة لسفرهم، ومن ينتمون إلى هذه الدولة المباركة ينعمون باحترام لا يحظى بها كثير من مواطني الدول الأخرى. وكما أنّ الشيخ زايد، رحمه الله، عُرف بمواقفه الصّارمة في العديد من القضايا ووقف إلى جانب الحقّ فيها، كذلك فعل نجله البارّ السائر على نهجه؛ ففي حرب أكتوبر 1973م، كان للشيخ زايد، رحمه الله، موقف راسخ في الوقوف إلى جانب الحقّ وقطع البترول عن المعتدين ومن يعاونهم، وعُرف عند ذاك بمقولته الشهيرة: «ليس البترول العربي بأغلى من الدم العربي».

وفي عام 1990م، وقف وقفته الصارمة إلى جانب الأشقاء في الكويت عندما تعرّضوا لغزو غاشم، واستقبل العديد من الأسر الكويتية على أرض الإمارات، ووفّر لهم سبل العيش الكريم، ثمّ شارك بجيشه وعتاده في إزالة هذا العدوان، فاتحاً باب التطوّع لشعبه للمشاركة في رفع الظلم عن الشعب الكويتي الشقيق.

واستمرّ على نهجه نجله وشبيهه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، كما وصفه صاحب السموّ محمد بن راشد، رعاه الله، فهو يمتاز بالصرامة والمواقف الشجاعة في العديد من الأزمات الّتي أحاطت بالأمتين الإسلامية والعربية في السنوات الأخيرة، وأبانت الأيام عن بُعد نظره وصرامته وحزمه وعزمه، وقد ظهر ذلك جليّاً في العديد من المواقف، ومن أبرزها الوقوف إلى جانب الحق والشرعية في اليمن الشقيق، ضمن تحالفٍ تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة؛ حمايةً للوطن، وما زال على موقفه الثابت والشامخ لردّ كيد المعتدين، وأثبت الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بهذا الموقف، ما يتحلّى به من صفات الفروسية والقيادة والشجاعة والصرامة والبطولة، وأنّه، حفظه الله، في سبيل إحقاق الحق ونصرة المظلوم وردّ الباغي والمعتدي، يقدّم تضحيات كثيرة وجسيمة تحقيقاً لرفعة الوطن وعزّته وشموخه، وينتصر لجنوده الأوفياء، يسندهم ويشدّ من عزائمهم في أحلك الظروف وأصعب المواقف، ولم يبالغ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، عندما وجّه إليه شكره، ووصفه بقوله: «شكراً محمد بن زايد؛ لأنّك حامي حمى الوطن، وباني حصنه، وقائد عسكره، وأسد عرينه... شكراً محمد بن زايد، شكراً لقيادتك وحزمك وعزمك». وصدق إذ قال: «قليلون من يرونه يسهر ليلاً مع جنودنا المرابطين». فهو يعين المرابطين، ويسعى لحمايتهم، ويقلق لما قد يصيبهم، ويخلفهم في أهلهم خيراً.

وَبْلْ عَ ناسك وللعادي وبالْ

                     المعادي منك في خوفٍ ووَجَلْ

تضحياتك للوطن عزْ وجلالْ

                     منتصرْ والله لجُندكْ ما خذًلْ

 

التسامح والوسطيّة

كان الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، يؤمن بأن التسامح هو الطريق الّذي يؤدّي إلى التضامن، ويقول: «إنّ التسامح هو مفتاح التضامن»، وكان يؤمن بضرورة جمع الكلمة، وتعزيز مسيرة الوحدة والتلاحم، والوفاق بين الأشقاء.

وكان يدعو دائماً إلى التسامح والتراحم في العلاقات الإنسانية بين الشعوب، ويؤكّد أن الإسلام هو دين المحبة والتسامح والرأفة بالناس، ومن هذا المنطلق كانت له مواقف ثابتة وشجاعة في رفض ظاهرة التطرف والإرهاب بكلّ أشكالها وصورها ومصادرها.

واستمرّ صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، على هذا النهج القويم في نشر رسالة الوسطيّة الّتي جاء بها الإسلام، وتعاليمه القائمة على الاعتدال والرحمة والتيسير على الناس، مواصلاً الطريق الذي سلكه والده الرّاحل في محافظة دولة الإمارات على مجتمعها المتجانس الموحّد، المتمسّك بقيمه ومبادئه وتراثه، المنفتح على العالم، المتفاعل مع ثقافاته وإبداعاته، ولا يخفى على أحد ما تقدّمه دولة الإمارات العربية المتحدة من دعم مشهود لكثير من الفعاليات والمؤسسات المعنية بالحفاظ على صورة الإسلام السمحة وتعاليمه الكريمة.

العطاء والإنسانية

امتاز الشيخ زايد، رحمه الله، بالعمل الإنساني، واشتهر بمساهماته وعطاءاته في سبيل توفير العيش الكريم، ورفع المعاناة والهموم عن كواهل المحتاجين، وتخفيف وطأة الكوارث عن المنكوبين في شتّى بقاع الأرض.

امتدّ عطاؤه إلى سائر أصقاع المعمورة، بل هو واحدٌ من قلّة قليلة لم يكن عليه خلاف في دولته أو أمته الكبيرة، بل في العالم كلّه، فعندما أمّن حاجات أهله وأبنائه في الإمارات، مدّ أياديه البيضاء إلى إخوانه وأشقائه في الدّين، ثمّ إلى الإخوة في الإنسانية.

تجده أوّل من يمدّ يده إلى كلّ مصاب في أرجاء العالم، سبّاقاً إلى الخير، يُسارع فيه ويُقبل عليه؛ ولذلك تجدُ ألسنة الخلق ومهجهم تنطق بحبّه وتشهدُ بفضله.

كان رحيماً، يؤلمه آلام بني البشر، ويكدّره ما يصيبهم من بلايا ورزايا، فيسارع إلى مدّ أياديه البيضاء إليهم، ولا تكاد تسمع بكارثة أو نكبة أو بلاء إلا وتجده أوّل المسعفين، وأسرع من يهبّ لنجدة إخوته في الدّين أو الإنسانية.

وسارَ على دربه نجلُه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، الّذي أكرمه الله بالتربية على يديه والتخلّق بأخلاقه، والتشبّه به في عطفه وإنسانيّته، واقتفاء أثره في حبّ الخير للجميع، والمبادرة إلى الأعمال الخيّرة والمساعدات الإنسانية، وإنقاذ الإنسان من الكوارث، والوقوف إلى جانبه في المصائب، ونشر الحكمة والعدل، وتشجيع العلم والمعرفة والبحث العلمي والابتكار، والوقوف إلى جانب الحقّ وإغاثة الملهوف.

تجده مساهماً سخيّاً في كلّ حملة إغاثة، ومشاركاً بتميّز في بناء بيوت الله، وإنشاء المدن والسدود، وكفالة الأيتام، ورعاية الأرامل في مختلف دول العالم.

ومن هنا، حُقَّ لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد أن يقول: «شكراً لك يا بوخالد... قليلون من يعرفون أنّ عشرات الملايين من الأطفال حول العالم يستفيدون من خيره وعطائه الّذي يقدّمه بهدوء ومن دون أيّ ضجيج».

وصدق إذ قال في وصفه:

لك يمين جودها يجري زلالْ

                      ولك شمالٍ للصعايبْ تحتملْ

ودومك موفق بتدبيرْ وفعالْ

                      حاسب شعبكْ عيالك والأهَلْ

عمّ نفعكْ دونْ حاجهْ للسؤالْ

                      من سخاكْ النّاسْ في عَلْ ونَهَلْ

وتتجلّى إنسانية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبهى صورها في تعامله مع أسر الشهداء الّذين بذلوا أرواحهم دفاعاً عن الوطن ومقدّراته ومكتسباته، ولأجل إحقاق الحقّ ونصرة المظلوم ودَحْرِ الظالم.

إنّ من يتابع قيادتنا الرشيدة وقربهم من الناس ومشاركتهم لهم في أفراحهم ومواساتهم في مآسيهم، لا يستغرب قيام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بمتابعة مستمرة لشؤون أسر الشهداء، ولأجل ذلك تجده مبادراً إلى مواساة أهاليهم، يشعرهم بأنّه ابن لمن فقد ابنه، وأبٌ لمن استشهد والده، وأخٌ لمن سما إلى العلياء أخوه، وأنشأ مكتباً بديوان سموّه، حفظه الله، يهتمّ بشؤون أسرهم وتلبية حاجاتهم، وحقّق بالفعل ما قاله صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، في حقّه: «شكراً محمد بن زايد، أكرمت الشهداء، واحتضنت أبناءهم، وواسيتَ أهاليهم، ورفعت بالعزّ والفخر راية مجدهم».

حفظ الله قادتنا، وألهمهم الرشد والتوفيق، وسدّد على طريق الخير خُطاهم، وأعانهم ويسّر في الخير والصلاح مبتغاهم، وجعلهم ذخراً للعباد والبلاد؛ فهم بحقّ من خيرة الحكّام الّذين نحبّهم ويحبّوننا، وندعو لهم ويدعون لنا، ونحمد الله سبحانه على نعمه المتتالية وأفضاله المتوالية.

وفي ختام هذه الكلمات الّتي لا تفي بحق صاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حقّ الوفاء، لا أجد أبلغ ممّا ذكره صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله: «شكراً لك بوخالد... شكراً لك على توفير العيش الكريم لأبناء دولتنا، شكراً لك يا بوخالد لأنك أعطيت حياتك من أجل هذا الوطن العظيم».

ويطيب الختام أيضاً باستحضار روح الوالد الجليل شيخ العروبة وحكيم الجزيرة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، رحمه الله، ذلك الفارس النبيل الذي يغبطنا عليه الأشقاء، وتفتقده الإمارات راعياً متدفق القلب بالحب والعطف على الكبير والصغير، والغنيّ والفقير، نستحضر روحه الطيبة، وهو يوصي ولده بهذا التراث الخالد من شعر البداوة الصافية، قائلاً له:

ويا ولدي تحت هذا التراب

                    وجوه الأحباء غابت

فما اخضرّت الأرض إلا

                    لأنَّ الوجوه الحبيبة صارت نباتا

وما عاشت الأرض إلا

                    لأنهمو وهبوها الحياةَ

فَعِشْ سَنَدَ الفقراء

                    وكن لليتامى أبا طيّبا

وكن للعطاشى فُراتا.

                   وشّرِّعْ إلى الناسِ بابَك يا ابني

وأوقِدْ لهم آخرَ الليل ناركْ

                   وأوْلِمْ لضيفك وارْفِقْ بجاركْ

وإنْ ولّت الخيل مدبرةً

                   عن غبار المعاركْ

فضَمِّخْ ترابَ بلادك بالدم

                   لستُ أباكَ إذا لم تَمُتْ دونَ دارك.

 

سلامٌ على روح والدك الجليل.. وسلام على وجهك الوضّاء النبيل.

Email