قوائم الإرهاب ضرورة حتمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يكاد يمر يوم إلا وهو مثقل بأخبار تفجيرات تهز الوجدان، وعمليات إرهابية تحصد الأرواح، وجرائم تتحدى كل القيم والأعراف، وتأتي بما لا يخطر على بال، ومن آخرها المجزرة الوحشية بحق المصلين في مسجد بشمال سيناء أثناء خطبة الجمعة، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 300 شخص، من بينهم 27 طفلا، من قبل جماعة داعشية مسلحة، فجرت المسجد، وطوقته من جميع الاتجاهات، وانهالت على من فيه بوابل من النيران، ولم تغادر إلا بعد قتلها لأكبر عدد من الأبرياء، انتقاماً من القرية التي رفضت إيواء الإرهابيين.

إن هذه المجازر الإرهابية لتؤكد أهمية الدور الذي تقوم به الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، للقضاء على الإرهاب وتنظيماته وداعميه، لتطهير المجتمعات من هذا الوباء الخطير المهلك، ومن هذه الإجراءات الحازمة الإعلان عن قوائم الإرهاب، التي تحمل أسماء شخصيات وكيانات ضالعة في العمليات الإرهابية ومحرضة عليها، ومنها القائمة الثالثة التي ضمت كيانين و11 فردًا.

إن الإعلان عن هذه القوائم ذو أهمية كبرى، فهي تساهم في تجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله، وتكافح التطرف وأدوات نشره، وتكشف للناس رؤوس الإرهاب، الذين يحرضون على أعمال العنف والتخريب وحمل السلاح، ويستغلون المنابر والساحات لتأجيج الصراعات والفتن الداخلية، وتكبح جماح شرهم، وتجعلهم تحت طائلة المحاسبة، مما يساهم في استقرار المجتمعات، التي لا يمكن بسط الاستقرار فيها إلا بتطهيرها من رؤوس الفتنة والإرهاب.

وإن أحد أهم الكيانات التي ضمته القائمة الثالثة للإرهاب ما يسمى زوراً بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هذا الاتحاد المشؤوم الذي لم يقم أبداً لخدمة الإسلام والمسلمين، كما يزعم أتباعه ويروجون له في دعايات كاذبة مضللة، بل قام لنصرة تنظيمات دينية متطرفة، وأجندات سياسية مغرضة، فأي متتبع لهذا الكيان الإرهابي يجد بكل وضوح أنه يسلك خطاً محدداً، يتمحور حول دعم التنظيمات المتطرفة، ونشر الخطاب الإرهابي، وتوجيه السهام الحاقدة ضد الدول العربية، ونزع شرعية حكامها، والتحريض على إسقاط أنظمتها.

ومن عنده أدنى موضوعية لا يشك في أن هذا الاتحاد أداة تخريب في المنطقة، فمن يلقي نظرة على الموقع الرسمي لهذا الكيان الإرهابي يجد عشرات المواضيع في مهاجمة الحكام، والتحريض ضد الدول، والدعوة للعصيان والتمرد، وتمجيد تنظيم الإخوان الإرهابي، وتمجيد مؤسسه حسن البنا، ووصفه بالإمام المجدد، وتمجيد سيد قطب الأب الروحي للإرهاب المعاصر، ووصفه بالشهيد الفذ والعبقري، ومن ذلك قول القرضاوي: «سيد قطب أحد عظماء الأمة»!! والدفاع عن تنظيم القاعدة في سوريا، وإلباسه ثوب المقاومة، ووصف عملياته بالاستشهادية، ونشر الفتاوى الإرهابية، بما في ذلك تجويز العمليات الانتحارية التي أباحها القرضاوي أكثر من مرة، والانحياز المطلق للتيارات المتطرفة ولسياسات قطر العمياء وتنفيذ أجنداتها التخريبية في المنطقة.

وقد لاقى هذا الكيان الإرهابي تنديد العقلاء والهيئات العلمية في العالم العربي والإسلامي، ومن ذلك البيان الذي أصدرته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية في أكتوبر الماضي والتي نددت فيه بهذا الاتحاد، وأشارت إلى أنه ينطلق من أفكار حزبية ضيقة، مقدماً مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين.

كما ضمت القائمة الثالثة شخصيات إرهابية ضالعة في الإرهاب، فبعضهم أعضاء عسكريون بارزون في تنظيم القاعدة فرع سوريا، وبعضهم مسؤولون عن تنفيذ عمليات إرهابية في مصر، ومتورطون في قضايا اغتيال، وبعضهم ممولون للجماعات الإرهابية في البحرين، وبعضهم محرضون على الإرهاب في ليبيا، ومحرضون على مهاجمة البنية التحتية النفطية فيها، وبعضهم قياديون في حركة الشباب الصومالية، التي نفذت عمليات إرهابية في الصومال، وبعضهم ممولون للميليشيات المسلحة في سوريا واليمن وغيرها، وكثير منهم مدرجون في قوائم إرهاب أخرى عربية وأمريكية وقوائم الأمم المتحدة، وهؤلاء جميعا يتلقون الدعم المباشر من قطر، وبعضهم استضافتهم قطر ومنحتهم حق اللجوء، وبعضهم مدراء في إدارات إغاثية قطرية، وبعضهم حظوا باهتمام خاص من قناة الجزيرة، التي روجت لهم ونقلت خطاباتهم الإرهابية.

ومما يثير الغرابة أنه في الوقت الذي تتصدى فيه الدول الأربع للإرهاب نجد أن قطر بدلاً من أن تراجع نفسها تتمحور حول هذه الشخصيات والتنظيمات الإرهابية، وتدافع عنها، ضاربة بالاتفاقات التي وقعت عليها عرض الحائط، وهي في سبيل ذلك تجند أبواقها لدعم رعايتها للإرهاب، فها هو القرة داغي أمين عام اتحاد القرضاوي يشرعن إيواء قطر للإرهابيين، ويسمي ذلك استجارة جائزة، فلا مانع عنده من إيواء قطر للإرهابيين والمجرمين والفارين من العدالة!! في منطق غريب لا يوافقه شرع ولا عقل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من آوى محدثاً»، والمحدِث من يجني على غيره ويأتي بفساد في الأرض، وإيواؤه تقديم الحماية له فكيف بدعمه؟! كما يدافع القرة داغي عن تنظيم الإخوان، ويتهجم على دول المقاطعة، في انحياز كامل للأجندات القطرية.

إن هذه السمة الغريبة لقطر واستمرارها في دعم الإرهاب وتنظيماته لدليل واضح قاطع على أنها ملتقى الإرهابيين، وأن خطرها لا يقل عن خطر إيران في رعاية الإرهاب ودعمه، وأنها ساهمت مساهمة مباشرة في المساس بأمن المنطقة، وتأجيج الصراعات فيها وتأزيمها، وإشعال البراكين التي تتقاذف حمم الموت والخراب، فكان من الضرورة المحتمة تعريتها، والتصدي لأدواتها الإرهابية من شخصيات وكيانات تعيث في الأرض فساداً، لتتنفس المجتمعات الصعداء، وتهنأ بالأمن والاستقرار.

Email