أجراس العروبة تدق

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن حادث الجمعة بمسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء مجرد استهداف لمصر فقط، إنما هو جزء من مخططات تفتيت المنطقة العربية بأكملها ولكن التركيز على مصر هو الهدف الأعلى في المخطط باعتبارها المفتاح إلى تحقيق سيناريو الفوضى بالمنطقة. وبالتالي عندما تسقط مصر فلا توجد مشكلة في باقي الدول وذلك حسب تقدير موقف التنظيم الدولي للإرهاب.

هذا الحادث الإجرامي جديد على الثقافة المصرية وهو الأول من نوعه في مصر الحديثة فهو لم يستهدف هذه المرة رجال الجيش والشرطة فقط بل استهدف مدنيين، الأمر الذي يعكس حالة الضعف التي وصلت إليها هذه الجماعة الإرهابية وبالتالي لجأت إلى الهدف الأسهل وهو الهجوم على المصلين في المسجد.

يحمل هذا الحادث الغاشم دلالات عديدة في مقدمتها: انه جاء في اليوم التالي لإعلان السلطات المصرية عن حدثين غاية في الأهمية، الأول: ضبط أكبر شبكة تجسس تعمل لصالح تركيا بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال العائدة من تلك الجريمة، والاتجار في العملة، فضلا عن أن تحريات المخابرات العامة المصرية كشفت عن اتفاق عناصر تابعة لأجهزة الأمن والاستخبارات التركية مع عناصر من تنظيم الإخوان الدولي، على وضع مخطط يهدف إلى استيلاء الإخوان على السلطة في مصر عن طريق إرباك الأنظمة القائمة في مؤسسات الدولة المصرية بغية إسقاطها.

ثانيا: نجاح قطاع الأمن الوطني المصري في إحباط مخطط يستهدف تصعيد العمليات الإرهابية ضد رجال القوات المسلحة والشرطة والمرافق الهامة والحيوية بالدولة وذلك بتكليفات من قيادات الجماعة الإرهابية بالخارج لعناصر ما يسمى بـ(تنظيم لواء الثورة) أحد أجنحة الجماعة المسلحة بتصعيد عملياتهم العدائية خلال الفترة المقبلة تنفيذاً لمخططاتهم الهادفة للنيل من أمن واستقرار البلاد.

ثالثا: البيان الذي أصدرته السعودية ومصر والإمارات والبحرين، والذي أدرج على قوائم الإرهاب «المجلس الإسلامي العالمي» و«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، بالإضافة إلى 11 فردا وأكد أن الكيانين المدرجين هما مؤسستان إرهابيتان «تعملان على ترويج الإرهاب عبر استغلال الخطاب الإسلامي واستخدامه غطاء لتسهيل النشاطات الإرهابية المختلفة».

رابعا: إدراك القائمين على هذه المخططات بأن مصر تعود بقوة إلى محيطها العربي من خلال النتائج القوية التي تحققها على أرض الواقع في ملفات عديدة في مقدمتها ملف المصالحة الفلسطينية واتفاقيات خفض التصعيد في سوريا وأيضا في جنوب السودان فضلا عن مهارتها في التعامل مع الملف اللبناني، وغيرها من الملفات المهمة التي أزعجت نجاحاتها أهل الشر وأسقطت رهاناتهم على انهيار مصر. كل هذه المتغيرات دفعت قوى الشر إلى التفكير في مثل هذا الحادث لبث الإحباط داخل المصريين.

لكن خابت آمالهم، وهذا الحادث الخسيس الجبان إنما يزيد المصريين صمودا ورسوخا وتحديا في مواجهة أهل الشر وتحقيق زوال هذا الإرهاب، ولن يثني رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية عن القضاء على هذه التنظيمات الإرهابية والثأر لأبناء مصر من المدنيين والعسكريين والوقوف على جثث الإرهابيين فوق أرض مصر الطاهرة. فلن تنجح وحشية هذه الجرائم في إحباط المصريين ولن يترك المصريون نقطة دماء واحدة بلا ثمن وسيكون الثمن غاليا فهذه المعركة كما وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي هي واحدة من أنبل المعارك وأن مصر تخوض حربا ضد الإرهاب نيابة عن المنطقة وعن العالم.

المعركة هنا معركة وجودية والأيادي المحركة من الدول الراعية والممولة لم تتوقف. اللعب القطري التركي لا يحتاج إلى أدلة. تقسيم وتفتيت المنطقة هدف استراتيجي. قوى التنفيذ جاهزة لمن يدفع أكثر.

وليس خافيا على أحد أن مصر كانت سباقة في دق أجراس الخطر داخل ردهات الأمم المتحدة وحذرت كثيرا من خطر قوى الظلام التي تحاول العبث. كما أن على الدول العربية أن تعي جيدا أن الحرب واحدة ومشتركة وأن التحديات كبيرة والخطر داهم لن ينجو منه أحد لكن المخطط له مراحل جغرافية، وبالتالي فإن الوحدة والتماسك العربي من أجل دعم مصر في حربها ضد الإرهاب بات الخيار الوحيد لأن البديل سيكون كارثيا على الجميع.

Email