تحركات إيران واضطرابات المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أستغرب كثيراً، دعوة الخارجية الإيرانية المفاجئة في هذا التوقيت المشبوه، مصر إلى تطوير علاقاتها مع إيران، وتبني وجهات نظر جديدة تجاه القضايا الإقليمية، تعيد لمصر دورها الرائد في المنطقة.

وتمكنها من فهم حقائق الموقف الإيراني، بما يوفر للبلدين المزيد من التفاهم والحوار المتبادل!، رغم أن العلاقات بين مصر وإيران تكاد تكون منقطعة منذ عام 1979، لم تشهد تطوراً يذكر على امتداد أكثر من 30 عاماً، إلى أن جاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، وزار محمد مرسى طهران عام 2012، وتبع ذلك زيارة قام بها الرئيس الإيراني أحمدي نجادي عام 2013، وبسقوط حكم المرشد وجماعة الإخوان، عادت العلاقات بين البلدين إلى جمودها السابق، لم تتحرك خطوة واحدة إلى الأمام.

بين الأسباب المهمة لجمود العلاقات بين البلدين، أن القاهرة ترى أن إيران ضالعة في مخطط إرهابي ضد مصر، وأنها تعطي لبعض الجماعات الإرهابية ملاذاً آمناً، وترفض تسليمهم لمصر، وأن طهران كانت إحدى المحطات المهمة للأفغان العرب في طريق ذهابهم وعودتهم من أفغانستان، فضلاً عن تمسكهم بإطلاق اسم قاتل الرئيس السادات على أحد شوارع طهران الرئيسة.

ولا يزال واحد من أهم أسباب استمرار الخلاف الإيراني المصري، تدخل طهران السافر في الشأن العربي، وسعيها المستمر لتمديد نفوذها في منطقة الخليج، وتدخلها السافر لإذكاء الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة الشرقية من السعودية، وفي جميع دول الخليج، رغم أن الجميع يعرف أن قطر مجرد أداة تعمل لحساب آخرين.

عندما يوجه الحوثيون صواريخهم الإيرانية الصنع من أرض اليمن، مرة إلى جدة ومرة إلى الرياض، لا بد أن تغضب السعودية، ولا بد أن يغضب العالمان العربي والإسلامي، لأنه عمل عدواني استفزازي ضد السعودية، يستهدف تصعيد الصراع الراهن إلى حالة حرب.

فضلاً عن أن القضية تتعلق بصميم الأمن العربي الذي يواجه تدخلات إيران على مستوى إقليمي في اليمن والخليج وسوريا ولبنان، حيث يتجاوز حزب الله وضعه كحزب لبناني شيعي، ليصبح أهم أدوات تدخل إيران في الشأن العربي، يصل نطاق تدخله إلى سوريا والعراق.

وربما اليمن ومصر بعد أن أصبح دولة داخل الدولة، بل فوق الدولة، يحارب في أي مكان في الشرق الأوسط، تشير إليه طهران أو تراه في صالحها، لأنه لم يعد حزباً لبنانياً وطنياً، تلتزم قراراته صالح لبنان، وإنما أصبح مجرد أداة لإيران، تعمل لحساب طهران في كل مكان، وعبئاً على لبنان الدولة.

السعودية تخوض الآن حرباً مستحقة ضد عدوان الحوثيين على الشرعية في اليمن، فضلاً عن انشغالها بمعركة تحديث وإصلاح مهمة، ولأن مصر أهم حليف للسعودية، تخوض هي الأخرى معركة ضارية ضد تحالف الإرهاب، الذي يربط بين داعش والسلفية الجهادية المسلحة وجماعة الإخوان.

إيران تعانى نقاط ضعف متعددة، يمكن استثمارها للرد على طهران، وأولها نظام حكم فقد الكثير من قوة شعبيته، وتنقسم فيه الحوزة الدينية الحاكمة على نحو عميق، بسبب الهوة الواسعة بين الإصلاحيين والمحافظين، ورغبة الشعب الإيراني المتزايدة في الانفتاح على العالم، وضيق أفق طهران، التي تصر على معاداة العرب، وتتدخل في شؤونهم، وتستفز السعودية بصواريخها التي يطلقها الحوثيون.

غضب السعودية كبير بسبب صواريخ إيران التي يطلقها الحوثيون من الأراضي اليمنية، وينبغي أن تخضع إيران لعقوبات دولية، بسبب رعايتها للإرهاب، تحت شعارات تصدير الثورة، وإمدادها الحوثيين بالصواريخ، التي يدعى حسن نصر الله أنها صواريخ يمنية الصنع.

 

Email