مكتبة غانم غباش تحكي الوفاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

غانم عبيد غباش (1946 ـ 1989) قنديل ٌ لن ينطفئ... كنت أتساءل مع نفسي، كم مضت من السنين وهو مازال حياً وما زالت الناس تذكره وتترحم عليه؟

أفتخر أنه كان أخي ومعلمي، وأفتخر أنه كان غيوراً على وطنه الإمارات وعلى أمته العربية، رحل بهدوء وصمت ولم يترك خلفه غير كتاباته وتلامذته، غير أحلامه وأفكاره ومشاكساته، وإرث آخر من المحبين الأوفياء.

يذكر شوقي رافع صاحب كتاب (غانم غباش..نفرح ونغير العالم) بعض ما قيل في غانم غباش فقال: وصفه الكاتب خالد كمال بأنه يقدر الكلمة «خلال سعيه نحو المعرفة تعلم كيف يقدر الكلمة ويقدسها، فجعل من الكلمة الملتزمة والنهج الملتزم رسالة حملها بأمانة وتجرد ونكران ذات وتحمل في سبيل ذلك الكثير».

وقال عنه المستشار إبراهيم بو ملحة: «عاش حياته مدافعاً عن رأيه منافحاً عنه بالقلم والبيان والمشاركة. مما يجعلك لا شك ترى فيه هذه الهمة وهذا التواصل والتمسك بالرأي والثبات على المبدأ حتى وقت الشدائد ومدلهمات الخطوب لا يبغي عنه بديلاً ولم يرم عنه تحولاً إلى آخر رمق من العمر».

وقال عنه الأديب عبد الغفار حسين: «إن غانم لو عاش حتى أيامنا هذه لكانت الإمارات عندها كاتب سياسي مفكر كبير تضعه في الصفوف الأولى بين الكتاب الكبار من العرب المعاصرين».

ولعل ما يقوله لنا التاريخ، إن أية أمة تكبر حين تعلي قدر كتابها وعلمائها ومبدعيها، الأحياء منهم والأموات، فهم المنارات التي تهتدي بها الأجيال وتقتدي، وفي شعب الإمارات، أمس واليوم قمم ومنارات عالية يحق لنا أن نفتخر بها وأن نتحدث عن أعمالها وسيرها، ومنطق الوفاء يفترض أن نعمل ما نستطيع كي نعطيهم حقهم من الذكر والإشادة التي يستحقون.

ومن منطلق الوفاء هذا، حرصت أن أوسع مكتبة رواقنا العامر (رواق عوشة بنت حسين الثقافي) لتحمل اسم الكاتب العربي والمواطن الإماراتي الذي حمل الوطن بين جوانحه ووجدانه حتى آخر يوم في حياته، فكانت (مكتبة غانم غباش) حيث تم افتتاحها من قبل حفيده مروان باحتفال مهيب حضرته النخب الثقافية من أصدقائه ومحبيه.

قلت كان يحب الكتاب، والهدية على قدر المهدى له، مكتبة تحمل خمسة آلاف كتاب في شتى صنوف العلم والمعرفة وهي في خدمة القراء وطلاب العلم وأي قارئ يود الاستفادة.

الذي استوقفني، أن قاعة المكتبة غصت بالحاضرين، أمر يشرح الصدر ذلك أن الناس تقرأ وتعرف قيمة الكاتب المخلص لقرائه والحريص على أهله ووطنه.

إحساس الناس بما يجود به الكاتب يبقى طرياً في قلوبهم حياً لو غاب هذا الكاتب أو واراه الثرى.

الكتابة ليست هواية لملء الفراغ أو عناوين تسطر في كتب لا هدف لها ولا تنطوي على ثيمة تخدم الناس والمجتمع، الكتابة مسؤولية والناس كلهم نقاد وإن غاب النقد الأكاديمي أو قصّر، هذا ما أدركته من خلال وقفة المثقفين الذين حضروا افتتاح مكتبة غانم غباش، كانت ثمة عبارة كتبتها أختي الشاعرة ساجدة الموسوي على الدعوة لافتتاح المكتبة وهي (غانم غباش قنديل لن ينطفئ)، أجل هو هكذا بما أعطى وطنه وأمته حتى آخر يوم في حياته رحمه الله.

 

Email