مصر في طريق النصر الحاسم على الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الثمن الكبير الذي دفعته مصر (ومازالت تدفعه) من دماء أغلى الشهداء، ومن الإضرار بالاقتصاد وحصار السياحة ومحاولة استنزاف الموارد.. رغم كل ذلك، فإن مصر تمضي في طريقها واثقة من نصر الله، ومن قدرتها على دحر الإرهاب واستئصال جذوره من كل أرضها.

حادث «الواحات» الأخير يأتي ليؤكد أن مصر تظل مستهدفة من قوى الشر، وأن من هزمهم شعب مصر وجيشها في 30 يونيو لم ينسوا مرارة الهزيمة التي أسقطت حكم عصابة الإخوان، وأسقطت معها أوهام سيطرتهم على كل العالم العربي بالتحالف مع كل الأعداء من القوى الإقليمية والدولية.

وتأتي معركة «الواحات» لتسلط الأضواء من جديد على الجبهة الغربية لمصر، بعد فترة كانت فيها سيناء والحدود الشرقية هي مكمن الخطر الأساسي منذ تركها حكم الإخوان العميل ساحة لعصابات الإرهاب.. ورغم أن شمال سيناء مازال يشهد بعض العمليات الإرهابية، إلا أنها تراجعت ومرشحة للانحسار شبه الكامل خلال الشهور المقبلة مع تزايد الضربات العسكرية من جيش مصر، ومع اتفاق المصالحة الفلسطينية وما يعنيه من إغلاق الأنفاق وتشديد الحصار على عصابات الإرهاب والأمر يختلف على الجبهة الغربية. حيث مازالت ليبيا تعاني الفوضى والانقسام.

وحيث تزداد المخاطر من تحولها إلى مقصد أساسي للعائدين من سوريا والعراق من الدواعش، ليكوّنوا مع عصابات الإخوان والقاعدة وغيرها مركزاً أساسياً للإرهاب في المنطقة، لا يهدد مصر فقط، بل يمتد تهديده لكل دول الشمال الإفريقي ولدول أوروبا وحوض البحر المتوسط.. خاصة أن هناك بالفعل حزاماً للإرهاب يمتد عبر الصحراء الإفريقية من موريتانيا وعبر مالي والنيجر وحتى الصومال، وإن كان النفوذ الأكبر في هذه المناطق لجماعات تتصل بـ«القاعدة».

بالنسبة لمصر.. فإن الخطر القادم من الغرب ليس جديداً، وهي تقاتله منذ اليوم الأول، كما تقاتل الخطر القادم من الجبهة الشرقية، وكما قاومت عصابة «الإخوان» وأسقطت حكمها، وضربت كل مخططاتها المدمرة بعد السقوط في 30 يونيو، قد تكون المخاطر الآن أكبر «بعد التدفق المتوقع للإرهابيين العائدين من سوريا والعراق» لكن مصر الآن غير ما كانت عليه في 30 يونيو.. والأوضاع العربية والإقليمية والدولية تختلف بما لا يقاس.

مصر بدأت معركتها ضد الإرهاب الإخواني ـ الداعشي بعد 30 يونيو، وهي لا تستند إلا على وحدة شعبها وجيشها، وتأييد غير محدود من الإمارات والسعودية وبعض الأشقاء العرب.. بينما كان العالم ينقسم بين متفرج على ما يحدث أو مستمر في رهانه على إخوان الشر ومخططات التدمير.

ومصر بدأت معركتها ضد الإرهاب، في وقت كانت قوى كبرى تفرض عليها الحصار، وكان عملاؤها في المنطقة يقدمون كل أنواع الدعم للإرهاب، يستميت في محاولة ضرب ثورة شعب مصر ليستعيد سيطرته على مقدرات الدول العربية الأكبر.

ومصر بدأت حربها ضد الإرهاب والمنطقة في أضعف حالاتها، ودول كبرى تمنع السلاح عن جيش مصر، وقوى إقليمية تسعى بكل جهدها لاستباحة الحدود وإيصال الدعم للعملاء من عصابات الإرهاب، والمنطقة ـ بتوافق دولي مشبوه ـ تترك لتستباح لنفوذ ملالي طهران أو الطامعين العثمانيين في خلافة جديدة!!

الآن.. الوضع يختلف، والصورة تغيرت بالكامل:

لم تعد مصر وحدها في مواجهة الإرهاب.. من حاصروا مصر بعد 30 يونيو يعترفون بالخطأ. ومن راهنوا على «الإخوان» لم يعد أمامهم إلا الإقرار بالهزيمة، ومن تصوروا أن الإرهاب الذي يصنعونه سيظل بعيداً عنهم أدركوا أنهم واهمون.. ومن حاولوا قصر الحرب على «الدواعش» وحصرها في سوريا والعراق يعرفون الآن جيداً أن الإرهاب ملة واحدة، وأن الحرب عليه لابد أن تكون مسؤولية العالم كله.

بعد يومين من معركة «الواحات» كان الرئيس المصري السيسي في باريس، وكان الرئيس الفرنسي ماكرون يعبر عن موقف أوروبي يدرك أن الإرهاب خطر على أوروبا بقدر خطره على مصر والعرب، وأن استقرار ليبيا وضرب قوى الإرهاب فيها ضرورة لأوروبا، كما لمصر والعرب وللعالم كله.

وفي نفس الوقت كان المشهد في المنطقة يتغير، عصابات الإرهاب تندحر في العراق وسوريا، الدول الداعمة «وفي المقدمة قطر» انكشف دورها وأصبح عليها الاختيار بين العزلة والقطيعة أو التوبة والتوقف عن جرائمها، إيران تدرك أن زمن استباحة الأرض العربية قد انتهى.. وتركيا تدفع فواتير وهم مد النفوذ واستعادة الخلافة.

ويبقى الأهم.. تخوض مصر الحرب على إرهاب الإخوان والدواعش على حدودها الشرقية والغربية.. في حماية جبهة داخلية موحدة وصلبة، ومع جيش لا ولاء له إلا لشعبه، واستطاعت الدولة أن تؤمن له أحدث الأسلحة مع تنوع مصادرها وتخوض مصر المعركة وهي تثق في أن الأمة العربية كلها تساندها، ما عدا القلة من الخوارج الذين دعموا الإرهاب ورأوا أن أعداء الأمة هم الأشراف!!

وتخوض مصر المعركة والرأي العام العالمي يدرك أنها كانت على حق حين أسقطت حكم إخوان الإرهاب.. وكانت على حق حين وقفت تقاتل عصابات الإرهاب فلا يدعمها إلا الأشقاء وفي المقدمة الإمارات شعباً وحكاماً ودولة، بينما كان العالم يتفرج أو يتحالف مع الشيطان ضدها. وكانت على حق حين نبهت إلى حقيقة أن كل الإرهاب يخرج من عباءة واحدة هي عباءة الإخوان وفكرهم الشيطاني. لم يكن حادث «الواحات» إلا تأكيداً على أن الحرب مستمرة، وأن النصر ـ بإذن الله ـ أكيد.. وقريب.

Email