امرأتان من ذهب

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان مداعباً جورج برنارد شو حين قال: من قال إن المرأة ليس لها رأي، المرأة لها كل يوم رأي جديد. لكن «الدنيا قلب الرجل، والقلب دنيا المرأة». فالمرأة ترى أعمق بينما يرى الرجل أبعد. كما قال شكسبير. ولو كان شو موجودا في زمننا هذا لغيّر رأيه.

فثمة امرأة اسمها أنغيلا ميركل اختارها الألمان لتحكمهم ولاية رابعة. وثمة امرأة اسمها حليمة يعقوب اختارها أهالي سنغافورة - هذا البلد الذي انتقل خلال أربعة عقود من أفقر الدول إلى قائمة أغناها - رئيسة لهم.

تعد حليمة أول امرأة من أقلية الملايو تشغل رئاسة البلاد منذ أربعين عاماً، وأول امرأة أيضاً تصل إلى هذا المنصب.

ولدت حليمة يعقوب 23 أغسطس 1954 في سنغافورة، والدها كان حارساً وهو مسلم من أصل هندي، ووالدتها تنتمي لأقلية الملايو، وهي مجموعة عرقية تتواجد في دول عدة مجاورة لسنغافورة. تزوجت عام 1980 من زميلها في الجامعة محمد عبد الله الحبشي، وهو عربي، ولهما خمسة أبناء.

عانت حليمة من الفقر في طفولتها، حيث توفي والدها وهي في سن الثامنة، واضطرت في العاشرة من عمرها إلى أن تساعد والدتها العاملة في دكان لبيع الأطعمة، وفي عمليات التنظيف والغسيل، وفي توزيع الأكل على الزبائن.

ورغم ظروفها الصعبة واصلت دراستها، وتقول في صفحتها عبر «فيسبوك» إن حلمها كان إنهاء الدراسة والحصول على وظيفة لمساعدة والدتها. لكن يبدو أن القدر كان أكثر طموحاً منها ليجعلها تساعد كل أهل سنغافورة البالغ عددهم نحون 5.469.700 نسمة.

تخرجت حليمة عام 1978 في جامعة سنغافورة الوطنية، وتحمل شهادة بكالوريوس في القانون بدرجة شرف، وفي عام 2001 حصلت على شهادة ماجستير بالقانون، وفي عام 2016 منحت شهادة دكتوراه فخرية في القانون من الجامعة نفسها. وترأست مجالس عدة مثل مجلس الإسكان والتنمية، ومجلس التنمية الاقتصادية، ومجلس أمناء جامعة سنغافورة الوطنية، وهي أيضاً عضوة في الهيئة الإدارية لمنظمة العمل الدولية التي تتخذ من جنيف مقراً لها.

اقتحمت حليمة عالم السياسة عام 2001 . وأصبحت في عام 2011 وزيرة للدولة.

أما المرأة الذهبية الثانية فهي أنغيلا ميركل أول امرأة تشغل منصب «المستشار» في تاريخ ألمانيا على الإطلاق، وقد دخلت التاريخ الألماني من أوسع أبوابه بعد أن أصبحت أول شخصية تنتمي إلى ألمانيا الشرقية تتولى أرفع المناصب في ألمانيا الاتحادية.

يعتبر العام 2000 هو الميلاد السياسي الحقيقي لميركل ففيه تولت رئاسة الحزب ومن ثم أصبحت زعيمة لكل المنضوين تحته، ووقتها بدأت العمل على تكوين تحالف من الأحزاب المسيحية في ألمانيا. وفى العام 2005 فازت ميركل على المستشار، جيرهارت شرويدر، وبعد التحالف الذي نجحت فيه وشكلته من الحزبين «المسيحي الديمقراطي» و«الاجتماعي الديمقراطي»، عُينت مستشارة للبلاد التي أخذت في النمو والاستقرار على نحو متزايد.

أطلق عليها الألمان لقب «الأم»، نظراً لمواقفها الاجتماعية خاصة من مسألة اللاجئين السوريين تلك التي كادت تعصف بها في العام 2015، بالرغم من أن وسائل الإعلام العالمية تلقبها بـ«المرأة الحديدية».

توصف ميركل، البالغة من العمر 63 عاماً، بأنها «ملكة التقشف» و«زعيمة العالم الحر» الجديدة، بعد أن سجلت أطول مدة في الحكم في أوروبا بتوليها ولاية رابعة على رأس أقوى اقتصاد أوروبي. فيما يرى فيها لاجئون طوق نجاة لهم. وبعكس الرئيس الأميركي الأهوج دونالد ترامب الذي بدأ حملته وعهده بالعداء للإسلام والمسلمين فإن التاريخ يسجل لميركل عدم عنصريتها وعدم طائفيتها حيث قالت «إن الإسلام بات جزءا من ألمانيا»وطالبت مواطنيها بإظهار التسامح تجاه المسلمين. وأكدت على ضرورة أن يكون الشعب الألماني منفتحاً على الإسلام، وأن يقولوا «نعم إنه جزء منا».

أمامنا نموذجان مبهران للمرأة كونها ليست نصف المجتمع بل هي التي تنجب وتربي وتدلل المجتمع وعند الضرورة تقوده إلى الاستقرار والأمان والدفء أيضاً !! فلا تخشوا أن تفتحوا الأبواب للمرأة العربية لتتولى الوزارات والمؤسسات والحكومات فهي أمّنا جميعاً.

 

 

Email