محمد بن راشد والمشاريع الحضارية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن القادة الأفذاذ يصنعون الحضارات، ويبنون الأمم، ويقودونها نحو قمم الأمجاد، ليبعثوا أنوار الخير والحضارة للإنسانية جمعاء، ومن هؤلاء القادة الأفذاذ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أضحى شعلة وقَّادة في زمن التحديات، وقائداً استثنائياً في مختلف الميادين والمجالات، وخاصة ميادين العلم والمعرفة والتنمية وبناء الحضارة وبث الأمل وصناعة التفاؤل والرؤية المستقبلية المشرقة.

«إن أكبر إنجاز لأي قائد ليس صناعة الإنجازات، بل صناعة الإنسان»، هذه هي نظرة القائد الملهم وهذه كلماته النيرة، لأن الإنسان هو العقل المفكر، والروح المتألقة، والطاقة المبدعة، وهو صانع الإنجاز، فأكبر إنجاز هو صناعة الإنسان نفسه، وبناؤه من جميع النواحي، وخاصة النواحي العلمية والأخلاقية، لأن العلم أساس التطور والرقي، ومفتاح بناء الحاضر والمستقبل، والأخلاق سياج الأمة المنيع، وجوهرها المرصَّع، وخاصة قيم الرحمة والإحسان والبذل والتطوع وعمل الخير.

وإيماناً بهذه المعاني أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الكثير من المبادرات المتميزة التي تدفقت على أرجاء الوطن العربي، لتحفز الطاقات الكامنة وتستثمرها، وخاصة الطاقات الشبابية، لأن الشباب هم قلب الأمة النابض، وزهرة حاضرها وصُناع غدها، قال الشيخ محمد بن راشد: «شباب العرب تواقون ومبدعون وقادرون متى ما توافرت لهم الفرص والبيئة الصحيحة».

ومبادرات سموه الحضارية كثيرة متنوعة، منها على سبيل المثال «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة» لدعم البرامج التعليمية والأبحاث العلمية وتطوير الشباب وتأسيس مجتمعات معرفية، وكذلك «جائزة محمد بن راشد للغة العربية» للنهوض باللغة العربية ونشرها وتسهيل تعلمها وتعليمها.

وكذلك «مؤسسة دبي العطاء» لتعزيز تعليم الأطفال في البلدان النامية، ومبادرة «أمة تقرأ» لتوزيع 5 ملايين كتاب على الأطفال في مخيمات اللاجئين وفي المدارس المحتاجة حول العالم، ومبادرة «تحدي القراءة العربي».

وهو أكبر مشروع لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، ومبادرة «تحدي الترجمة» ضمن «مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي» لترجمة 11 مليون كلمة في 5000 فيديو تعليمي، وإيصالها إلى الطلاب العرب بشكل إلكتروني مجاني، وغيرها من المبادرات الكثيرة.

إن هذه المشاريع الحضارية الكبيرة تعكس حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على رقي وطنه وأمته، والنهوض بالشباب واحتضانهم واستثمار طاقاتهم، كما تعكس بجلاء الرؤية الثاقبة لسموه تجاه الأحداث والتحديات، ونظرته العميقة في التشخيص والعلاج، لوضع الدواء المناسب الفعَّال لمكافحة الأمراض والأسقام الفتاكة، وخاصة مرض التطرف والإرهاب، الذي يحتاج علاجه إلى اجتثاث أفكاره وتغيير الظروف السلبية التي تساعد على نموه.

ولقد كانت دولة الإمارات برؤيتها الاستباقية المستنيرة منارةَ وقايةٍ وعلاجٍ ضد مختلف التنظيمات الإرهابية، وعندما كشرت داعش عن أنيابها المسمومة، وعملت على تشويه صورة الإسلام، وبث الأفكار الوحشية؛ كان العلاج في دولة الإمارات علاجاً شاملاً متميزاً، أشرقت معه شموس الأمل في المنطقة لتبدد تلك الغيوم السوداء.

وكانت مشاريع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إحدى هذه الشموس المتلألئة التي كافحت ظلمات الإرهاب بأنوارها الساطعة، وأوقفت زحف هذا الغزو الفكري المدمر والتهديد الحضاري، وعملت على إنقاذ الشباب العرب من براثن هذه التنظيمات عبر مشاريع ومبادرات حضارية.

وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في مقاله «داعش التي وحدت العالم» إلى خطورة البنية الفكرية للتنظيمات الإرهابية، والظروف التي تساعد على ظهورها، وأكد ضرورة مواجهة هذا الفكر الخبيث بفكر مستنير، كما أشار إلى أهمية المشاريع والمبادرات الفعالة لتحقيق التنمية الشاملة وتحسين التعليم والصحة وغيرها كحلول مضمونة لمكافحة الإرهاب.

وهذه الرؤية العلاجية الثاقبة ترجمها سموه عملياً من خلال المشاريع الحضارية التي أطلقها ويطلقها باستمرار لاحتضان الشباب العرب، واستثمار طاقاتهم، وتطوير مهاراتهم، وتغذيتهم بالمعرفة، وتزويدهم بالأمل والتفاؤل، وتوجيههم نحو المسارات الإيجابية.

إن أهمية هذه المشاريع الحضارية كبيرة، لأنها تفتح أمام الشباب العرب أبواب الأمل والعمل، الأمل في مستقبل مشرق أفضل، والعمل على تحقيق الإنجازات التي تخدمهم وتخدم مجتمعاتهم وأوطانهم وأمتهم، وتمثل هذه المشاريع سداً منيعاً أمام التيارات المتطرفة، التي تحاول اختطاف هؤلاء الشباب واستغلال ظروفهم، وما قد يمر به بعضهم من الجهل والأمية والبطالة ونقص الوعي واليأس والإحباط.

ومن سمات هذه المشاريع الحضارية أنها تستثمر التكنولوجيا الحديثة، لتطوير أساليب التعليم، ومنها التعليم الإلكتروني، الذي يوظف آليات الاتصال الحديثة والتقنيات التي أصبحت اليوم في متناول أيدي الجميع، ولهذا النوع من المشاريع إيجابيات كثيرة، منها تيسير وصول العلم للشباب، وتوجيههم لاغتنام التقنيات الحديثة في تعزيز العلم وبناء الحضارة، ومكافحة الأنشطة الإلكترونية الهدامة التي تسعى لتدمير الشباب وخاصة الأنشطة الإرهابية.

كما أن هذه المشاريع نافذة حضارية تعكس للعالم الصورة المشرقة للعرب والمسلمين، وتصحح الصور المشوهة عنهم لدى البعض والتي كرستها عوامل عدة من أسوأها التنظيمات الإرهابية، ليرى العالم صورتهم الحقيقية، صورة نابعة من جذور حضارة كبرى أنارت العالم قروناً كثيرة، وهي قادرة على أن تعيد نفسها بعقول أبنائها وابتكارهم وطموحهم.

قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «لا بد من أن تتغير نظرة العرب بشكل عام لقدراتهم ومعاناتهم، لا بد من أن تكون لديهم ثقة بأن بإمكانهم تغيير واقعهم، وتغيير العالم من حولهم، والإيمان بإمكانية تحولهم لقوة عظمى اقتصادياً وسياسياً وعلمياً خلال فترة بسطة من الزمن.. منطقتنا منطقة حضارات، نحن صناع حضارات».

 

 

 

Email