خفض ضريبي في أميركا للأغنياء فقط

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حفلاً في حديقة البيت الأبيض للجمهوريين أعضاء مجلس النواب بعد تمريرهم خطة الرعاية الصحية الخاصة بحزبهم بهامش ضئيل للغاية.

وكانوا يحتفلون بما دعاه ترامب «الفوز»، من دون أي تفكير بشأن عواقب ما فعلوا.

لم يقرأ أي شخص منهم القانون الذي صدر قبل بضعة أيام فقط قبل التصويت عليه. وقد جرى التصويت قبل أن يتمكن مكتب الميزانية في الكونغرس المكون من أعضاء من الحزبين من إصدار تقييم منقح عن تكاليفه وتأثيراته.

وهذا القانون يشكل ما يمثل سدس اقتصادنا الوطني، وصناعة كانت مصدراً رئيسياً لنمو الوظائف. لا تقلقوا، يقول الجمهوريون في مجلس النواب، كان علينا أن نحصل على الفوز، فانسوا المضمون.

ولا ينبغي أن يشعر الأميركيون بالقلق فحسب، بل بالغضب، إذ إن القانون الجمهوري سوف يرمي الملايين عملياً خارج الرعاية الصحية، ويضع الأشخاص الذين يعانون من أوضاع مرضية موجودة مسبقاً في خطر، كما سيرفع الأقساط خاصة على العمال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 50 و64، في سبيل منح تخفيضات ضريبية هائلة للأثرياء جداً.

في اجتماع المساهمين السنوي في بركشاير هاثاواي، وصف المستثمر الملياردير وارن بافت القانون على ما هو عليه: «خفض ضريبي هائل لأمثالي»، إذ سوف يحصل الـ400 الأغنى في أميركا على تخفيضات ضريبية تقدر بنحو 7 ملايين دولار في السنة.

ومن أجل الدفع مقابل ذلك، سيفقد الملايين تغطيتهم، فيما الملايين الآخرون، الطاعنون في السن وأولئك المتمتعون بأوضاع صحية موجودة مسبقاً في الولايات المختلفة، سيشهدون ارتفاعاً كبيراً في أقساط التأمين، وسيصبح التأمين باهظاً لا يمكن تحمل تكاليفه.

لماذا كان عليهم تمريره؟ الهدف هو توفير تخفيض ضريبي هائل آخر للمانحين الأثرياء وشركاتهم خلال التصويت على «التسوية» حول الموازنة المقبلة.

كان عليهم القيام بهذه التخفيضات الضريبية لما يسمى «التسوية» لأن هذا يسمح لهم، وفقاً للقواعد الغامضة للكونغرس، بتمرير القانون بـ50 صوتاً فقط، بأصوات الجمهوريين فقط.

من أجل الحصول على ما يدعوه ترامب «أم التخفيضات الضريبية»، يريد الجمهوريون أن يخفضوا الضرائب من أوباما كير في التسوية حول الموازنة للسنة المالية 2017 (وهذه تستمر حتى سبتمبر المقبل) ومن ثم يحصلون على قاعدة أدنى ينطلقون منها لخفض الضرائب في التسوية للسنة المالية 2018 (الميزانية التي تبدأ في 1 أكتوبر).

وسوف تدفع الخفيضات الضريبية للأثرياء بمرض ووفاة ملايين الأشخاص الذين لا يملكون تأميناً.

السناتور الجمهوري جون ماكين انتقد مجلس النواب على تمريره من دون تقدير التكاليف لمكتب الميزانية في الكونغرس قائلاً: «أريد معرفة التكلفة المترتبة عليه».

تقدير المكتب سوف يظهر ما نعرفه أصلاً من التقديرات الأخيرة، بأن ملايين الأشخاص سوف يخسرون تأمينهم، فيما سيحصل الأغنياء على ملايين الدولارات من التخفيضات الضريبية.

وقد قام مدير تنفيذي سابق في شركة تأمين، هو ريتشارد أسكو، بإجراء حساباته. مستخدماً أفضل التقديرات حول عدد الوفيات التي يمكن تفاديها من عدم وجود تأمين صحي مع العودة إلى «ميدكياد»، ومع سحب الحماية للأوضاع الصحية الموجودة مسبقاً. ومقارنتها بالتخفيضات الضريبية التي سوف يحصل علها الـ400 أميركي الأغنى من أمثال بافت الذي يجني كمتوسط أكثر من 300 مليون دولار في السنة، خرج بالآتي:

وفيما يلي تقديره للتكلفة الحقيقية: عشرة أشخاص سوف يتوفون تحت قانون الجمهوريين لإعطاء كل واحد من الـ400 الأغنى في أميركا تخفيضات ضريبية. سوف يحصلون مقابل كل وفاة، على 787151 دولاراً.

وكما لاحظ أسكو، فإن المنتفعين الأغنياء من المرجح أن لا يعرفوا من سيخسر حياته نتيجة لسحب التأمين الصحي منه. ومع أن 700,000 ليس مبلغاً كبيراً لمليونير كبير، بيد أنه مجرد فاتح شهية للكعكة الكبرى التي سيحصلون عليها من خطة تخفيضات الضريبية لترامب التي ستلي ذلك.

13 رجل أبيض غني سوف يصيغون خطة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وسوف يقررون هوية الملايين الذين ينبغي سحب التأمين الصحي عنهم من أجل الدفع مقابل التخفيضات الضريبية التي ستصل إلى العديد منهم. وسوف يقرون ما إذا كانوا سيحرمون النساء ذوات الأجور المتدنية من خدمات الرعاية الصحية «للأمومة» المقررة، وسوف يقررون كم عدد الوفيات المطلوبة لتغطية التخفيضات الضريبية للأغنياء جداً.

قطعة عمل شنيعة لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً.

Email