سبل تحسين العلاقات الأميركية الروسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتعرض للتصدع أجزاء عدة من البنيان الروسي الأميركي الخاص بالحد من التسلح وعدم انتشار الأسلحة النووية، وذلك بسبب مزيج من السلوك الروسي والإهمال الأميركي. السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان لفريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإرادة والمهارة لإصلاح تلك التصدعات قبل أن ينهار البنيان بأكمله.

ومما يزيد من تعقيد الجهود واقع أن العلاقات الأميركية الروسية هي في مستوى متدن تاريخياً، في أعقاب الادعاءات بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتدخل في أوكرانيا وتصاعد دائرة العقوبات والردود الدبلوماسية الانتقامية. ويحض المجتمع المعني بالحد من التسلح إدارة ترامب على العمل مع روسيا لمعالجة المشكلات الكبرى في التعاون بين البلدين قبل فوات الأوان.

يقول المدير التنفيذي لهيئة الحد من التسلح، داريك كيمبل: «التوترات المستمرة مع موسكو زادت خطر انهيار بنيان الحد من التسلح والأسلحة النووية الذي أقامه كل من الرؤساء الأميركيون جورج بوش ورونالد ريغان وباراك أوباما»، مضيفاً: «علينا أن نكون حذرين في المبالغة برد فعلنا المدمر ذاتياً، بسبب انزعاجنا من روسيا».

ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية ووزير الدفاع جيم ماتيس ومجلس الشيوخ، فإن روسيا كانت تنتهك المعاهدة على مدى سنوات، ولا تسمح بالرحلات الجوية فوق أجزاء رئيسية من أراضيها وتأخذ الخطوة الإضافية في إبقاء الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأخرى بعيداً عن متناول حقوق المعاهدة.

ويريد الكونغرس من الحكومة الأميركية وضع قيود على الرحلات الروسية ورد الصاع بالصاع. ويفضل بعض القادة العسكريين رؤية زوال المعاهدة تماماً، وذلك بسبب المعلومات التي تستطيع روسيا جمعها بالنظر إلى التقدم في التكنولوجيا.

ويقول مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية الليفتانت جنرال فنسنت ستيوارت أمام إحدى لجان مجلس النواب في مارس: «كنت أود أن أنكر على الروس حصولهم على هذه القدرات».

ويدرس المسؤولون في إدارة ترامب معاهدة الأجواء المفتوحة كجزء من مراجعة شاملة بين الوكالات لسياسة عدم الانتشار. ويجب أن يضعوا في الاعتبار إنها توفر الشفافية في روسيا، ليس فقط للولايات المتحدة لكن لحلفاء أميركا أيضاً.

في نوفمبر خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، اجتمعت وزارة الخارجية الأميركية مع الخارجية الروسية بشأن معاهدة «أي إن إف». لكن لم تكن المحادثات مثمرة، وتبذل الآن جهود لاستئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأنها، حيث اجتمع وكيل وزارة الخارجية توماس شانون مع نظيره الروسي سيرغي ريابكوف في واشنطن في 18 يوليو واتفقا على عقد «مباحثات استقرار استراتيجي» في المستقبل القريب.

المسؤول عن القضية حتى شهر يناير في وزارة الخارجية الأميركية توماس كونتريمان، قال إنه إذا وضع الكونغرس الولايات المتحدة في حالة انتهاك للمعاهدة، أو إذا انسحب ترامب منها، فان البلاد ستمنى بخسارة.

يقول: «بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن إنهاء المعاهدة لن يفعل شيئاً لتعزيز أمننا القومي، سيكون الأمر عبارة عن انتصار في العلاقات العامة لموسكو، وسوف نبذل كل ما في وسعنا للسعي وراء حل أقل جذرية».

وكان شانون وريابكوف قد تعهدا أيضا بمواصلة المشاورات بشأن معاهدة «ستارت الجديدة»، التي تحد من انتشار الأسلحة النووية بعيدة المدى. تلك المعاهدة المقرر تمديدها في 2021 هي أيضاً في خطر. الاتفاق على تمديدها الآن سوف يعزز الثقة على المدى الطويل في المعاهدة، ويساعد في استقرار العلاقات، يقول كونتريمان.

في أول مكالمة هاتفية بينهما بعد تنصيب ترامب رئيساً، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوتين تمديداً لمعاهدة «ستارت الجديدة» لكن ترامب رفض ودعا المعاهدة اتفاقاً سيئاً بعد أن توقف لبرهة ليسأل مساعديه عما تدور.

وليس وراء المستوى المتدني الحالي للعلاقات بين البلدين السلوك الروسي السيئ في الحد من التسلح، بل التدخل الروسي في ديمقراطيتنا، لكن التعامل مع قضايا الحد من التسلح باستخدام الدبلوماسية الصعبة بالتعاون مع الحلفاء يمكنه أن يقدم لترامب طريقة لتحقيق ما يزعم أنه مبتغاه الأول، ألا وهو طريق لتحسين العلاقات بين البلدين. وفي سياق ذلك، يمكنه أيضاً تجنب سباق تسلح آخر.

 

 

Email