شماعة العداء لإسرائيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أن يكون العرب «أفراداً وجماعات» أصحاب موقف معادٍ لإسرائيل ومع الفلسطيني في كفاحه من أجل حريته وكرامته وتحرير أرضه المغتصبة فهذا من طبيعة الأمور، وهو أمر لا يمنح أحداً أي امتياز كان. بل قل إن موقفاً معاكساً لهذا الموقف هو الذي يدعو للدهشة والاستغراب والإدانة.

بدأت بهذا القول الواضح والمتميز في صحته كي أدلل على أمر ذي أهمية ألا وهو: ليس العداء لإسرائيل جوازاً يتيح لصاحبه ارتكاب الشر بحق الإنسان، فليس من المنطقي والضروري والواقعي والأخلاقي أن يكون العداء لإسرائيل وثيقة حسن سلوك يحق بموجبها الاعتداء على المجتمع والشعب والإنسان.

فما أن تتوجه بالنقد إلى حزب الله، وهو أحد الأحزاب الطائفية في لبنان، حتى ينبري نفر من الكتبة للرد عليك بالقول: ولكن حزب الله معادٍ لإسرائيل ورمز المقاومة.

لا شك بأن صاحب هذا القيل ذو عقل ميكانيكي وأيديولوجي لأنه يجعل من سبب واحد وحيد معياراً للحكم والتقويم وفهم الظواهر، حتى لو افترضنا جدلاً بأن قوله على جانب من الصحة، فهل يظن بأن العداء لإسرائيل سبب كافٍ للوقوف إلى جانبه.

فابن القصير مثلاً الذي احتل حزب الله مدينته وشرّده منها سيكون معادياً لحزب الله حتى لو حرّر فلسطين، فابن القصير ينطلق من مأساته التي وقف وراءها حزب الله، ومن حقه أن يراه قد أتى عملاً إجرامياً.

وحزب الله الذي أيد نظاماً دكتاتورياً قتل ستين ألف سجين لن ينال من أهل القتلى إلا كل احتقار.

وحزب الله الذي اغتال الحريري وسمير قصير وغيره في لبنان لن يشفع له قتلاه في الجنوب أمام سنة لبنان.

وحزب الله الذي احتل بيروت كقوة غازية لن تجديه شعارات الممانعة في كسب ود أهل بيروت الغربية. ويمكن الاستمرار وفق هذا التحليل طويلاً.

والحوثي يعلق اللافتة المكتوب عليها الموت لإسرائيل، ثم يحتل الحديدة وعدن وصنعاء. فماذا يعني الموت لإسرائيل قولاً وزرع الموت في اليمن عملياً؟!

ماذا يعني أن تعلن حماس العداء لإسرائيل ومع التحرير الشامل، ثم تجعل من غزة مكاناً غير قابل للعيش.

ما معنى أن تعلن دولة العداء لإسرائيل كإيران ومن ثم تقوم سياستها مع جيرانها العرب على زعزعة استقرارها عبر صناعة ميليشيات ضد منطق الدولة وتصدير «الثورة الزائفة».

إن قضايا الحرية والتحرر والاستقرار والحق قضايا لا تتجزأ. المواقف من حق الإنسان بالحياة وبالكرامة لا تتجزأ، أن تكون مع الشعب الفلسطيني وحريته يعني أن تكون مع الشعب السوري في كفاحه النبيل من أجل الحرية والتحرر والكرامة، أن تكون معادياً لإسرائيل يعني أن تكون مع اليمن والعراق وسوريا ضد القوى الطائفية والميليشياوية وداعميها. أن تكون ضد إسرائيل لا يعني أن تدعم الإرهاب في هذا البلد أو ذاك.

بل إن جعل العداء لإسرائيل شعاراً من أجل اقتراف الشر ليس عملاً سياسياً مرفوضاً فحسب، بل هو سلوك لا أخلاقي بالمرة. فضلاً عن أن نتائجه على قضية شعب فلسطين سلبية جداً. لأن في نقيصة أخلاقية كهذه يُخلق نوع من الملل من كل خطاب متعلق بفلسطين وتفقد القضية جديتها وحضورها في الوعي.

Email