منح «إكسبو لايف».. دعم مبادرات مبدعة لخدمة البشرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شعور رائع انتابني وأنا اتفحص طلبات الحصول على منح الابتكار المؤثر التي يقدمها برنامج إكسبو لايف التابع لإكسبو 2020 دبي. فعلى الرغم من أن الابتكار أهم ما ندعمه وندعو إليه، وبالتالي نهيم بخيالنا لتصور الأفكار التي قد يحملها لنا من ندعمهم، إلا أن الجهد المبذول في كثير من البلدان والمجتمعات فاق تصوراتنا.

إن برنامج إكسبو لايف واحد من الفعاليات المهمة لإكسبو 2020 دبي، وهو يدعو أصحاب الحلول والأفكار الخلاقة من مختلف أنحاء العالم إلى تقديم حلول مبتكرة تؤثر في المجتمعات، على أن تكون هذه الحلول في مرحلة العرض أو التطبيق.

وقد يكون هؤلاء من رواد الأعمال الأفراد أو الشركات الصغيرة والمتوسطة، أو المنظمات غير الربحية، أو حتى المؤسسات المرتبطة بالحكومات. ولا يقتصر هدف البرنامج على تحديد الحلول التكنولوجية المتطورة فحسب، بل يسعى إلى توسيع نطاق تأثيرها على المستوى العام للمساهمة في تحسين حياة البشر.

لقد توقفت عند كثير من التجارب الإبداعية التي تفحصتها، وانكببت على الكثير منها أفحصه وأدقق فيه، لا من باب التدقيق المهني الواجب ولاتخاذ قرار بشأن استحقاق المنحة من عدمه وحسب، بل لقد كان لديّ اهتمام شخصي بمعرفة إبداعات البشر في أنحاء مختلفة من العالم. هي تجارب مثرية للغاية، وملهمة للغاية.

ونحن في إكسبو نفخر بأن نخاطب هذه التجارب وندعمها ونستلهم منها لنفيد بلادنا ومنطقتنا، بل وعالمنا. ومن بين 28 تجربة وقع اختيارنا عليها استرعت انتباهي على وجه التحديد تجربة فريدة مبدعة بشكل يفوق التصور. تجربة تظهر كيف يضع الأهالي أيديهم على المشكلة ويحلونها بجهودهم الذاتية دون تدخل رسمي.

هناك، في جزيرة مارجاريتا التابعة لفنزويلا مؤسسة للتمويل الريفي تدعى «فونديفير». وهي منظمة غير حكومية صغيرة توفر خدمات مالية للتجمعات السكانية والأفراد الذين لا يمتلكون مؤهلات.

غياب المؤهلات والشروط هو ما جعل النظام المالي الرسمي يمتنع عن التعامل معهم. إنها منظمة غير ربحية هدفها تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات من خلال تقديم تعليم مالي للناس ومعالجة عدم تمكنهم من التعامل مع موارد التمويل التقليدية.

وتستهدف «فونديفير» التجمعات السكانية قليلة الدخل وتساعد أفرادها على التعلم على كيفية التمويل الذاتي. فأنشأت «بنوكاً تعاونية» تسمح للمجتمعات أن تستثمر أموالها بجهد جماعي. هذا النظام يساعد الناس على أن يكونوا هم أنفسهم بنوكاً لتمويل احتياجاتهم. فيجمعون المال من تجمعاتهم السكانية ويقدمون قروضاً لمن يحتاجها.

وضمن ما تقدمه المنظمة برنامج شامل لمحو الأمية المالية. هكذا ببساطة.. يحلون مشكلة التمويل لديهم بشكل تعاوني ذاتي مبدع، بعيداً عن تعقيدات النظم المصرفية وشروطها الخانقة التي لا تنتهي والتي تشل حركة أي مستثمر ناشئ وتثبط عزيمته.

وكان لا بد أن يحصل هذا البرنامج على منحة منا في إطار برنامج الابتكار المؤثر التابع لإكسبو لايف، فالأمر يتجاوز كثيراً الجانب المالي، يتجاوزه إلى رسالة إكسبو بدعم الابتكار والنهوض بالبشرية إلى مستقبل أفضل مستدام.

وربما لا يتسع المجال هنا لعرض تفصيلي بالجهات العديدة التي أرسلت لنا أفكاراً مبدعة هدفها تذليل العقبات أمام التقدم البشري وتسهيل حياة الناس عموما. ولن أشرح فكرة الكمبيوتر الناطق الذي طورته شركة إف 123 البرازيلية لخدمة المكفوفين، كما لن استعرض مؤسستي كودير دوجو وإيد تيك غير الربحيتين في دبلن بآيرلندا اللتين تقدمان حلولاً تمزج التكنولوجيا والأمن والتعليم. وفازت هذه المؤسسات جميعاً بمنح من برنامج منح الابتكار المؤثر.

إن برنامج منح الابتكار المؤثر من أبرز فعاليات مبادرة إكسبو لايف، ويفتح باب تقديم طلبات المشاركة، مرتين سنوياً. وهذه الدفعة من المنح هي أول دفعة في المبادرة. ويركّز البرنامج على معالجة التحديات في مجالات «الفرص» و«التنقل» و«الاستدامة».

فمنح التنقل هدفها دعم ابتكار وسائل تسهّل حركة البشر والسلع والأفكار عن طريق معالجة مختلف القضايا والتحديات على صعيد النقل والسفر والاستكشاف والتنقل الشخصي والشؤون اللوجستية والربط الرقمي. وتسعى مِنَح «الفرص» إلى إطلاق العنان للقدرات والإمكانات الإبداعية للأفراد والمجتمعات بمعالجة التحديات في مجالات التعليم والتوظيف والصناعات الجديدة ورأس المال الاستثماري والحوكمة.

بينما تعمل مِنَح «الاستدامة» على تشجيع اتباع أسلوب عيش يساعد في الحفاظ على توازن كوكب الأرض الذي يحتضننا عن طريق معالجة قضايا وتحديات عديدة. من ضمنها النظام البيئي والتنوع الحيوي والموارد الطبيعية والمدن المستدامة والمواطن الطبيعية والتغير المناخي والنمو الأخضر.

تلقى برنامج إكسبو لايف 575 طلباً استجابة للدعوة الأولى لتقديم الطلبات. وبعد دراسة وتدقيق وتمحيص، تمت تصفية هذه الطلبات إلى 28 طلباً فائزاً، حصل كل منها على منحة تسهم في دعم الابتكار ودعم التأثير في حياة البشر.

إن العالم يشهد تطورات متسارعة، ونتطلع بمبادرة إكسبو لايف إلى المساهمة في هذه التطورات عبر تمويل وتسريع وتشجيع عملية تطوير حلول مبتكرة لها تأثيرات وانعكاسات اجتماعية إيجابية. فهدفنا تحقيق غاية نبيلة تخدم الصالح العام، وتوفير منصة تعاونية تدعم وتدفع عجلة الإبداع البشري.

وقد اتضح مما شهدت في الطلبات المقدمة أن الحلول المبتكرة التي وصلتنا وستصلنا إن شاء الله في هذا البرنامج لن تساهم في إثراء قدراتنا ومعارفنا وخبراتنا فحسب، بل ستظهر أيضاً الإمكانات والقدرات الإبداعية التي يمكن تحقيقها والاستفادة منها، عبر مبدأ «تواصل العقول» الذي يمثل صُلب وجوهر أنشطة إكسبو 2020 دبي.

هذه رسالتنا، وهذا هو إكسبو 2020 دبي. وجهة عالمية للإبداع والابتكار وخدمة الإنسان عموما. وفي عام الخير لا بد لي أن يكون وجهة عالمية للعطاء أيضاً.

 

Email