هجمات ظالمة على عبدالناصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتفق مع مبادئ ثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر أو تختلف معها، يصعب إن لم يكن من المستحيل إنكار أنها تستأثر باهتمام الداخل والخارج بدرجة شديدة ولم تهدأ محاولات النيل منها.

عندما نحلل عدداً محدوداً من نماذج الهجوم لضرب مبادئ يوليو وإنجازاتها،والتشدق بأخطاء يوليو وكلها تقريبا،أخطاء نقلت شعب مصر من حالة التردي في ظل احتلال متوحش وملكية فاسدة،إلى الانطلاق نحو مستقبل يليق ببلد وُصف بأنه فجر الضمير ولا تزال عبقريته في بناء الأهرام لغزاً لم تنجح كافة وسائل التكنولوجيا والتقدم العلمي،في فك شفرته حتى اليوم.

الغريب والمحزن في ذات الوقت أن يتأسس الهجوم على يونيو وزعيمها،على نفس نظريات إسرائيل وأميركا وغيرهما من أعداء الحلم المصري، فأنت تتابع مذهولاً الهجوم المتجدد سنوياً على قرار تأميم قناة السويس،دون حياء،وكأن سنوات استغلالنا،منذ حفرها،أمر طبيعي واسترداد القناة جريمة أو في أحسن الأحوال خطأ جسيم،لأن بريطانيا كانت ستعيد لنا القناة بعد سنوات معدودة.

لا يتطرق أي من الحكماء إلى مشروعات توسيع القناة التي ملأت أدراج البريطانيين والفرنسيين، وأبسط سؤال هو،كيف تنكر أية جهة حق المصريين في استعادة جزء من أرض وطنهم.

أذكر أنني شاهدت فيلماً وثائقياً فرنسياً عن تأميم القناة يتهم عبد الناصر بسرقة قناتهم، وينبري الحكماء عندنا،مؤكدين،خطأ عبد الناصر في الدخول في معارك كلفتنا حرب السويس وعرضتنا للعدوان الثلاثي.

نفس المنطق استخدم ولا يزال في انتقاد بناء السد العالي الذي حمانا من الموت عطشاً في سنوات الجفاف الرهيبة التي ضربت المنطقة في سبعينات القرن الماضي.

من أخطاء يوليو الفادحة التي يدعونها، مساعدة الشعب العربي على التحرر من الاستعمار،مثلما حدث مع الجزائر بما أثار ضغينة الاستعمار الفرنسي بدرجة مفزعة، وكذلك من أخطاء يوليو التي لا تغتفر،إرساء العدالة الاجتماعية بين أبناء الشعب الواحد،ومنح فرص التعليم والتقدم والارتقاء إلى أبناء العمال والفلاحين.

أنهت الثورة مجانية التعليم العالي واحتكار طبقة معينة بهذا النوع، اعتبرت أن أولاد الفقراء لا بد أن يظلوا يرزحون تحت وطأة فقرهم ومن يخرجهم من هذه الدائرة الجهنمية،مشكوك به.

السياسات التي طبقت في مصر بعد رحيل عبدالناصر،أدت إلى إفقار مصر،بما سُمي الخصخصة،فتمت تصفية العديد من المصانع وإغلاق بعضها،وتجد من يدافع عن سياسة الانفتاح واتهام عبد الناصر بعدم مواكبة العصر، ولا يقولون لنا ماذا جنينا من مكاسب جراء تلك السياسة.

اتهم الحكماء عبد الناصر بأنه يريد زعامة العالم العربي،وكأن محاولة تحقيق حلم الوحدة،الذي أرق أعداء مصر جريمة كبرى،بينما لدينا كل مقومات الوحدة،من ارض مشتركة إلى لغة مشتركة،بينما يقبلون الوحدة الأوروبية بمختلف أعراق ولغات بلادها.

موسم الهجوم الشرس،الذي تخصصت فيه أقلام وصحف وقنوات،لما يقرب من نصف قرن،لم يحقق الهدف منه وستظل ثورة يوليو علامة فارقة في تاريخ مصر والوطن العربي والعالم،وسيظل قائدها،جمال عبد الناصر،موضع هجوم الأعداء وأيقونة ذهبية في قلوب الملايين على مر السنين وكما قال الشاعر العربي السوري الكبير نزار قباني:

تضيق قبور الميتين بمن بها،وفي كل يوم أنت في القبر تكبر.

Email