لماذا تخون قطر عروبتها؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمس كان يوم عيدها الخامس والستين، ثورة العرب الكبرى التي انطلقت في 23 يوليو 1952 لتنقل مصر ومعها العالم العربي كله من حال إلى حال.

كان على مصر أن تخوض معارك ضارية لتصل إلى هذا العام الحاسم في تاريخ العرب والعالم كله، عام 1956 وهو العام الذي أنهت مصر فيه احتلالاً بريطانياً دام ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن، ثم أعلن عبد الناصر القرار التاريخي بتأميم قناة السويس.

وبعدها كان العدوان الثلاثي وانتصار مصر والعرب الذي أنهى قروناً من الاستعمار القديم وفتح أبواب التحرير أمام الشعوب العربية وأمام شعوب العالم الثالث كلها، ولتنطلق الآمال – بعد ذلك – في نهضة عربية تقوم على الوحدة والتنمية وتعويض كل سنوات التخلف الذي تم فرضه على الوطن العربي.

كان أحد أعظم تجليات ثورة يوليو أنها استعادت مصر للعرب، وأنها أنهت الصراع المفتعل حول مصر، وأكدت أن عروبتها ليست تاريخاً فقط، بل هي الحاضر والمستقبل، بكل ما يعنيه ذلك من تحمل للمسؤولية، ومن تقديم للتضحيات، ومن تعرض للضغوط والمؤامرات من قوى عالمية تعودت أن يكون العالم العربي مجرد مسرح لصراعاتها، ومن قوى إقليمية تكاتفت جميعها لتحاصر ثورة يوليو، ولتمنع، بالتآمر وبالقوة أو عن طريق العملاء، أن يمضي العرب في طريق الوحدة والتقدم.

ولعلنا اليوم أحوج ما نكون لتذكر تلك الصفحات من النضال العربي، ومن العداء للعروبة الذي جمع بين تركيا وإيران وإسرائيل، ومعهم على الدوام كانت جماعة «الإخوان» وكل الجماعات المتاجرة بالدين، الخائنة للأوطان، المعادية للعروبة!

خاضت ثورة يوليو العربية بقيادة عبد الناصر معارك هائلة من أجل مصر والعرب، تقدمت وتراجعت. انتصرت وانهزمت، لكنها أبداً لم تنكسر ولم تتخل عنها الملايين في أنحاء الوطن العربي لأنها لم تتخل عنهم أبداً، لم تسلك يوماً طريق العدوان.

ولم تقف يوماً في صف الأعداء، ولم تتردد يوماً في أن تكون درعاً لكل عربي على حق مهما كان الثمن، وسيطول الحديث لو توقفنا عند التفاصيل، لكن دعونا فقط نتذكر أن أعداء مصر والعرب تمكنوا من اصطياد مصر في كارثة 67 مستخدمين حشد جيوش تركيا على حدود سوريا وهم واثقون أن مصر لن تسمح بغزو سوريا، وأن عبد الناصر لن يتردد في نصرة الأشقاء.

ليس بعيداً عن كل ذلك، أن نجد أنفسنا اليوم أمام هذا المشهد الذي يجسده النظام القطري وهو يخون عروبته، ويفتح أبواب قطر الشقيقة أمام كل أعداء الأمة، ويحول ثروات شعب قطر إلى دعم للإرهاب وسلاح للتآمر على أشقائه في الخليج، وعلى الشقيقة الكبرى مصر التي يدرك العرب جميعاً، بمن فيهم الشعب الشقيق في قطر، أنها «عامود الخيمة» التي لا يستقيم البناء العربي إلا بها، ولا يتحقق الأمن ولا الاستقرار في الوطن العربي إلا باستقرارها.

ما أسوأ هذا المشهد الذي يقدمه النظام القطري ونحن نحتفل اليوم بثورة العرب الكبرى في 23 يوليو التي قادها عبد الناصر لنجد اليوم نظاماً يخون كل ما جسدته ثورة العرب، وما تطلعت إليه آمال شعوب الخليج العربي والأمة العربية كلها.

ما أسوأ المشهد القطري، وحكامه يفتحون أبواب قطر الشقيقة أمام العساكر الأتراك ليحموهم، ويقيمون جسور المودة مع إيران ويشاركون لجولتين في اختراق الأمن الخليجي والعربي، مستعينين بإعلام الجزيرة التي باركتها عميلة المخابرات الإسرائيلية «تسيبي ليفني» وهي تتفقد استوديوهاتها في الدوحة قبل سنوات.

وترى عملاء الإخوان يحتلون شاشاتها ليؤدوا مهمتهم الحقيرة في التحريض ضد الدول الخليجية والعربية، والدعوة لنشر الخراب والدمار في أنحاء وطن عربي ابتلى بأمثال «حمد وحمد» ليجعلا من قطر نقطة التقاء بين كل أعداء الأمة.

ولتكون مقاطعة هذا النظام فرض عين على كل العرب، حتى يعود النظام لرشده أو يفرض شعب قطر الشقيق إرادته على أمثال حمد بن جاسم الذي لم يتورع يوماً عن تأكيد اكتشافه العظيم أن العروبة خرافة وأن على العرب أن يتخلوا عن عروبتهم كما تخلى هو عنها ليستبدل بها أتراكاً وأعاجم وإخواناً، وإسرائيليين يباركون الجزيرة ويحاصرون الأقصى.

كم هو مرير حصاد عشرين عاما من تآمر النظام القطري على أشقائه منذ انقلاب التسعينيات، وكم هو مثير للشجن والأسى أن تتحول الدوحة إلى ملاذ لكل أعداء الأمة، وأن تضطر دول المقاطعة إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لحفظ أمن الخليج العربي، ولإيقاف التآمر القطري على كل ما هو عربي، وكم هو محزن أن يتمادى النظام القطري في طريق الخطيئة.

بينما العالم العربي كله يدرك بعد التجارب المريرة التي مر بها أنه لا نجاة إلا بوحدة الصف، ولا طريق إلا بإحياء جديد لأمل الوحدة العربية ومشروعها القومي الذي جسدته يوماً ثورة يوليو المجيدة التي تحتفل الأمة العربية اليوم بعيدها الخامس والستين، بينما «نظام الحمدين» يختطف قطر الشقيقة ويحيلها إلى ملاذ لكل أعداء الأمة، ولكل المتآمرين على خليج لن يكون إلا عربياً.

 

 

Email