انتهازية إسرائيلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قطار الانتهازية الإسرائيلية لا يتوقف عند حد، وإنما ينطلق نحو هدف أكثر خطورة، هذه الأيام، عكسته دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو لتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا.

جاء ذلك خلال اللقاء الذي جمعه بسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي الأسبوع الماضي، مدعياً أنه آن الأوان للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل الأونروا، وأن تدمجها في مفوضية اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية كونها - من وجهة النظر الصهيونية، متهمة بإطالة أمد قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدلاً من حلها وممارسة التحريض ضد إسرائيل ودعم الإرهاب.

من دون أدنى اجتهاد أو البحث عن أسباب خفية للتحرك الإسرائيلي لتفكيك الوكالة التي أنشئت في عام 1949 بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة للتعامل مع مأساة اللاجئين والتخفيف من الآثار الإنسانية التي نجمت عن جريمة العصابات الصهيونية، التي دبرت المذابح وارتكبت المجازر بحق الشعب الفلسطيني الذي تم تشريد ثلثيه وإبعادهم عن ممتلكاتهم وديارهم لتشكل عامل استقرار في المنطقة إلى جانب إنجازاتها الإنسانية على صعيد خدماتها الأساسية في مجالات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الاجتماعية، فهذا التحرك بكل تأكيد يمثل محاولة صريحة ومكشوفة لتصفية الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة.

تؤكد تقارير عديدة في هذا الشأن أن إسرائيل بدأت محاولات تفكيك الأونروا منذ زمنٍ بعيد، لأن وجودها بعد بمثابة اعتراف دولي بالحق الفلسطيني المسلوب، حق اللاجئين، وهو الحق المزعج لإسرائيل، حيث ينص على حقهم في العودة أو التعويض.

وفي إطار هجومها على هذه المنظمة الدولية، جمعتْ ثمانمئة وخمسين ألف إسرائيلي مهاجر من دول العرب، وقامت بتوثيق سجلاتهم عبر إعلانات في الصحف الإسرائيلية للمساومة على حقوقهم باعتبارهم لاجئين، لكي تطالب الأمم المتحدة بمعاملتهم بالمثل، كما الفلسطينيين،على الرغم من أن أغلبيتهم هاجروا بمحض إرادتهم، ولم يُهجَّروا كالفلسطينيين.

كما ظهرت محاولات التفكيك بوضوح خلال اجتماع ليبرمان أثناء زيارته لواشنطن مارس الماضي بوزير الخارجية الأميركي تيلرسون ومايك بنس نائب الرئيس وطالَبَهما بإعادة النظر في الدعم المالي للأونروا.

لأن المؤسسة الدولية التي تشرف على تعليم اللاجئين الفلسطينيين تسمح بالتحريض على إسرائيل في مناهج التعليم الفلسطينية، هذه المناهج تغفل دولة إسرائيل من مقرراتها وخرائطها، وتذكر الطلاب بمدن وقرى آبائهم وتخلد أسماء الشهداء في الشوارع.

لا عجب في ذلك، فقطار الانتهازية الإسرائيلية لا يعرف للتوقف معنى، ولا يفوت قادته أي فرصة، ولا يضيعون الوقت في سبيل تعظيم مكاسبهم الإستراتيجية، وأغلب الظن أنهم لن يجدوا أفضل من تلك الظروف التي تعيشها أمتنا العربية، سواء أكانت حروباً أهلية مريرة أم صراعات حادة على السلطة أو عمليات إرهابية خطرة.

 

Email